أكد الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء ووجه بحري بوزارة الاثار أن طور سيناء القديمة شهدت أروع صفحات التعايش الحضاري بين الأديان كنموذج للتعايش الحضاري في ربوع مصر والتي تنطق بها حقائق التاريخ والاكتشافات الأثرية . وقال ريحان في دراسة علمية " حول التعايش السلمى بين الاديان على ارض مصر على مر التاريخ " وفي اطار احتفالات مصر بأعياد الميلاد أن سيناء هى المدينة التي عبرها نبي الله موسى عليه السلام في رحلته الأولى وحيدا وفي رحلته الثانية مع بني إسرائيل وتركهم في هذا الموقع متخذا الأودية الشهيرة من طور سيناء إلى منطقة الجبل المقدس (منطقة سانت كاترين حاليا) ليتلقى ألواح الشريعة .
واشارت الدراسة - إلى أن منطقة سيناء عامرة بالآثار الإسلامية والمسيحية ، لافتاإلى أن الآثار المسيحية تشمل قلالى بمنطقة وادي الأعوج التي لجأ إليها المتوحدون الأوائل بسيناء هربا من الاضطهاد الروماني في القرن الرابع الميلادي ، كما تشمل دير الوادي بقرية الوادي ( 5 ) كم شمال الطور من عصر الإمبراطور جستنيان فى القرن السادس الميلادي وهوالدير الوحيد بسيناء الذي يحتفظ بكل عناصره المعمارية من القرن السادس الميلادي حتى الآن وبه حجرات مخصصة للمسيحيين الوافدين للدير في رحلتهم المقدسة للقدس عبر سيناء لزيارة الأماكن المقدسة بالطور قبل التوجه إلى دير سانت كاترين ثم إلى القدس . وقد توافد المسيحيون على سيناء من كل بقاع العالم وهم آمنون مطمئنون فى ظل التسامح الإسلامى الذى سارت عليه الحكومات الإسلامية .
وأضافت الدراسة أن هناك العديد من المواقع الحضارية بطور سيناء التى تؤكد مبدأ التعايش الحضاري ومنها جبل الناقوس الذي يبعد 13كم شمال غرب المدينة ويشرف على خليج السويس وهو جبل من الصخورالرملية الرسوبية استغله المسيحيون والقوافل التجارية العربية كمكان للراحة والتزود بالطعام ، وأثناء ذلك نقشوا ذكرياتهم وأسمائهم وأدعيتهم على أجزاء متفرقة من هذا الجبل وتجاورت النقوش المسيحية باللغة العربية مع النقوش العربية بالخط الكوفي على نفس الصخرة لعبورهم سويا في أمان لهذه الطرق ، فتجاورت الآيات القرآنية ونص الشهادة والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام وطلب المغفرة والرحمة مع الأدعية المسيحية وطلب الغفران في مشهد فريد من نوعه .
كما نقشت على الجبل أسماء لعائلات مسيحية تقطن الطور بتل الكيلاني متجاورة مع منازل المسلمين ، كما تشمل الطور الميناء القديم من العصر المملوكي الذي ساهم في خدمة التجارة بين الشرق والغرب وخدمة الحجاج المسلمين بعدأن تحول درب الحج المصري القديم من الطريق البري إلى الطريق البحري عام 1885م وخدمة المسيحيين في رحلتهم المقدسة عبر سيناء منذ القرن الرابع عشر الميلادي وتقلهم مع الحجاج المسلمين نفس الباخرة من القلزم (السويس) إلى الطور ومنها لدير سانت كاترين ، ويستكمل الحاج المسلم طريقه لمكة المكرمة.
وأشار ريحان إلى أن هناك جامع صغير بمنارة بتل الكيلاني من عهد الخديوي توفيق اشترك في بنائه عمال مسيحيين ومنازل تعتبر طرازا فريدا من المباني حيث بنيت بالكامل من الأحجار المرجانية عام 1826م واستخدمت لسكن عمال ميناء الطور الحديث والصيادين وأسرهم وكذلك الأسر المسيحية التى كانت تعمل بالميناء مع المسلمين ، كمااستخدم بعضها قناصل للدول الأوربية ، ويوجد بتل الكيلاني مركز لرهبان دير سانت كاترين وهو دير القديس جاورجيوس الملاصق لميناء الطور القديم ويشمل كنيسة واستراحة للرهبان وزوار الدير وقد بنيت الكنيسة على اسم مارجرجس عام 1875 .