يبدو أن غلاء المصايف داخل الأوطان العربية، أصبحت ظاهرة متكررة، ففي دولة المغرب، اضطرت مجموعة من الأسر المغربية إلى قضاء عطلة الصيف بعدد من المدن الأوروبية، خاصة بإسبانيا وفرنسا وإيطاليا، بسبب ارتفاع الأسعار بشكل مضاعف في المناطق الشمالية والجنوبية للمملكة، حيث أصبحت الأسعار بتلك المناطق تتنافس مع درجات الحرارة في الارتفاع. وتشهد هذه الفترة السنوية زيادات مطردة في أسعار إيجار الوحدات المنزلية وما يرافقها من ارتفاع في أثمان الوجبات الغذائية والخدمات السياحية، خاصة بالمدن الشمالية التي تعرف توافدا لافتا للمغاربة، وبمقارنة تكاليف المكوث في تلك المناطق، وجد الكثير من المغاربة أن السفر لدول أوروبا وقضاء الأجازة بها أرخص من التواجد داخل المغرب، وذلك بحسب ما جاء بصحيفة هسبريس المغربية.
الشغل الموسي تبرير لرفع الأسعار وفسر مهنيو القطاع هذه الزيادات بأن العمل بتلك المناطق السياحية هو عمل موسمي للفاعلين في السياحة خلال عطلة الصيف، خصوصا فيما يخص عملية إيجار المنازل، وذلك بخلاف الوحدات الفندقية التي تتوفر على أسعار سنوية متعارف عليها، ورغم هذا التبرير، فقد ندد عدد من المغاربة بالتعريفات الصيفية المعتمدة في هذه المدن خلال الصيف، مؤكدين أن "الحكومة تروج فقط للسياحة الخارجية؛ فيما لا تشجع السياحة الداخلية التي تعاني من تداعيات غلاء الأسعار".
وبحسب ما جاء بالصحيفة المغربية، فقد قال محمد بامنصور، رئيس الفيدرالية الوطنية للنقل السياحي بالمغرب، إن النقل السياحي يعاني من الركود الاقتصادي رغم الدينامية الحالية التي استفاد منها أرباب الفنادق فقط، مشيرا إلى أن 85 في المائة من القطاع يشكو الركود التام، وأضاف بامنصور، أن الغلاء الحاصل في السياحة الداخلية مسألة طبيعية؛ لأن الحكومة تشجع فقط السياحة الخارجية لمغاربة العالم والسياح الأجانب في فصل الصيف.
الفنادق للسياحة الأجنبية وإيجار المنازل يرتفع صيفا وأوضح المتحدث ذاته، أن معظم الفنادق تكون محجوزة للسياحة الخارجية، بينما موجة ارتفاع الأسعار تهم، بالأساس، إيجار المنازل خلال شهري يوليو وأغسطس، لأن أصحابها يشتغلون فقط خلال العطلة الصيفية، ما يدفعهم إلى رفع الأسعار بشكل قياسي بخلاف الفنادق، أشار المهني إلى غياب ثقافة السفر أيضا لدى مغاربة الداخل الذين يتوجهون إلى مناطق مشتركة في الصيف، داعيا إلى "إنشاء وكالة سياحية وطنية للاعتناء بالسياحة الداخلية؛ وهو ما من شأنه القضاء على السماسرة من خلال تنظيم أسفار جماعية في الصيف".
الزبير بوحوت، خبير في المجال السياحي، أفاد بأن البنية الفندقية ضعيفة بالمغرب؛ الأمر الذي يؤدي إلى غلبة الطلب على العرض السياحي الصغير، ومن ثم، يرتفع السعر بشكل مباشر، خاصة ما قدوم مغاربة العالم والسياح الأجانب، وذكر بوحوت، في تصريح لصحيفة هسبريس، بأن "المقاولات السياحية تهدف إلى تحقيق الربح، وهو أمر مفهوم ومنطقي للغاية، فلا يمكن للوحدة الفندقية أو مؤجري المنزل أن يعطي الأولوية للسائح الداخلي على حساب السائح الخارجي.
