الاحساس بالاخرين نعمة كبيرة من الله عز وجل ..ومن يفقد هذا الاحساس دائما مايتصفه الاخرين ب"الانانية" ويحظى على كراهية الناس .. فلماذا لايتواجد فى قلوبنا ولو ذرة أحساس بالوطن الكثير يعرف أن مصر تعيش مرحلة انتقالية صعبة .. أن مصر الحزينة كل يوم تودع أبنائها الابرياء.. اذن لماذا كل هذا الجفاء..أين مصر الطيبة ..مصرَ الهرمْ ..مصرَ المهابةِ والقيادةِ والهِممْ ..مصرَ الصبوحةِ مثلَ طفلٍ يبتسم..مصرَ الطليقةِ مثلَ سَيلٍ يَحتدِم..مصرَ الأنيقةِ والرقيقةِ والمليئةِ بالنِّعَمْ ..وأين القاهرة "بنت الذين" القاهرة.. مدينة الألف مأذنة، والمليار تناقض.. بلد كل حاجة وعكسها.. الحرامي والعصامي..القاهرة الساترة السافرة ..القاهرة الثائرة الظافرة.. صدى الهمس في الزحمة والشوشرة.. أسى الوحدة في اللمة والنتورة.
اليوم أرىمصر فى ثوبها المتسخ الممزق الذى لا يحمي ولا يستر فكان شعب مصر هو ثوبها الانيق الذى يحميها فأين شعبك يا مصر درع الزمان فلا تسألي غيره في البناء ولا تنظري حسرة للوراء فهيا اضحكي مثلما كنت دوما فإنك في الأرض سر البقاء..ويا حب عمر عشقناه عشقا بكل الخطايا وكل النقاء .وياابن بلدى مايأثر فيك الكلام ولا العتاب والملام ولا حتى الخصام حرام والله حرام فاليوم رأيتك يا مصر جسما نحيلا ..فأين الجمال وأين البهاء؟ وأين ثيابك عند الربيع وأين عبيرك ملء الفضاء؟ سلبناك كل الذي تملكين ..سرقنا النذور قتلنا الحياء ..ظلمناك دهرا تركناك نهبا لليل السجون وذل الغباء .
مصرَ التي كانتْ كأروعِ ملحمةْ ..عَرضُوها في سوقِ النِّخاسةِ..ثم بِيعَتْ للكلابِ،وللرِّمَم والفقر والجهل والخيانة والبلطجة أنتشروا فى بلد السلام ..أينَ السلام ؟ مصرُ التي باتت نصفُها أيتام.. مَن قالَ عن هذا سلام؟أنا ما خرجتُ يا سيدي عن مِلَّةِ الإسلام ولكنى أستيقظت على أرضها مُسودَّةً بالحبرِ والدمِّ الحرام .. والسلطان يكذب ويؤكد أننا نعيشُ ننعمُ بالوئام؟ نعم السيد السلطان يجلس يبتسم .. فلتسألوهُ : هل التَزم حلفَ القسم؟ يا سادتي والله أعلم ربَّما ..كان القسم :(واللهِ منكم يا كلاب سأنتقم)وقد انتقَم ..ولكن أعود من جديد حتى أردد كلام العبيد الكلُّ فينا مُتَّهَم ومن يستطيع إن يَنفِى التُّهَم .
لاشك أن ما عانته مصر راجع إلي المواثيق الدستورية والطبائع البشريةوالاغراءات المادية,ولكن هو السؤال الذى يؤلمنى ويتسبب فى عدم نومى سؤال الضمير هل حقا نجحت الثورة وعادت حقوق الشهداء لترفرف فى سماء مصرنا ؟ شُهداؤُنا أرواحُهم تأتي إلينا في المنام ..اذن ايها السلطان كيف تنام؟ ..مازلتُ أسمعُ صوتَهم ..صوتَ الأنينِ من العظام صوتًا يُنادينا ويَصرُخُ دائمًا ولكن مكتوب علينا نصرخ ولا حد يسمع!!