فى رؤية ساخرة تصل لحد الكوميديا السوداء، صدرت لهانى النقشبندى عن دار الساقى ، روايته الأخيرة " نصف مواطن محترم" يصور فيها عوالم مختلفة ومتداخلة, مستوحاة من الربيع العربي في جزء منها, وجزء آخر خيال لا حدود له. ومثل معظم روايات النقشبندي السابقة, اختلاس, وسلاّم, وليلة واحدة في دبي. يميل الكاتب الى الحكى والسرد بطريقته الخاصة متخذا من الحوار تقنية أخرى لاستلهام عوالمه وهو مادعا رانية المعلم, مديرة النشر في دار الساقي لوصف الرواية بأنها: "مشغولة بتقنية عالية، تستلهم عوالمها الغرائبية من الشارع الغارق في متاهة ثوراته، لتطرح سؤال الحرية في سياق حكائي ممتع". لكل هذه الأسباب استحقت رواية النقشبندى ان تتربع طوال الأيام الماضية على قائمة اصدارات دار الساقى والتى جاء ترتيبها على النحو التالى : 1 نصف مواطن محترم (رواية ) هانى النقشبندى 2 لمن يهمه الحب (ديوان ) زاهى وهبى 3 يوتوبيا المدينة المثقفة خالدة سعيد 4 الأزرق والهدهد ..عشق فى الفيسبوك جاهدة وهبى 5 القندس محمد حسن علوان 6 القصص القرآنى .. قراءة معاصرة محمد شحرور 7 الاسلام والتحليل النفسى فتحى بن سلامة 8 أيام زائدة (رواية ) حسن داوود وتدور احداث رواية "نصف مواطن محترم " حول زوج فقير, يسعى الى علاج زوجته المريضة. يتهم بأنه المحرض على ثورات الشارع الثائر ضد سلطة غاشمة. يلقى بالزوج في السجن بسبب امتلاكه غسالة ملابس قديمة يسعى جاهدا لإصلاحها، بينما يراها رجال الدولة سلاحا خطيرا يهدد الوطن ويغسل عقول أبناءه". يحاول عبثا ان يثبت برائته, وأن يعرف مصير زوجته التي تركها على فراش المرض, لكن بلا جدوى. حتى صدر حكم بإدانته بتهمة الخيانة دون محاكمة. يسأل نفسه في عتمة السجن "هل هي الحياة تأمل في الحياة نفسها, ام تأمل في الموت"؟ وتبلغ الكوميديا القاتمة السواد مداها عندما تسير جماهير حاشدة الى منزله المتواضع فتحطمه وتحرق اثاثه. ويصفه الجيران بالاجرام وتتفق معهم زوجته فى الوصف ، إمعانا فى السواد وتستمر اللعبة لنهايتها فينقلب السحر على الساحر ويتحول الخائن إلى بطل قومى تسانده هتافات الناس انفسهم الذين كانوا يتهمونه بالخيانة وأحرقوا منزله لكنهم الآن عادوا ليحولوه إلى قصر منيع يجلس البطل على عرشه ملكا . هنا يصبح التأمل في الموت الذي سيطر على الزوج فيما مضى, إنغماس في ملذات السلطة يدعمه مقعد وثير يجلس عليه تحت قبة ذهبية. يسكن قصرا لا يشاركه فيه سوى ذكريات زوجته التي رحلت مع دخوله السجن. وبعد أن أضناه البحث عنها، يأتي من يخبره أن لا جدوى من البحث وأن "الذكريات اجمل من واقعها احيانا". فينساها منصرفا الى زرع عيون له وآذان في كل شبر على أرض الوطن باحثا عمن يعبث بجهاز الزعيم محركا الشارع عكس اتجاه إرادته. "إنه التطرف" بحسب كلمات الزعيم .. هذا التطرف لا يأتي من تلقاء ذاته, بل هناك سر عظيم يحركه وقد اكتشفه.