استخدمت الشرطة التركية الغاز المسيل للدموع ومدفع مياه والرصاص المطاطي اليوم الخميس لمنع آلاف المحتجين في يوم عيد العمال كان بعضهم مسلحا بقنابل حارقة من تحدي رئيس الوزراء طيب أردوغان والوصول إلى ميدان تقسيم بوسط اسطنبول. وأوقفت السلطات جزئيا حركة النقل العام في المدينة ونشرت الآلاف من أفراد قوات مكافحة الشغب ومنعت الوصول إلى ساحة تقسيم نقطة التجمع التقليدية للنقابات العمالية والتي كانت مركزا لاحتجاجات مناهضة للحكومة استمرت عدة أسابيع الصيف الماضي. وحذر أردوغان الأسبوع الماضي من أي محاولات لتنظيم مسيرات إلى ميدان تقسيم ووصف مظاهرات العام الماضي وفضيحة الفساد التي تلقي بظلالها على حكومته منذ ديسمبر الماضي بأنها مؤامرة لتقويض حكمه. وقال مكتب حاكم اسطنبول إن لديه معلومات مسبقة بأن "منظمات إرهابية غير شرعية وتوابعها" ستلجأ للعنف لتأجيج الاضطرابات. لكن الإجراءات الأمنية لم تثن آلاف الأشخاص عن محاولة تنظيم مسيرات واستخدمت مجموعات من المتظاهرين أسلوب الكر والفر مع الشرطة في شوارع جانبية غطاها الغاز المسيل للدموع. وتجمع متظاهرون في عدد من الأحياء المحيطة بميدان تقسيم وهو ساحة ضخمة تحيط بها المتاجر والمطاعم والفناق وعادة ما تعج بالمارة والمتسوقين والسياح لكنها بدت مهجورة تحيط بها نقاط التفتيش الأمنية اليوم الخميس. وقالت رابطة المحامين التقدميين إن 40 شخصا نقلوا إلى المستشفى واعتقل نحو 160. وفي حي أوكميداني الذي تسكنه الطبقة العاملة ألقى أعضاء من جماعات يسارية قنابل حارقة وألعابا نارية على الشرطة التي ردت بإطلاق الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع. واندلعت اشتباكات مماثلة في مارس آذار خلال جنازة الفتى بركين علوان الذي كان يرقد في غيوبة بعد إصابته في اضطرابات العام الماضي. وعرضت صورة لعلوان على ملصق ضخم يوم الخميس في حين هتف محتجون في الشرطة قائلين "قتلة بركين". وقال كالجار (37 عاما) وهو مدرس وناشط يساري بينما كان يمسك بوشاح ومزيج مضاد للحموضة للوقاية من الغاز المسيل للدموع " هذا يوم كفاح. لا نسعى للوصول لميدان تقسيم للاحتفال إنما للمقاومة.. لا نريد عنفا وفي كل مرة سمح فيها بإحياء عيد العمال في ميدان تقسيم كان الأمر سلميا." واستخدمت الشرطة مدفع مياه والغاز أيضا لتفريق أكثر من ألف محتج في العاصمة أنقرة حيث أغلق وسط المدينة وكثفت قوات الأمن وجودها وحلقت طائرات الهليكوبتر التابعة للشرطة في الأجواء. وكان اردوغان قال الأسبوع الماضي إنه لن يسمح للنقابات بالوصول إلى ميدان تقسيم. واقترحت الحكومة بدلا من ذلك أن يتجمع الحشد في مكان على مشارف اسطنبول لكن النقابات العمالية رفضت الفكرة. وقالت النقابات العمالية الرئيسية في بيان مشترك يوم الأربعاء "سنكون في تقسيم رغم الحظر غير المنطقي وغير الشرعي. كل الطرق ستؤدي إلى تقسيم في يوم عيد العمال وسيستمر كفاحنا من أجل العمال والمساواة والحرية والعدل والسلام." وفي شارع استقلال التجاري الرئيسي المؤدي إلى تقسيم جلس مئات من أفراد الشرطة بعضهم ارتدى ملابس مدنية والآخر زي قوات مكافحة الشغب خارج المتاجر المغلقة. وجرى تفتيش السائحين عند عشرات من نقاط تفتيش الشرطة التي أقيمت حول الميدان. وقال مصطفى وهو من القاهرة "من المفترض أن يكون هذا مكانا وديا للسياح. هذه طريقة سيئة لمعاملة الزوار." وكانت السلطات التركية قد أصدرت حظرا مماثلا العام الماضي وهو ما دفع الآلاف من المتظاهرين المناهضين للحكومة إلى الاشتباك مع الشرطة بعدما حاولوا اختراق الحواجز حول الميدان الكبير. وبعد أعمال العنف خرجت احتجاجات حاشدة في أنحاء مختلفة من تركيا في أواخر مايو من العام الماضي ومثلت أحد التحديات الكبيرة لحكم اردوغان منذ وصول حزبه العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002. وقال اردوغان في اجتماع مع نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان الأسبوع الماضي "افقدوا الأمل في تقسيم." وسبق أن وصف أردوغان محتجين بأنهم "حثالة" و"إرهابيون" مشيرا إلى أداء حزبه القوي في الانتخابات. وهيمن حزب العدالة والتنمية على الخارطة الانتخابية في انتخابات البلدية التي أجريت في 30 مارس حيث احتفظ بسيطرته على اسطنبول والعاصمة أنقرة رغم فضيحة الفساد واضطرابات العام الماضي. لكن أردوغان واجه انتقادات من الخارج ولا سيما من الاتحاد الأوروبي الذي تطمح تركيا للانضمام لعضويته بشأن القيود على حرية التعبير والتي شملت حظرا لمدة أسبوعين على موقع تويتر والحملة التي شنتها الشرطة الصيف الماضي على المتظاهرين. وخفضت منظمة فريدوم هاوس البحثية ومقرها واشنطن تصنيف تركيا فيما يتعلق بحرية الصحافة من "حرة جزئيا" إلى "غير حرة" في تصنيفها السنوي لحرية الصحافة اليوم الخميس وقالت إن تركيا لا تزال أكثر بلد يتعرض فيه الصحفيون للسجن.