يعتبر المصريون ثورتي يوليو ويناير هما أعظم ثورتين في تاريخ مصر برغم أن كثير من النشطاء الحاليين يعتبرون ثورة يناير إنهاءا لحكم ثورة يوليو التي وضعت العسكر حكاما لمصر – على حد قولهم - . عندما انتصر الجيش في الإنقلاب العسكري على الملك فاروق ونظامه ووقوف الشعب بجانبهم حاول مجلس قيادة الثورة أن يطووا صفحة الماضي إلا ان الفاسدين لم يكونوا عند حسن ظن مصر في هذه اللحظة العصيبة , فلم يتوانى مجلس قيادة الثورة في محاكمة الخونة الذين استباحوا ثروات البلد وداسوا على الغلابة بأحذيتهم وأفسدوا الحياة السياسية في مصر .
فقام مجلس قيادة الثورة بعد مرور أكثر من عام على الثورة بإقامة محكمة ثورية لمحاسبة الفاسدين ..
وكانت المحكمة في عابدين حيث احتشد الآلاف من أبناء شعب مصر الطاهر فى مساء يوم الثلاثاء الموافق 15 ستمبر عام 1953 وسط ميدان الجمهورية للإستماع لبيان مجلس قيادة الثورة الذي ألقاه اللواء محمد نجيب والبكباشي جمال عبد الناصر والصاغ صلاح سالم ..
وكان البيان بإختصار يتحدث عن أن الجيش كان يريدها ثورة بيضاء وفتح صفحة جديدة مع الجميع إلا أن الفاسدين لم يتركوا مجالا لذلك حيث عادوا لفسادهم وتخيلوا ان الثورة انتهت وكل شيء عاد إلى ما كان لذلك وجب على الجيش انتصارا للثورة وليس لأنفسهم أن يحاكمهم – على حد البيان - ..
وقد جهت محكمة ثورة 1952 تهمة الخيانة إلى ثلاثين متهما فى محكمة تاريخية ثورية عادلة يشهد لها التاريخ دون التفريق بين أحد من المتهمين وهم : 1- المتهم إبراهيم عبد الهادى: رئيس الديوان الملكى ورئيس الوزراء سابقا ورئيس حزب السعدى المنحل ووجه إليه تهمة:الإتصال فى سنة 1953 بجهات أجنبية تهدف بالاضرار بالنظام الحاضر وبمصلحة البلاد العليا وعمل فى سنة 1948 على الزج بجيش مصر فى معركة فلسطين قبل أن يتخذ الجيش أهبته لخوض غمارها كما أشاع حكم الإرهاب أثناء رئاسته للوزراء سنة 1948- 1949 ومساعدته لأعوانه الأسباب التى يسرت لهم قتل الشيخ حسن البنا .
صدر الحكم عليه بالإعدام ثم خفف بعد ذلك إلى السجن المؤبد ومصادرة كل ما زاد عن ممتلكاته وأمواله عما ورثه شرعا وأفرج عنه لأسباب صحية فى فبراير 1954 .
2- المتهم أحمد محمد عوض :عامل بالجيش البريطانى وتهمته: عمد فى سنة 1952 الى تقديم تقارير وتبلغيات الى جهات أجنبية ضد الفدائين فى حوادث القنال حكم علية باعدام وخفف الى الاشغال الشقة المؤبدة .
3- المتهم البكباشى سعد الدين السنباطى : ضابط بوليس وأتهم بالتستر فى سنة 1953 على آخرين عمدوا على الاتصال بجهات اجنبية تهدف الى الاضرار بالنظام الحاضر ومصلحة البلاد العاليا وحكم عليه بالبراءة .
4- المتهم البكباشي اسماعيل المليجى : ضابط بوليس وتوجهة اليه تهمة التستر فى سنة 1953 على آخرين عمدوا على الاتصال بجهات اجنبية تهدف الى الاضرار بالنظام الحاضر ومصلحة البلاد العاليا وحكم عليه بالبراءة .
