نشرت صحيفة الجارديان مقالا اوردت فيه ان الثورات بطبيعتها شؤون لا يمكن التنبؤ بها. ثورة مصر ليست استثناء. بعد مرور أقل من عامين، حققت بسرعة هدفها الأساسي و هو- الإطاحة بدكتاتورية حسني مبارك. و يبدو ان الهدف الثاني و هو - إنشاء نظام سليم للحكم الديمقراطي يقبله غالبية المصريين - أكثر صعوبة. هذا ليس من المستغرب. لا يمكن بناء المؤسسات ذات مصداقية بالدولة بين عشية وضحاها في حين انها لم تكن موجودة من قبل. لا يتم تفريق المصالح الخاصة على الفور والنظام القديم ينهار. لا يصبح الساسة فجأة صادقين.
شهد الأسبوع الماضي في مصر وصول التوترات بين العديد من الإسلاميين والعلمانيين، والليبراليين و المحافظين، و الأقباط والمسلمين حول اتجاه بلدهم في المستقبل الي ذروتها. ما يزعجنا حقا هو درجة الاستقطاب التي عرضت الاشتباكات العنيفة حول القصر الرئاسي و التبادلات السياسية اللاحقة للخطر.
ووصف شهود عيان القتال بين أنصار الرئيس محمد مرسي من الإخوان المسلمين وجماعات المعارضة , و مشاهد من الدمار والفوضى في القاهرة شارك فيها آلاف الغوغاء من المدنيين الغاضبين، و شملت القنابل الحارقة والمسدسات والضرب بلا شفقة، و وقوع القتلى والجرحى بالمئات، باختصار، انها معركة شاملة كانت الشرطة والجيش بها إما عاجزين أو يظهروا استعدادا للتوقف.
هذا لم يكن اختلاف في الرأي. فقد كان انفجار من الكراهية، يعكس عدم الثقة مذهلة، حذر منه معلقون انه يمكن أن يشكل بداية لحرب أهلية. تختمر المواجهة منذ فترة طويلة والآن اصبحت في العراء، و يكمن الخطر في أنه يجري تعزيز خطوط المعركة السياسية والمادية إلى المكان الذي سيعمر أكثر من الحجة الحالية للدستور الجديد. يدرك المصريون بالتأكيد ان ثورتهم وصلت الى نقطة تحول و تتعرض لخطر وخيم.
بعد كل هذا القتال وسفك الدماء، هناك حاجة ملحة لحل وسط. قد لا يكون إصرار محمد البرادعي وغيره من زعماء المعارضة أنه قبل استئناف أي حوار ، يجب إلغاء مرسي الاستفتاء على مشروع الدستور 15 ديسمبر في المصلحة الوطنية. و يبدو ان إعلان مرسي عن الغاء سلطات الطوارئ الجديدة الواسعة التي أثارت موجة أحدث من الاضطرابات في مصر الشهر الماضي خطوة أولية في الاتجاه الصحيح، حتى لو كان من غير المرجح ان ينال عرضه لفتح حوار دستوري استرضاء معارضيه.
لمزيد من تسهيل المحادثات، يجب علي مرسي ان يجعل العرض جيدا لتعديل مزيد من المواد المكروهة من مشروع الدستور وقبول أن دفع قانون جديد أساسي من خلال جمعية تأسيسية قاطعها الكثير لهيمنة الاسلاميون وحلفاؤهم عليها ليست وسيلة توافقية أو معقولة لبناء مصر الجديدة. وبالأخص، لا بد من مراجعة الشروط التي من شأنها أن تمنع التدقيق البرلماني للجيش.
وينبغي أيضا علي مرسي إسقاط جنونه بالعظمة، وإدانة العنف من أجل تحقيق دقيق. على هذا الأساس أكثر هدوءا، يمكن للجانبين، وفصائلهما التي لا تعد ولا تحصى، البدء في إعادة بناء الثقة المتبادلة التي ظهر افتقادها لها في الانتكاسة في السلوك الأسبوع الماضي. لديهم الخيار. إنها مسألة القيادة.