الأجنبي يكسب وأكد الخبير في المجال السياحي أن الأولوية تكون لمن يدفع أكثر، لأن الهدف هو الربح في فصل الصيف، وهو أمر طبيعي لأن السائح الأجنبي تكون قدرته الشرائية مرتفعة، وزاد بأن "غياب دعم الدولة للسياحة الداخلية يعمق هذه الأزمة التي تتكرر كل سنة، وهو ما يدفع العديد من الأسر للسفر خارج المغرب، وخصوصا إلى أوروبا، حيث تكون التكلفة أقل من السياحة الداخلية بالمغرب.
وأردف بوحوت بأن "مؤسسات القطاع الخاص لا تشجع كذلك على السياحة الداخلية، حيث يفترض أن تمنح الأجراء منحة العطلة"، ليخلص إلى أن "غياب هذه الميكانزمات التحفيزية من طرف الدولة وكذا القطاعين العام والخاص يجعل المواطن يعيش معاناة حقيقية مع السفر".
3 ملايين سائح بالربع الأول ل 2023 و11 مليون ب2022 وفقا لما أعلنته الحكومة المغربية، فقد حدث نمو بالسياحة الوافدة إلى البلاد بنسبة 17 بالمئة في الربع الأول من 2023، مقارنة بالفترة المقابلة من 2019، مسجلة 2.9 مليون سائح، وقالت وزارة السياحة في بيان لها، إن القطاع السياحي في المغرب سجل أرقاما استثنائية في نهاية الربع الأول من العام الجاري. وذكرت أن الربع الأول شهد استقبال 2.9 مليون سائح عبر المعابر الحدودية، بزيادة 416 ألف سائح، أو 17 بالمئة، مقارنة بالفترة نفسها من 2019 قبل وباء كورونا، وفي 31 يناير، فيما قالت الحكومة إن 11 مليون سائح زاروا البلاد خلال عام 2022 بكامله.
وترجع الزيادة في عدد السياحة الوافدة خلال الربع الأول من 2023، إلى انتعاش العديد من الأسواق السياحية الكبرى، خاصة إسبانيا وبريطانيا وإيطاليا وأميركا، التي عرفت معدلات نمو بلغت نسبها على التوالي 45 و28 و9 و5 بالمئة، بحسب البيان، وأضاف البيان: "تم اتخاذ العديد من التدابير القوية خلال 2022، من قبل الوزارة والمكتب الوطني للسياحة، في مجالي النقل الجوي والترويج السياحي، وستعرف 2023 تعزيز الجهود المبذولة في مجالات التسويق وتوسيع الربط الجوي".
8 مليارات دولار عوائد للسياحة بالمغرب وذكرت وزيرة السياحة فاطمة الزهراء عمور، خلال جلسة برلمانية مطلع العام الجاري، أن مداخيل العملة الصعبة من السياحة بلغت 81.7 مليار درهم (8 مليارات دولار) خلال 2022، ويقول المغرب إن مخططه لإنعاش القطاع السياحي يتوقع تحقيق 26 مليون سائح سنويا في أفق عام 2030. وكانت السياحة من أكثر المجالات التي تضررت في البلاد بسبب وباء كورونا، حيث قدمت الحكومة دعما ماديا أكثر من مرة للعاملين في القطاع.
المغرب في صدارة البلدان الأكثر جذباً للسياح الأجانب وقد أظهر تقرير صدر حديثاً أن المغرب في صدارة قائمة البلدان الأكثر جذباً للسياح الأجانب، بسبب ملاءمة أسعار الخدمات، بالإضافة إلى بنيته التحتية العصرية والمناظر الطبيعية التي يزخر بها، بحسب ما جاء بموقع "ترافل أوف باث" الأميركي، فإن المغرب عرف توافد نحو 3 ملايين سائح خلال الربع الأول من العام الجاري، بزيادة قدرها 19% مقارنة بالعام 2019، وارتفاع قياسي بلغ أكثر من أربعة أضعاف مقارنة بالعام الماضي.
ووفقاً للمصدر، فإن "السياح الذين يزورون المغرب يعودون إليه، خاصة الإسبان والإيطاليين والبريطانيين والأميركيين منهم"، ويفسر الموقع الزيادة في أفواج السياح ب"التنوع والثراء الثقافيين للمغرب والأسعار المعقولة للخدمات التي يوفرها للسياح، إضافة إلى تقاطع تاريخ هذا البلد مع تاريخ الجنوب الأوروبي".