بعد غياب 8 سنوات.. جامعة القاهرة تستضيف الدورة الزراعية الأربعين    محمد رمضان: الجمهور مصدر طاقتي وسبب نجاحي بعد ربنا    «مدبولي»: ندعم الدولة اللبنانية ونولي أهمية كبيرة للروابط الاقتصادية    وزيرتا التعاون الدولي والتنمية المحلية تفتتحان محطة المعالجة الثلاثية بالهجارسة    محافظ أسيوط يطلق مبادرة كوب لبن لكل طفل دعما للفئات الأولى بالرعاية    عبد العاطي: التطورات المتسارعة في المنطقة والعالم تمر بمرحلة شديدة التعقيد    الصحة العالمية: وفاة أكثر من ألف مريض في غزة خلال انتظار إجلائهم    سوريا: عقوبات "قيصر" انتهت دون شروط أو تهديد بإعادة فرضها    حماس: محادثات ميامي لن تفضي لوقف خروقات إسرائيل للهدنة    بوتين لزيلينسكي: ما دمت على عتبة الباب لماذا لا تدخل؟ الرئيس الروسي يسخر من نظيره الأوكراني    عوائد 12 مليون جنيه.. أشرف حلمي يعلن لائحة تحفيزية لتنس الطاولة وخطة فنية ل هنا جودة    أبرزها صدام نيجيريا وتونس.. مواعيد مباريات المجموعة الثالثة بأمم إفريقيا 2025    انطلاق مبادرة لياقة بدنية في مراكز شباب دمياط    يبدأ رسميًا 21 ديسمبر.. الأرصاد تكشف ملامح شتاء 2025 في مصر    عاجل.. القبض على والدة المذيعة الراحلة شيماء جمال    "تموين المنوفية" تضبط 70 ألف بيضة فاسدة قبل طرحها بالأسواق    متحف المجوهرات الملكية يعرض قطعا فريدة مرصعة بالزمرد    عماد أبو غازي: «أرشيف الظل» ضرورة بحثية فرضتها قيود الوثائق الرسمية.. واستضافة الشيخ إمام في آداب القاهرة 1968 غيرت مساره الجماهيري    وفاة طبيب قنا أبو الحسن رجب فكري متأثرًا بإصابته بطلق ناري أثناء قافلة طبية    تعرف على خريطة ما تبقى من انتخابات مجلس النواب 2025    ندوة تناقش 3 تجارب سينمائية ضمن مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    اطلاق بوستر الدورة ال16 من مهرجان المسرح العربي بالقاهرة    النتائج المبدئية للحصر العددي لأصوات الناخبين في جولة الإعادة بدوائر كفر الشيخ الأربعة    ضبط 99530 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    عاجل- نواف سلام يؤكد: العلاقة مع مصر تتجاوز تبادل المصالح    فضل قراءة سورة الكهف.....لا تتركها يوم الجمعه وستنعم بالبركات    رئيس الإنجيلية: ميلاد السيد المسيح يحمل رجاء يغيّر العالم ويمنح الأمل لجميع البشر    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 116 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    العوضى فى برومو حلقة صاحبة السعادة: ما بحترمش اللى بيتكلم عن علاقة خلصت    حملات أمنية مكبرة تضبط 340 قضية مخدرات وتنفذ قرابة 60 ألف حكم خلال 24 ساعة    وفاة 7 أشخاص وإصابة 5 آخرين في حريق سيارة سوزوكي على الطريق الإقليمي    نواف سلام: العلاقة بين مصر ولبنان أكثر من تبادل مصالح إنها تكامل في الرؤية وتفاعل في المسار وتاريخ مشترك    ضبط 20 متهمًا أثاروا الشغب بعد إعلان نتيجة الانتخابات بالإسماعيلية    وزير الخارجية يلتقى نظيرة الجزائرى لبحث تعزيز العلاقات الثنائية    "الوزراء": الحكومة تمنح تيسيرات لزيادة عدد الغرف الفندقية وتحويل بعض المنشآت السكنية    الزمالك في معسكر مغلق اليوم استعداداً للقاء حرس الحدود    اليوم.. الأهلي يواجه الجزيرة في دوري سيدات اليد    خلاف جون إدوارد وأحمد حمدى يعجل برحيله عن الزمالك وبيراميدز يراقب موقفه    وزيرة التخطيط تختتم الحوار المجتمعي حول «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية»    وزير الزراعة يعلن خفض المفوضية الأوروبية فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلا من 20%    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة وانخفاض الصغرى على القاهرة ل 11 درجة    كأس عاصمة مصر.. الإسماعيلي يتحدى بتروجت بحثًا عن الفوز الأول    ارتفاع حصيلة البعثة المصرية بدورة الألعاب الإفريقية للشباب إلى 65 ميدالية    وزير الصحة يلتقي الأطباء وأطقم التمريض المصريين العاملين في ليبيا    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    أبو الغيط يرحب بانتخاب برهم صالح مفوضًا ساميًا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    أفضل أوقات استجابة الدعاء يوم الجمعة – اغتنم الساعة المباركة    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    مؤشرات أولية طبقا للحصر العددي، تقدم سيد حنفي في دائرة الخليفة    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد بشاري يكتب: حرمان أم إغداق ؟ حرمان المَلَكة وإغداق المُمتلكاتْ
نشر في صدى البلد يوم 27 - 06 - 2024

تتصل بذاكرتنا العديد من القصص المرتبطة بالأشخاص الناجحين، والإنجازات التي شكلت فيصلاً في حياة الإنسان، وسمحت له بالانتقال من محطة السكون إلى محطة التقدم والتطور.
