تحت عنوان "تردد الجامعة العربية مخاطرة قد تخرج الأسد من محنته"، نطالع في صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية الصادرة اليوم الثلاثاء مقالا تحليليَّاً لرولا خلف تلقي فيه الضوء على حالة التردد التي بدت عليها الجامعة العربية مؤخَّرا، والتي أحالت ما بدا قبل أيام شبه إجماع عربي على محاصرة النظام السوري إلى طوق نجاة قد يسهم بإخراج دمشق من محنتها. تقول الكاتبة إنه بإمكان الرئيس السوري بشار الأسد أن يزعم أنه قد سجَّل بعض النقاط في محاولته الدؤوبة للإبقاء على نظامه الذي يواجه انتفاضة شعبية منذ قرابة العام، وذلك من خلال نجاحه بكسر الإجماع الذي عملت كلٌّ من قطر (بشكل علني) والسعودية (بشكل أكثر هدوءاً) على تحقيقه بغية الإطاحة بنظامه.
وتضيف: "ببساطة، لقد اشترى (الأسد) المزيد من الوقت لنظامه المحاصَر." "تشرذم وانقسام" وفي تشخيصها لسبب حالة التشرذم والانقسام التي بدت عليها الجامعة العربية خلال اجتماع اللجنة الوزارية الأحد الماضي لمناقشة آخر تطورات الوضع السوري، ترى خلف أنَّ مردَّ تلك الحالة هو الخلاف الحاد بشأن بعثة المراقبين العرب التي بدأت عملها في سورية في الأيام الأخيرة من العام الماضي.
فها هو زئير الجامعة، والذي طالما ارتفع بوجه دمشق طوال الأشهر الماضية، وكانت دول عربية وغربية عدَّة تأمل بأن يسهم بكسر جدار الممانعة الروسية أمام إصدار قرار من مجلس الأمن للتدخُّل في سوريا، يتحوَّل إلى مجرَّد صمت ولحظات انتظار.
وترى الكاتبة أن النظام السوري لم يستفد فقط من الانقسام الحاصل في المواقف داخل الجامعة العربية، بل استفاد بالمقدار ذاته من تشتُّت المعارضة السورية نفسها.
"ببساطة، لقد اشترى (الأسد) المزيد من الوقت لنظامه المحاصَر" خلافات المعارضة وتدلِّل على ذلك فشل أول مشروع ترعاه الجامعة العربية للتوفيق بين أبرز فصيلين سوريين معارضين: المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الوطنية السورية لقوى التغيير الديموقراطي.
والمفارقة، تقول خلف إن القطريين وشركاءهم في التصعيد ضد النظام السوري ليسوا في وضع يسمح لهم بسحب بعثة المراقبين من سوريا، "إذ سيبدو ذلك كسوء نيَّة من طرفهم"، كيف لا وكانوا هم من ضغط باتجاه إرسال المراقبين لرصد ما يجري على الأرض السورية!
وأمام كلِّ هذا وذاك، ترى الكاتبة أن الأزمة السورية قد باتت الآن أكثر تعقيدا من ذي قبل. ويشاطرها في ذلك كاتب آخر هو سلمان الشيخ من مركز بروكينغز الدوحة، إذ تنقل عنه في ختام مقتالها قوله:
"بغياب مسار دبلوماسي واضح، فإن الأزمة ستصبح أكثر عسكرة وأكثر تشتُّتا وتشظِّيا وسيصعب التبُّؤ بها أكثر فأكثر." إسرائيل و"القنبلة النووية" الإيرانية
وتحت عنوان "إسرائيل تستعد لإجراء إيران اختبار القنبلة النووية هذا العام"، نطالع في التايمز تحقيقا لمراسلة الصحيفة في القدس، شيرا فرينكيل، تقول فيه: "إن إسرائيل بدأت التفكير بما لا يمكن التفكير به: أي وجوب التعامل مع إيران نووية في غضون عام".
ففي وثيقة تقول التايمز إنها اطَّلعت عليها، تنقل الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنهم بدأوا يعدُّون العدَّة لسيناريوهات محتَمَلة لليوم الذي يلي إجراء إيران لتجربة على السلاح النووي تحت الأرض.
"إن إسرائيل بدأت التفكير بما لا يمكن التفكير به: أي وجوب التعامل مع إيران نووية في غضون عام" ويصف التقرير حديث المسؤولين الإسرائيليين عن الوثيقة المذكورة بالقول: "إن الخطوة اعتراف ضمني بأن إسرائيل باتت تتخلَّى عن موقف لطالما احتفظت به طويلا، أي تأكيدها على أنها ستفعل أي شيء، بما في ذلك شن هجوم عسكري، لمنع إيران من امتلاك قدرات نووية." وتربط الصحيفة بين الكشف عن الوثيقة الإسرائيلية وتأكيد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران بدأت الاثنين بإنتاج اليورانيوم المخصًَّب في منشأة فوردو الواقعة داخل جبل بالقرب من مدينة قم، والتي جرى تصميمها بشكل يصعب على أي ضربات جوية اختراق تحصيناتها القويَّة. وترفق الصحيفة التحقيق برسم توضيحي تظهر فيه خريطة إيران وعدد من دول الشرق الأوسط الأخرى، وتعلو الرسم صورة للمرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، علي خامنئي، وهو يعلن افتراضيا أن التجرية تضع بلاده في مصاف الدول النووية. ويتضمَّن الرسم أيضا خطوات يفترض أن إيران ستقدم عليها إثر إجرائها الاختبار تحت الأرض على القنبلة النووية، ومنها: الدعوة لفرض سيادتها على البحرين، وإعادة رسم الحدود مع العراق، والتحرُّش بالأسطول الخامس الأمريكي في منطقة الخليج.