من أراد أن يتعرف على مصر والمصريين يأتي إلى هنا..إلى أقدم وأصدق برلمانات العالم..إلى ضريح أم هاشم في مولدها المعطر.. أم العواجز..حفيدة خاتم الانبياء وسيد المرسلين..هنا في ضريح السيدة الطاهرة زينب رأيت الرسائل تتطاير إلى ضريحها الشريف حاملة شكاوى وأدعية ورسائل عشق لا يمكن أن تكون إلا صادقة، تعبر عن رجاء المظلومين وثقة في أن رسائلهم المعبقة برائحة الورود وأعواد النعناع الأخضر سوف تجد استجابة أل البيت الأطهار. هذه دعوة نجددها للتعرف على مصرنا الجميلة وشعبها الصبور.. مصر المساجد .. مصر الكنائس.. مصر الآثار النادرة التي قلما يوجد مثلها في أى بقعة من العالم. ولأولياء الله الصالحين مكانة خاصة في نفوس المصريين، فالمصريون معروف عنهم عشقهم لآل البيت حتى أن الحس الشعبي يعبر عن ذلك بقوله " من زار الأعتاب ما خاب"، وللسيدة زينب مكانة خاصة في قلوب مريديها، خاصة من النساء اللاتي يجدن في حياتها تجسيداً للصبر والانتصار على الاحزان، لذلك يلجأ إليها الضعفاء، وأصحاب الحاجات، وهي التي اختار لها النبي الكريم اسمها ليكون امتداداً لابنته الحبيبة زينب، التي ظل النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها، بعد أن ماتت متأثرة بجراحها من إثر إصابتها بفعل احد المشركين لها وهى حامل. السيدة زينب بضريحها العنبري، تعتبر ملاذاً للضعفاء والمكلومين.. وخاصة من النساء اللاتي يأتين من كل محافظات مصر يدعين الله سبحانه على أعتاب ضريح"أم هاشم". أما حياة السيدة زينب الشاقة، فتتجسد في رعايتها لشقيقيها الحسن والحسين ، وقد عرفت السيدة زينب بالحزن حتى أنه يقال أنها لم تر ضاحكة أبداً.. بل كانت جادة، وبلغت الأحزان منتهاها يوم استشهاد الحسين رضي الله عنها. وقد اختارت السيدة زينب الحياة والوفاة في مصر، بعد أن خشى منها الأخذ بثأر الإمام الحسين. في العام الخامس للهجرة الموافق العام 626 ميلادية، وفي شهر شعبان ، وضعت السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ابنتها "زينب" رضي الله عنها، وفي بيت النبوة نشأت السيدة زينب، يحوطها النبي الكريم بحنانه، ويبث فيها أبواها الطاهران أنبل وأشرف القيم والمثل. وقد رحلت السيدة زينب رضي الله عنها إلى مصر، ووصلتها في عام 61 هجرية، وأقامت في دار مسلمة بن مخلد الأنصاري حوالي عام، ثم فاضت روحها الطاهرة عام 62 هجرية. وكان ضريح السيدة زينب رضي الله عنها يقع في الجهة البحرية من دار مسلمة بن مخلد الأنصاري، وكانت تطل على الخليج الذي يخرج من النيل في المكان الذي عرف باسم " فم الخليج" ، وكان ميدان السيدة زينب الحالي يعرف قبل ذلك باسم " قنطرة السباع". وفي عام 1315هجرية، 1818 ، تم ردم الجزء الأوسط من الخليج، فاختفت القناطر، وتم توسعة الميدان، وخلال عملية التوسع اكتشفت واجهة جامع السيدة زينب الذي كان الوالي العثماني على باشا قد جددها عام951 هجرية" 1547ميلادية" ثم أعاد تجديده الأمير عبد الرحمن كتخذا عام 1170هحرية. وبعد اكتشاف واجهة الجامع في القرن التوسع عشر أصبح يطلق على الميدان، وعلى الحي كله اسم السيدة زينب، وأما بالنسبة للمسجد القائم في الوقت الحاضر، فقد شيدته وزارة الأوقاف عام 1940ميلادية. وفي عام 2000 ظهر المسجد الزينبي في صورته البهية، بتكلفة 26 مليون جنيه ليتسع لنحو 15 ألف مصل، بمظهره الجميل، ولتصبح مساحته سبعة الاف و 800 متر. ويتردد على ضريح السيدة زينب يوميا العشرات من النساء الضعفاء.. اللاتي لهن مظالم أو مطالب، فشلن في حلها، وتتنوع شكاواهن ما بين طلب الهداية للأزواج، أو للأبناء، أو رد المظالم، ولكن معظمهن يجمعن على طلب واحد هو الستر وأحياناً يطلبن إلى جواره الصحة. وتمتد أيادي بعض النساء ليقدن الشموع ، أو وضع أكاليل من الزهور على ضريح الست، و أدعو رئيس الوزراء ممثلا للحكومة لاستدعاء رسائل هؤلاء البسطاء وفي مولد أم هاشم لدراستها والعمل على حلها وطمأنة أصحابها..هذه هي أقل ترضية نقدمها لهؤلاء المصريون البسطاء، خاصة أن معظم شكاواهم تسببت فيها الحكومة بشكل أو بأخر.