ولا يعتبر الملفت في مثل هذه القصص وجودها بحد ذاتها، بل أن الملفت في ذلك هو في من تتعلق هذه القصة حيث أنها كلما ارتبطت بأشخاص محدودي الخيارات، وقليلي الإمكانات، مثل قلة الموارد المالية والدعم المعنوي، أو شح "الحظ" من الدنيا، والتي يمكن قياسه بمستوى خسارته المادية والمعنوية والحقيقية، مثل قصص النجاح التي ارتبطت بالأيتام، والفقراء، وقاطني القرى النائية البعيدة عن نبض المدن، وميزاتها.
وعلى الرغم من أن لكل زمان نصيب من هؤلاء الأبطال، إلا أنني أعتقد أن في زماننا الحالي الحظ الأوفر، والنسبة الأكبر من الحرمان، مع اختلاف نوعه وكيفيته وطبيعته، حيث اعتدنا في هذا الزمان على مصادفة الغريب من كل شيء، حتى يصبح بعد فترة من الزمان داخل دائرة المألوف والطبيعي، ومن ذلك إن زيادة ما يمتلك الإنسان باتت دلالة على فقره وازدياد حاجته وحرمانه. ولتوضيح ذلك أكثر فإن ما حظى الإنسان اليوم في مجتمعاتنا من تعدد لوسائل المعرفة وسهولة للوصول محركات البحث ووفرة الإنترنت والتخمة المجتمعية من الأجهزة الالكترونية، واكتفاء أفراد الأسرة جميعا بذلك من الطفل إلى الشاب إلى الشيخ الكبير، باتت تمثل أكثر وسائل الحرمان والرفاهية في ذات الوقت.
فأما الرفاهية فما هي إلا دلالة سطحية مفرغة، فالقدرة على سهولة التواصل وإنجاز الأعمال على الأجهزة الإلكترونية وإلغاء الحدود بين دولة وأخرى وقارة وأخرى شابها الكثير من المعاني المختلطة، التي أدت في تداعياتها الملحوظة للتفاقم هذا الاستخدام حتى أصبح يشكل حالة مرضية يعالجها المختصين والمفكرين ويعبرون عنها ب: " الإدمان الالكتروني"، وفي ذلك الكثير من الإشكاليات والمعاني التي تحتاج إلى تفصيل ومعالجة واحدة تلو الأخرى.
وأما فيما يتعلق بالحرمان فإنها شكلت هذه الأدوات وسيلة لإشباع الإنسان بمختلف أشكال الحرمان منذ طفولته ونعومة أطفاله فهي أولا وسيلة للحرمان العاطفي للأطفال بانشغال أولياء أمورهم في هذه الأجهزة أغلب الأوقات، وهي حرمان أفراد الأسرة ذاتهم من التشارك والتفاعل في السياق الاجتماعي الذي كان يحوز الكثير من الحظ في الحب والانسجام والتعاون والتعلم الذي بات يتيما في وقتنا الحاضر لانشغال كل واحد من أفراد الأسرة في جهازه وعالمه الرقمي الوهمي الذي يسبح به، و يصول ويجول ليلاً ونهاراً، أضف إلى ذلك أحد أقسى أنواع الحرمان بعد ذلك الحرمان العاطفي الاجتماعي، وهو الحرمان المعرفي حيث تسببت وفرت الوسائل والأدوات المعرفية ومحركات البحث الموجودة اليوم بكل سهولة وسلاسة في جميع الأجهزة الالكترونية إلى وأد الشغف والإرادة الإنسانية المعرفية التي يمكن تسميتها ب: " التقليدية"، والتي أراها برأيي المتواضع أنها : " الجوهرية"، فأين شغف أبنائنا وطلبة العلم اليوم للاستزادة المعرفية والإصرار على البحث في أعماق أبحر العلوم، وهم محاطون من جميع الاتجاهات بتراشق معرفي ومعلوماتي متشابك ومشتت وغير منظم في الفضاء الإلكتروني الرقمي؟
إن كل ذلك وما هو أبعد من ذلك يعبر عن حاجة ملحة لاستجابة معرفية وعلمية وثقافية وفلسفية متناغمة ومترابطة ومتلاصقة مع الخبرة من ذوي الاختصاصات في المجالات الرقمية ومجالات الذكاء الاصطناعي، إيمانا منا بعدم القدرة على الانفصال أو الإنفصام في واقع الإنسان الواقعي عن الافتراضي، ولكنه إيمانا وإلحاحا وإصرارا في ذات الوقت على ضرورة الموائمة بين الاكتناز والثراء الرقمي، والمنهجية المنظمة في اكتساب المعرفة وشتى أنواع الثقافات والعلوم والمعلومات التي يحتاج إليها الإنسان في جميع مراحله التحصيلية التعليمية والثقافية الفكرية.
وإن هذا في ذات الوقت هو السبيل الصحيح والمثالي للانتقال بالإنسان من المحدودية والتقييد المعرفي وجمود العملية الرتيبة "التلقينية" البحتة، إلى البراحة المعرفية التي يمكن من خلالها الجمع بين أكثر من أسلوب وأداة معرفية بالطريقة تناغمية معيارية منهجية متزنة في كل مرة حلها ومعطياتها، مما يعني القدرة على تطوير معنى " التطوير" ذاته، حيث يتم الارتقاء به من مجرد التقدم في عدد سنوات الدراسة الأكاديمية، إلى إحداث التغيير الفعال والفعلي في الأسلوب والقدرة والمهارة، وهو بمعنى آخر "صناعة عقل"، وليس الاكتفاء ب "صناعة شاغر" محدود الهدف والوسيلة.
* أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.