أصبح مصطلح الخلايا النائمة رائجا في المجتمع المصري عقب ثورة 30 يونيو كرواج الشائعات التي صارت تطال كل حياتنا، ورغم كون هذا المصطلح جديدا في عالم السياسة بمصر إلا أن أصوله تعود لعالم الحروب السرية التي تمارسها دول داخل دول أخرى ، وهو في الحقيقة مصطلح يرتبط بمفهوم آخر اشمل وأعم منه وهو الطابور الخامس أو طابور العملاء. فقد تغيرت ملامح المجتمع حولنا ، وأصبحنا نكتشف يوميا أشخاصًا كنا نظن أننا نعرفهم فاكتشفنا أنهم ليسوا هم الذين عرفناهم، كنا نقرأ ونسمع لهم آراء فتجد التوجهات قد اختلفت والآراء تكشفت على حقيقتها، وبوصلة الأفكار لديهم قد أصبحت أكثر وضوحا تجاه تيار بعينه، وصارت الأسئلة كثيرة حول هؤلاء لدرجة مخيفة أحيانا ومحيرة أحيان أخرى. ربما تستيقظ لتجد أن هناك وجها آخر للفترة السياسية الماضية التي عشناها والسياسيين الذين عرفناهم، وربما يرجع الفضل في هذه الاكتشافات لجماعة الإخوان بعد سيطرتهم على المشهد السياسي العام ، فهم أبطال حكم عام واحد ظهروا في بدايته كقوة حاكمة حاولوا التوغل وزرع خلاياهم النامية والنائمة للسيطرة على مفاصل بل وجذور الدولة ، فكانت بطولتهم زائفة انهارت في ساعات بفضل شعب واع مدرك. الخلايا النائمة هي في الحقيقة أشد فتكا من القوات العسكرية ،هي عناصر وقوات سرية متخفية بملابس مدنية، فإن كانت القوات العسكرية معروفة العدد والعدة ومميزة في تجهيزاتها العسكرية فإن هذه الخلايا من الصعب معرفة عددها وعدتها، والقوات العسكرية تجابه الأعداء في جبهات قتال خارجية أو على الحدود أو في معسكرات القتال فإن الخلايا النائمة تفتح عادة جبهات وصراعات وفتنا داخلية وتسوق شائعات تضر الأمن القومي وتهدف لزعزعة الاستقرار، وفي الوقت الذي ترتبط فيه القوات العسكرية النظامية بجهة رسمية كوزارة الدفاع للدولة ، فعلى العكس الخلايا النائمة ترتبط بأجهزة مخابرات وتنظيمات سرية إرهابية أو تنظيمات مدنية لها أجندات معادية. لذلك فإن خطر الخلايا النائمة أكثر وأشد فتكا وأكثر إضرارا بكل مناحي الحياة من الحروب ، كما أن كشف الخلايا النائمة يظل أكثر صعوبة على أجهزة الدولة، فتلك الخلايا النائمة تظل دون هيكل تنظيمي يصعب التوصل لكافة وحداته وتشكيلاته المخربة. وفي تاريخ جماعة الإخوان ، برز فكر زرع الخلايا النائمة في وصايا مصطفى مشهور مرشد الجماعة خلال التسعينات بهدف تواجد رجال الإخوان داخل مؤسسات الدولة ، فهذه الجماعة التي اعتادت العمل السري تحت الأرض كانت تدرك أن قوتها في وجود العمل التنظيمي السري ، حتى بخروجها إلى النور وسيطرتها على الحكم العام الماضي كانت سياسة زرع الخلايا النائمة قائمة للسيطرة على مؤسسات الدولة لتحقيق مخطط التمكين فاكتشفنا أشخاصا لم تكن لهم علاقة بالجماعة يدافعون عن سياساتها ويبررون قرارات الرئيس المعزول قبل وبعد صدورها ، وإذا بهم عقب 30 يونيو لا زالوا يعتبرون ما حدث انقلابا. ما يحكم فلول الجماعة الآن عقلية التنظيم السري التي لاتزال تسكنها ، فهي مكون أساسي يحكم أخلاق الجماعة، والتحذير الآن ليس من الصورة المعروفة للخلايا النائمة في شكلها المألوف كتنظيم إرهابي ،بل من صور أكثر خطورة ،فقد تتشكل خلايا إرهابية لضرب الأمن الداخلي ، وقد تتشكل جماعات مخابراتية تعمل لصالح التنظيم الدولي أو لصالح تنظيمات مخابراتية لدول معادية ، أو تكون الصورة في شكل تنظيم مدني ظاهره خدمة المجتمع وباطنه زعزعة الاستقرار وضرب الأمن القومي وإثارة الفتن والشائعات.