على الرغم من الجدل الذي أثير حول مسلسل "الفاروق عمر" للمخرج حاتم على حول عرضه من عدمه على شاشات التليفزيون خوفا من ظهور الأخطاء الدينية والتاريخية ، إلا أن هناك أخطاء كثيرة ظهرت في الحلقتين الأولين أولها خاص بمواصفات شخصية سيدنا عمر رضي الله عنه والثانية بآيات الذكر الحكيم وتوقيت نزولها ففي الحلقة الثانية والتي دارت في الفترة الزمنية التي لم يكن فيها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لم يعلن دعوته جهرا ، وفى حوار بين عمار بن ياسر وأبويه يحاول فيه إقناعهم بالإسلام قرأ لهما سورة الضحى التي لم تكن قد أنزلت في ذلك الوقت. فمن المعروف أن سورة الضحى سورة مكية باتفاق أهل العلم، وهي خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، قيل إن سبب نزولها أن الوحي فتر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبطأ عنه جبريل عليه السلام، فقال المشركون: قد ودع محمد، فأنزل الله تعالى: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى. وفي رواية: احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت بعض نساء المشركين: ما أرى صاحبك إلا قد قلاك، فأنزل الله تعالى: وَالضُّحَى... مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى. ويقال أن من فعلت ذلك كانت أم جميل زوجة أبو لهب وكان العداء قد بدأ بعد جهر الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة .
وفي الصحيحين وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتكى (مرض) فلم يقم لليلتين أو ثلاثاً فأتته امرأة (من المشركين) فقالت: ما أرى شيطانك إلا تركك لم نره قربك منذ ليلتين أو ثلاثاً، فأنزل الله تعالى: وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى.
وعلى الجانب الآخر نجد أن الموصفات الشكلية للفاروق بعيدة إلى حد كبير عن الممثل الذي يؤدى الدور, فقد قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: كان أبي أبيض تعلوه حمرة، طوالاً، أصلع، أشيب , وقال غيره: كان أمهق - أي خالص البياض -، طُوالاً، آدم، أعْسَرَ يَسَر، وقال أبو الرجاء العطاردي: كان طويلاً جسيماً، شديد الصلع، شدة الحمرة، في عارضيه خفه، و قال سِماك: كان عمر يسرع في مشيته, فهذه بعض صفات عمر، منها الطول والجسامة، والإسراع الذي يدل على المبادرة والإقدام، وهناك الصورة المشهورة التي عثر عليها عبد الله التل ضمن مخطوط تاريخي قديم مكتوب باللغة اليونانية في دير المصلبة في القدس، وكان إذ ذاك قائد معركة القدس وحاكمها العسكري وذلك سنة 1948. قال: وجدير بالذكر أنني رأيتُ مع النص الذي ذكرته رسماً يمثل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب حين دخوله القدس، وقد رسموه في ثياب أهل الجزيرة العربية، ملتحياً داخلاً من باب دمشق (باب العمود)، ذا هيبة وجلال ووقار، ماشياً على قدميه، في تواضع المخلصين الأبرار، آخذاً مقود الراحلة بيسراه إلى أعلى، رافعاً يمناه، محذراً الساجدين له من السجود لغير الله.
وبالطبع لا نستطيع إنكار مجهود المخرج وفريقه من الممثلين بمحاولة أظهر القوة في شخصية عمر بن الخطاب، ولكن للأسف أن الاختيار نفسه فى البداية جانبه التوفيق، فالممثل من هيئته يبدو غزير الشعر على عكس عمر إلى جانب أن صوته لم يكن قويا وجهوريا ومازلت أتذكر وصفه فى "عبقرية عمر" للعقاد والتى أعتقد أنه الأقرب إلى حقيقة الفاروق .