5- المتهم ابراهيم فرج : وزير سابق ومحام امام محكمة النقض واتهم بالاتصال فى سنة 1953 بجهات اجنبية تهدف بالاضرار بالنظام الحاضر وبمصلحة البلاد العليا وساهم مساهمة فعالة مع جماعة سرية ذات نظام هدام ترمى الى مناهضة نظام الحكم والاضرار بمصالح البلاد وحكم عليه بالسجن 15 سنة وافرج عنة صحيا .
6- المتهم احمد نصيف :وكيل مكتب خبراء مصر بوزارة العدل وتوجهة اليه تهمة العمل ضد مصلحة الوطن وترويج اشاعات كاذبة وحكم عليه بالأشغال الشقة المؤبدة .
7- المتهم زكى زهران: اميرالاى بالمعاش واتهم بالعمل ضد مصلحة الوطن وترويج اشاعات كاذبة وحكم عليه باشغال الشقة 15 سنة .
8- المتهم مصطفى شاهين: منهدس توجهت اليه تهمة العمال ضد مصلحة الوطن وترويج اشاعات كاذبة وحكم علية باشغال الشقة 15 سنة .
9- المتهم محمود صبرى على: موظف بالجيش البريطانى ومتهم بالتجسس لحساب الانجليزخلال الكفاح الشعبى فى القناة سنة 1952 والاشتراك فى تعذيب الفدائين وخيانة الوطن والتعاون مع القوات المعادية للبلاد وحكم علية بالإعدام شنقا ونفذ الحكم فيه .
10- المتهم حسن السيد أحمد وشهرته حسن قدرى : تاجر بالاسماعلية ومتهم بخيانة الوطن والتجسس والتعاون مع قوات معادية وحكم عليه اشغال شقة مؤبدة .
11- المتهم عطية عزيز جندى : تاجر بميت غمر واتهم بخيانة الوطن والتجسس والتعاون مع قوات معادية وحكم عليه بالبراءة .
12- المتهم ابراهميم اسماعيل على : موظف بالجيش البريطانى ومتهم بخيانة الوطن والتجسس والتعاون مع قوات معادية وحكم عليه اشغال شقة 15 سنة .
13- المتهم حسن حسن محى الدين : تاجر بالاسماعلية ومتهم بخيانة الوطن والتجسس والتعاون مع قوات معادية وحكم علية بالبراءة .
14- المتهم محمود شكرى: صحفى وموظف بمصلحة البريد والمتهم بالاتصال بجهات أمنية ومدها بمعلوملت ضارة بالبلاد والمصلحة الوطنية وحكم علية بالسجن 10 سنوات .
15- المتهم السيد كريم ثابت : مستشار صحفى الملك السابق سابقا واتهم انه فى غضون سنة 1953 عمد الى الاتصال بجهات اجنبية تهدف الى الاضرار بالنظام ومصلحة البلاد العليا وآتى بأفعال ساعدت على افساد الحكم والحياة السياسبة واستغل نفوذه استغلالا لم يرع فيها مصلحة الوطن فى غضون المدة من سنة 1946وما بعد ذلك انة : أ - بحكم صلته الرديئة بالملك السابق عمل توجيه وجهات تتعارض مع مصلحة البلاد من النواحى الخلقية والادبية والمادية الامر الذى كان لة أسوأ الأثر فى الحياة السياسية . ب - فى عام 1949 بوصفه مستشارا صحافيا للملك السابق سعى من جانبه للحصول على عمولة من إحدى الشركات الكبرى فى مقابل تدخلة لابرام اتفاق لصالح نلك الشركة يضر بمصلحة البلاد ج - وفى غضون عام 1948 و1949 بوصفة مستشار صحفى للملك السابق استولى لنفسة دون وجة حق على مبلغ ثلاثة آلاف جنية ثم على الفى جنية من اموال مستشفى المواساة بالاسكندرية وحكم علية بالاشغال الشقة المؤبدة ومصادرة كل مازاد عن اموالة وممتلكاتة واموال وممتلكات زوجته عما كان يملكانة قبل 27 مايو سنة1946 وافرج عنة صحيا.
