عاجل.. اسعار الذهب في مصر قبيل أجازة الصاغة في مصر    ضبط 12 طن قمح بمحال أعلاف لاستخدامها في غير الأغراض المخصصة لها بالبحيرة    عمرو موسى: التوتر في العلاقات مع واشنطن طبيعي لكن استمراره مزعج    جمال عبد العال: زيارة الرئيس السيسي لبغداد تؤكد دعم مصر للعراق    أهلي جدة يحقق فوزًا عريضًا على الخلود برباعية في دوري روشن السعودي    لطلاب الشهادة الإعدادية بالقاهرة.. النموذج الاسترشادي لبوكليت مادة الmath    محمود سعد: القعدة مع عادل إمام خطر    "الجبهة الوطنية" يعلن تشكيل أمانة الرياضة برئاسة طاهر أبوزيد    عمرو وهبي: لم أرى أى ظروف قهرية في أزمة القمة بين الزمالك والأهلي    افتتاح ورشة عمل بكلية دار العلوم ضمن مبادرة «أسرتي قوتي»    استثناء المرتبات.. طلب عاجل من «النواب» ب إيقاف المعاملات البنكية وتجميد الحسابات في ليبيا    معابر مغلقة وحرب مستمرة.. إلى أين وصلت الأزمة الإنسانية في غزة؟    كوريا الشمالية.. تدريبات جوية ويدعو لرفع حالة التأهب القتالي للجيش    الجامعة العربية: مستوى التمثيل في القمم لا يجب أن يُقاس بالمثالية    موعد مباراة الدرع الخيرية بين ليفربول وكريستال بالاس    نقابة المهندسين تتضامن مع المحامين في أزمة رسوم التقاضي الجديدة    معيط: صندوق النقد لا يتدخل في سياسات الدول وتوقعات بتحسن الاقتصاد المصري    أمل عمار: عرض منتجات السيدات بالمتحف المصري الكبير    "سفاح المعمورة".. لغز محيّر في مسقط رأسه بكفر الشيخ بعد إحالته للمحاكمة -صور    "طفشانين من الحر".. أطفال الزقازيق يهربون إلى مياه بحر مويس للتغلب على ارتفاع الحرارة -صور    كانت رجعة من الغيط.. وفاة سيدة في القليوبية بعد سقوط نخلة عليها    تفاصيل لقاء بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط في مركز لوجوس بوادي النطرون    قبل حفلهما الغنائي.. تامر حسني يفاجئ محبيه بمقطع طريف مع كزبرة | شاهد    رئيس جامعة الأزهر يكشف الحكمة من تغير أطوار القمر كما ورد في القرآن    أمين الفتوى يوضح أهمية قراءة سورة البقرة    الشيخ رمضان عبد المعز: "اللي يتقي ربنا.. كل حاجة هتتيسر له وهيفتح له أبواب ما كانش يتخيلها"    رئيس جامعة طنطا خلال زيارة طالبات علوم الرياضة: تحركنا لصالح بناتنا    فرحة في الأوليمبي بعد صعود فريق السلة رجال لدورى المحترفين رسمياً (صورة)    موعد عيد الأضحى 2025 ووقفة عرفات فلكيًافي مصر والدول العربية    مصر تفوز بجائزة أفضل جناح فى مهرجان كان 78.. حسين فهمى: التتويج يعد اعترافا عالميا بالمكانة التى تحتلها السينما المصرية اليوم.. ووزير الثقافة: الفوز يسهم فى إبراز مصر كوجهة جذابة للتصوير السينمائى    لميس الحديدي: الرئيس السيسي عبر عن موقف مصر في قضايا المنطقة بكل وضوح    زواج سري أم حب عابر؟.. جدل قديم يتجدد حول علاقة عبد الحليم حافظ وسعاد حسني    محمد رمضان يكشف عن صورة من كواليس فيلم أسد وعرضه بالسينمات قريبا    عالم أزهري: «ما ينفعش تزور مريض وتفضل تقوله إن كل اللي جالهم المرض ده ماتوا»    داعية: وجوب تقسيم الميراث على وجه السرعة لهذا السبب    سوء الأحوال الجوية في دمياط.. إصابة سيدة جراء سقوط لافتة إعلانية    هيئة الخدمات البيطرية تكشف حقيقة نفوق الطيور في مزارع الدواجن    إصابة 48 طالبة.. رئيس جامعة طنطا يطمئن على الحالة الصحية لطالبات «تربية رياضية»    القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى يشهد مناقشة البحث الرئيسى لهيئة البحوث العسكرية    ضحية الانتقام بكرداسة    كواليس جلسة الرمادي مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بتروجيت    مستشار رئيس الوزراء العراقي: قمة بغداد تؤكد أهمية التضامن العربي في مواجهة الأزمات الإقليمية    3 أمناء مساعدين