بعد مرور عدة ساعات على بدء سريان حظر التجول في 14 محافظة مصرية، شهدت شوارع القاهرة هدوءا غير مسبوق منذ الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك يوم 11 فبراير2011. هذا الهدوء، الذي ساد ميادين وشوارع العاصمة القاهرة مركز الأحداث، تخلله وجود مكثف للجان الشعبية قرب المناطق السكنية، حيث يقف العشرات من أبناء المنطقة أو الحي، حاملين العصي؛ تحسبا لضبط مسلحين ضمن المارة، الذين يقومون بتفتيشهم والتأكد من هوياتهم. ورغم أن هذا الهدوء أعاد للأذهان مشهد فرض حالة الطوارئ وحظر التجول خلال ثورة 25 2011، إلا أن المصريين، كعادتهم، كسروا القاعدة، إذ تمرد عدد من أصحاب المقاهي والمحال على فرض حظر التجول بفتح المحال لاستقبال زبائنهم. وأعلن مجلس الوزراء المصري يوم الأربعاء حظر التجول في 14 محافظة طيلة مدة إعلان حالة الطوارئ، وهي شهر بدأ الأربعاء، غير أن التليفزيون الرسمي ذكر في وقت لاحق أن الحظر بدأ الأربعاء استثنائيا من الساعة التاسعة. وأهابت القوات المسلحة المصرية بالمواطنين الالتزام بحظر التجول، مشددة على أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية "بمنتهى الحزم" عند مخالفة إجراءات حظر التجول. وفسّر محمد علي، صاحب مقهى بوسط القاهرة، كسره لحظر التجول قائلا إن "الحكومة فرضت الطوارئ والتجول على (جماعة) الإخوان المسلمين (التي ينتمي إليها مرسي)، لكن نحن لسنا مخربين والجيش مر منذ دقائق من هنا، ولم يعتقلنا". وأضاف: "هم (الحكومة) مطمئنون إلى أننا لن نقوم بأعمال عنف كأنصار (الرئيس المعزول محمد) مرسي، ووجودنا لحماية المنطقة وكسب الرزق في الوقت نفسه". ورغم أنه كان من المتوقع أن تشهد البلاد انتهاء لمشاكل المرور، لكن اختفاء التكدس المروري قابله مشاكل من نوع أخر، مثل وجود الحواجز المرورية في شوارع رئيسية، وإصرار اللجان الشعبية على غلق عدد من الطرق؛ مما أثار استياء عددا من قائدي السيارات. لكن الاستياء سرعان ما ينتهي مع تدخل أحدهم لإقناع أصحاب السيارات باتخاذ مسلك آخر. وقال أحد سائقي سيارات الأجرة لمراسلة الأناضول: "البلد تولد من جديد ويكفي أن الجيش والشرطة يتعاملون معنا باحترام، فقط يسألون عن وجهتي ويتركوني، ولو معي زبون، يرون بطاقة هويته عندما يثير شكوكهم". وأضاف السائق، الذي بدا سعيدا بالسيولة المرورية: "الآن يمكنهم تنظيف البلاد من الطرف الثالث ولو الإخوان مظلومين سيظهر ذلك بعد بقائهم في المنازل مثل بقية المصريين". واتهمت السلطات المصرية في أوقات سابقة مجهولين بالمسؤولية عن أحداث العنف التي زادت وتيرتها بعد ثورة يناير2011 واصطلح إعلاميا على تسمية هؤلاء المجهولين ب"الطرف الثالث". وشهدت ميادين مصرية مختلفة في القاهرة انتشارا للمدرعات التابعة للجيش إلى جانب قوات الشرطة مع بدء سريان حظر التجول. وجاء إعلان رئيس الحكومة المصرية لحظر التجول كمحاولة للسيطرة على الأوضاع المضطربة في أرجاء البلاد، في أعقاب فض قوات الأمن المصرية بالقوة يوم الأربعاء اعتصام أنصار مرسي في ميداني "رابعة العدوية" و"نهضة مصر". وأوقع ذلك الفض قتلى وجرحى وفجر موجة عنف في غالبية المحافظات. وأعلنت وزارة الصحة في بيان لها مساء يوم الأربعاء أن 278 قتيلا و2001 مصاب سقطوا خلال أحداث العنف التي شهدتها محافظات مصرية مختلفة اليوم؛ بينهم: 61 قتيلا في ميدان رابعة العدوية، و21 قتيلا في ميدان النهضة و18 قتيلا في حلوان و135 قتيلا في مختلف المحافظات، إضافة إلى 43 من رجال الشرطة. لكن يوسف طلعت، عضو "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، المؤيد لمرسي"، صرح لفضائية "الجزيرة" الإخبارية بأن لديهم احصائية ب 2600 قتيل و7000 جريح جرى توثيقها في عملية فض اعتصام "رابعة العدوية"، مضيفا أن هناك أعدادا أخرى من القتلى لم يتم توثيقهم، على حد قوله. وعادة، لا تعلن وزارة الصحة المصرية إلا عن الضحايا الذين يتم نقلهم بسيارات الإسعاف التابعة لها أو أولئك الذين يتم إسعافهم عبر مستشفياتها.