16- المتهم الفريد عوض مخائيل : عامل بالجيش البريطانى والمتهم بالتجسس لحساب دولة أجنبية ومدها بتقرير وبيانات ومستندات رسمية لها صفة السرية المطلقة يقصد بذلك الاضرار بسلامة البلاد ومصلحتها العليا وحكم علية بالاعدام شنقا ونفذ الحكم .
17- المتهم محمد عزت محمد راغب : موظف بادارة الابحاث الفنية واتهم بالتجسس لحساب دولة اجنبية ومدها بتقرير وبيانات ومستندات رسمية لها صفة السرية المطلقة قاصد بذلك الاضرار بسلامة البلاد ومصلحتها العليا وحكم عليه بالاعدام شنقا ونفذ الحكم .
18- المتهم بولس مكسيموس سويحة : موظف بادارة الابحاث الفنية واتهم بالتجسس لحساب دولة اجنبية ومدها بتقرير وبيانات ومستندات رسمية لها صفة السرية المطلقة قاصد بذلك الاضرار بسلامة البلاد ومصلحتها العليا وحكم عليه بالاعدام شنقا ونفذ الحكم .
19- المتهم محمود سليمان غانم : وزير سابق ومحامى:واتهم فى غضون سنة 1953 اشتراك فى نشاط جماعة سرية ذات مبادئ هدامة بوسائلها غير مشروعة الى مناهضة النظام والاسس التى قامت عليها الثورة وغى سنة 1950-1951 اتى افاعلا ساعدت على الحكم والحياة السياسية واستغل نفوذة استغلالا لم يرع فيها مصلحة الوطن اثناء توليه وظيفته العامة فى البلاد وحكم علية بالسجن 15 سنة مع وقف تنفيذ كافة الاجراءات التى اتبعت فى اراضى ناحيتى مريوط وطهواى ومصادرة تلك الاراضى لصالح الشعب .
20- المتهم الدكتور أحمد محمد النقيب : مدير مستشفى المواساة سابقا والذى اتهم بافعالا ساعدت على افساد الحكم وذلك انة فى غضون سنة 1952 وما قبلها بحكم صلتة الوثيقة بالملك السابق تصرف تصرفات اضرت بمصلحة البلاد وسمعتها واتى افاعلا استغل فيها نفوذه دون مراعاة مصلحة الوطن وذلك انة فى غضون سنة 1952ومل قبلها بصفته مدير مستشفى المواساة بالاسكندرية تصرف فى اموال المستشفى لمنفعة الملك السابق وآخرين تصرفات أضاعت على المستشفى مبلغ يزيد على 60 الف جنية وحكم عليه بالسجن لمدة 15 سنة ومصادرة كل مازاد عن امواله وممتلكاته التى باسمه أو باسم ابنائه عما كان لديه فى شهر ستمبر عام 1939 .
21- المتهم زكى محمد شحاتة : عامل مطبعى ببورسعيد واتهم بالتجسس لصالح الاعداء وحكم علية بالشغال الشاقة المؤبدة .
22- المتهم محمد حلمى حسين : سائق الملك سابقا واتهم باستغلال التفوذ وحكم علية بتجريده من رتبته العسكرية ونياشينة واعفاؤة من السجن لمرضة ومصادرة اموالة التى التى الية وذويه منذ سنة 1944.
23- المتهم عبد الغفار عثمان : قائمقام بالمعاش ووجهت إليه تهمة التعاقد على صفقة من صفقات الاسلحة والاخيرة الفاسدة وحكم علية بالسجن 15 سنة وتجريدة من رتبته العسكرية والنياشين والميداليات ومصادرة ما زاد من امواله واموال زوجته على عام 1946 .
24- المتهم محمد كامل القاويش : محافظ القاهرة سابقا واتهم بافساد ادارة الحكم بتدخله بقصد حفظ تحقيقات الاسلحة والذخيرة الفاسدة لتجنيب رجال حاشية فاروق بالمحاكمة الجنائية وحكم عليه السجن لمدة 15 عاما مع وقف التفيذ وتجريده من شرف المواطن .
25- المتهم شارل بولس يوسف : عامل بالجيش البريطانى واتهم فى غضون عام 1952 قيامه بالاتصالات خطيرة مع جهات اجنبية بقصد الاضرار بالوطن ومصلحة البلاد العليا وحكم علية بالسجن 15 عاما .