بالجبهة الوطنية.. زكى والصريطي للفنون وضيف الله للتنظيم    الزمالك يتحرك لحل أزمة مستحقات ميشالاك قبل عقوبة "فيفا"    فابريجاس: أريد تحقيق المزيد ل كومو.. وتحدثت مع أندية آخرى    قائد تشيلسي: مصير المشاركة في دوري أبطال أوروبا بأيدينا    تشييع جثمان ابن شقيقة الفنان الراحل عبدالوهاب خليل بكفر الشيخ (صور)    اليوم وغدا.. قصور الثقافة تحتفي بسيد حجاب في مسقط رأسه بالدقهلية    مصرع طفل غرقا فى نهر النيل بمنطقة الحوامدية    "وقاية النباتات" ينظم برنامجا تدريبيا لتعزيز الممارسات الذكية في مكافحة الآفات    صور| أكاديمية الشرطة تنظم ندوة "الترابط الأسري وتأثيره على الأمن المجتمعي"    وكيل الزراعة بالبحيرة يوجه بسرعة توزيع الأسمدة وإزالة التعديات على الأراضي الزراعية في حوش عيسى    مخرجش من المنهج.. ردود أفعال طلاب الشهادة الإعدادية الأزهرية بسوهاج بعد امتحان مادتي اللغة العربية والهندسة "فيديو"    المجلس التصديرى للصناعات الهندسية يعلن نتائج جوائز التميز فى التصدير    رئيس الوزراء يتفقد أعمال التطوير في منطقة السيدة عائشة وطريق صلاح سالم    قصر العيني يحتفل ب 80 عامًا على تأسيس قسم المسالك ويطلق برنامجًا لأطباء الامتياز    موجة شديدة تضرب البلاد اليوم| وتوقعات بتخطي درجات الحرارة حاجز ال 40 مئوية    اللقب مصري.. نور الشربيني تتأهل لمواجهة هانيا الحمامي في نهائي بطولة العالم للاسكواش    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراق ونموذج الديمقراطيات الجديدة
نشر في صدى البلد يوم 11 - 05 - 2014

الكل في العراق وخارجه يتحدثون عن الديمقراطية، ولكن لا أحد يتحدث عن الأوضاع على الأرض في هذا البلد العربي الشقيق الذي كان يجهز كي يكون نموذجا للديمقراطيات الجديدة في الشرق الأوسط الكبير.
من بين مؤشرات الوضع على الأرض أن هناك نحو 7818 مدنيا قتلوا العام الماضي في أعمال عنف، كما قتل نحو ألف شخص في فبراير الماضي فقط من هذا العام، وتشير تقارير إلى أن نحو ألف فرد من القوات المسلحة العراقية قتلوا في مواجهة التمرد السنّي في الأنبار خلال الأشهر الأولى من العام الجاري.
هذا المستوى الخطر من العنف لم يحدث في ساحات معارك بل داخل المدن والأسواق والأماكن المزدحمة بالسكان الأبرياء، والمشهد الدموي الراهن في العراق هو نتيجة تفاعل عناصر ثلاثة محددة هى الطائفية والإرهاب والتدخل الإيراني في الشأن العراقي الداخلي.
الواقع العراقي الراهن وصفته مجلة "الإيكونوميست" في تقرير لها نشر مؤخرا بأنه مع ارتفاع مستوى العنف الطائفي في العراق منذ عامي 2007 و2008 فإن العراقيين لا يفكرون سوى بالبقاء أحياء أكثر من التفكير بالديمقراطية.
المشهد العراقي تتداخل فيه الطائفية ممثلة في توجهات حكومة نوري المالكي الذي يتبنى نهجا طائفيا في إدارة شئون البلاد، وعلى النقيض منه يطل برأسه تطرف آخر ممثل في ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش).
والغريب أن العراق في ظل هكذا أوضاع، ورغم كونه المنتج الثامن للنفط على المستوى العالمي إلا أنه لا يقدر على تمويل ميزانيته، فقد واجهت ميزانية العام الماضي عجزا ماديا حسب تقرير صندوق النقد الدولي، ما يعني أن الفساد يفوق الثراء المادي المفترض لدولة مثل العراق.
ورغم أنه ليس من الصعب أن يحصل خلاف عراقي حول أي شخصية سياسية في ظل الفسيفساء العرقي والديني السائد في البلاد، إلا أن رئيس الوزراء المالكي يظل شخصية استثنائية في هذا الإطار، فهو من أكثر الشخصيات الخلافية في العراق بحسب ما يتفق معظم المحللين، حيث يرى فيه جانب كبير من العراقيين ذراعا لإيران - حيث عاش فترة كبيرة من عمره - بينما يعتبره آخرون طائفيا مدافعا عن مصالح الشيعة في العراق لا رجل دولة يدافع عن مصالح الشعب العراقي بأكمله.