26- المتهم احمد عبد الغفار : وزير سابق واتهم بالمساعدة على افساد الحكم استغلال النفوذ لمنفعته الشخصية وحكم عليه بالزامه برد تكاليف شق مصرف الجيار مبلغ 63 الف جنية قيمة ما استفادة نتيجة لانشاء المصرف وسجلت لة المحكمة موقفة ضد ضغيان فؤاد وفاروق .
27- المتهم حسن عزت العدوى : مراقب بلاج التعاون بالاسماعلية والمتهم باتصال بجه اجنبية عام 1953 والتجسس لحسابها والاتصال بموظفين عموميين وتحريضهما على العمل معه لحساب تلك الجهة قاصد الاضرار بمصلحة البلاد العليا وحكم عليه بالسجن لمدة 15 سنة .
28- المتهم السيد عباس حليم : نبيل من اسرة محمد على واتهم بانه فى عام 1952 وما قبلها عمد الى الاتصال بجهات اجنبية بقصد الاضرار بمصلحة البلاد العاليا وحكم عليه بالسجن 15 عاما مع ايقاف التنفيذ .
29- المتهم السيد فؤاد سراج الدين : وزير سابقا وسكرتير حزب الوفد وتم توجيه تهمة خيانة امانة الحكم من يناير سنة1959 الى يناير سنة 1952 بتوجيه سياسة الحكومة الوفدية الى الخضوع والاستسلام لفاروق واستغلاله للنفوذ وحكم علية بالسجن 15 سنة ومصادرة كل مازاد من اموال وممتلكات شقيقه يس سراج الدين من 13 يناير سنة 1950 الى 27 يناير1952 لصالح الشعب وابطال صفقتى اسئتجار كل من قطعتى ارض بلاتشى والاراضى الكائنة على ناصيتى شارع الملكة ومدخل نفق شبرا وافرج عنة صحيا .
30- المتهم زينب عبد الواحد الوكيل : حرم رئيس الوزراء سابقا مصطفى النحاس باتهامها بالقيان بافعال ساعدت على افساد الحكم وكان من شأنها افساد الحياة السياسية وذلك خلال عام 1950 و1951 وما قبلهما بتدخلها فى شئون حكم البلاد مستغلة بصلتها بزوجها مصطفى النحاس رئيس الوزراء واستغلالها للنفوذ فى 4 فبراير سنة 1952 وما بعدها غير مراعية الامصالحها الخاصة ومصالح أفراد اسرتها بطرق غير مشروعة وقد افادوا جميعا من ذلك ثروة ضخمة والتدخل سنة 1950 -1951 فى عمليات القطن وحكم عليها باعفائها من عقوبة السجن لمرضها ومصادرة كل ما زاد من اموالها وممتلكتها عما ورثتة شرعا لصالح الشعب فيما عدا مبلغ عشرة آلاف جنية الذى تنازل لها عنه زوجها مصطفى النحاس وهو ثمن منزلة نسمنود ومصادرة كل ما زاد من اموال وممتلكات أحمد الوكيل عما ورثه شرعيا وعبد الواحد الوكيل عما ما كان لديه قبل 12 يناير 1950 .
هذا هو الفرق بين ثورة يوليو وثورة يناير من جانب المحاكمات أن الجيش آنذاك انتصارا للثورة ولمصر وشعبها قام بعمل محاكمات ثورية لرموز الفساد وخلص الشعب من فسادهم , اما ثورة 25 يناير فقد تم " استغفال " الشباب المصري الحر في كلمة " محاكمات مدنية أمام قاضيهم الطبيعي واحترام القانون " , لذلك فمازال الفساد يعيث فسادا في أرض مصر الطاهرة .. ولكن نتذكر سويا أن المحاكمات الثورية في يوليو تمت بعد أكثر من عام ولم تتم في لحظتها , فيجب أن تتخلص مصر من اليأس وتستمر في محاسبة الفاسدين حتى تصل الثورة إلى أهدافها العظيمة ..