صحيح أن الشرق الأوسط في مجمله يعاني مشهدا عبثيا من الصراع السني - الشيعي في مناطق شتى، ولكن هذا الصراع يتجلى بوضوح في العراق، حيث إن أحد جوانب الصراع هى طائفية بامتياز، حيث تعاني البلاد ولاءات مذهبية عابرة للحدود وتجعل من الصعب الحديث عن الوطن والولاء والانتماء والوحدة الوطنية.
الظاهرة الدينية في العراق هى أحد مكونات الأزمة الحاصلة في البلاد، وترتبط ارتباطا شديدا بالواقع السياسي المعقد، حيث تصاعد دور المؤسسات الدينية الشيعية والسنية على حد سواء عقب الغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003، وأسهم في ذلك انهيار الدولة وتفككها وتحول المؤسسات الدينية إلى طرف فاعل في اللعبة السياسية وتشكلت لها أحزاب وأصبحت العمائم أحد رموز الشارع السياسي العراقي، ولأن المجتمع العراقي يوصف عادة بأنه مجتمع غير متجانس مذهبيا، فقد كان من الطبيعي أن تكون الأحزاب الدينية التي تم تشكيلها أحزابا طائفية بالضرورة.
أما العنصر الثاني في مكونات الأزمة العراقي فهو الإرهاب، الذي بات يلعب الدور الأبرز في غياب حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي بالبلاد، فهناك تنظيمات عدة إرهابية أبرزها "داعش" وهذه التنظيمات تستغل أجواء الفوضى وتعمل على تكريسها من أجل بناء ما تزعم هذه التنظيمات أنه "دولة إسلامية" في العراق.
أما إيران فقد بات لها اليد الطولى في التحرك داخل العراق ومحاولة "هندسة" الدولة العراقية بما يخدم المصالح الاستراتيجية الإيرانية، ليس فقط بالنسبة للوضع السياسي ولكن أيضا على مستوى قوات الأمن والجيش العراقي الذي تبذل إيران كل طاقاتها من أجل ضمان ألا يتحول هذا الجيش إلى مصدر تهديد من أي نوع لأمنها القومي، وهى تتفق في ذلك مع أهداف أطراف إقليمية ودولية أخرى مثل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي سبيل تحقيق أهدافها تلك ترعى إيران العديد من التنظيمات المتطرفة في العراق وتزودها بالسلاح والمال، ومنها جماعة "عصائب الحق" وكتائب حزب الله، الذي خرج مؤخرا عن سريته وبدأ يظهر في العلن على الساحة العراقية، بل بات يشارك في مظاهرات احتجاجية وأنشطة سياسية أخرى، مدافعا بشكل صريح ومباشر عن إيران، حيث لوحظ أن هذه الكتائب دعت مؤخرا إلى مسيرة في وسط العاصمة العراقية تنديدا بصحيفة "الصباح الجديد" العراقية، التي كانت قد نشرت رسما كاريكاتيريًّا للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، كما تشهد محافظة الأنبار غربي العراق على عمق التغلغل الإيراني في الصراعات الدائرة في العراق.
الخلاصة في المشهد الراهن أن العراق أصبح رهين ثلاثي الطائفية الإرهاب وإيران، وبات واضحا أنه لا حلول ولا مخارج في الأفق القريب من هذه الأزمة التي يعانيها، فالعوامل التي تؤجج الوضع لا تزال قائمة بل وتتكرس وتتعمق في البلاد، ومن الصعب التهوين من خطر أي من أضلاع هذا المثلث المدمر، الذي أصاب أرض الرافدين في مقتل.
إذا كان النظام الإقليمي العربي يمر بأضعف حالاته ويعاني تمزقات وصراعات منذ اندلاع موجة الاحتجاجات التي قلبت الأوضاع في المنطقة رأسا على عقب في عام 2011، فأين المجتمع الدولي مما يحدث من تدخلات إيرانية في الشأن العراق؟ وكيف تسمح الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي على استباحة دولة عضو بالمنظمة الدولية من جانب دولة أخرى عضو بالمنظمة بهذا الشكل؟.
هل يظل العراق أسيرا للفوضى وتنظيمات الإرهاب والخطاب الطائفي المشحون؟ وهل مانشهده في العراق هو النموذج الذي كان يسعى الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية إلى تطبيقه في العراق ليكون "ملهما" لدول الشرق الأوسط الكبير؟ وهل تأكد الغرب من أن الفوضى لا تنتج نظاما ولا تسهم في بناء الدول بل ليست سوى نظرية عبثية يدفع ثمنها العراقيون من دمائهم وأمنهم واستقرارهم ومستقبل أجيالهم المقبلة. الشواهد تؤكد انه لا جديد سيأتي عبر نتائج الانتخابات العراقية التي جرت في الثلاثين من ابريل الماضي، فالمشهد قد لا يتغير تقريبا، أو على الأقل لن تتغير معالمه الرئيسية ويبقى السؤال: من ينقذ العراق والعراقيين؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.