"لدي 3 خيارات لمستقبلي: أن أسجن أو أموت أو انتصر، والخيار الأول غير قائم، فأنا أفعل اللازم ولا أدين بأي شيء لأحد" .. هكذا تحدث الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، وذلك في يوم 29 أغسطس 2021، وذلك عند زيارته لإحد مدن البرازيل، وكان الحديث عن سعيه للفوز بولاية رئاسية ثانية، وكان يقصد انتخابات 2022 الماضية. أصبح مصير اليميني المتطرف، جايير بولسونارو، هو حديث كافة وسائل الإعلام حول العالم، وذلك بعد أن أصبح المتهم الأول الذي يقف خلف الأحداث التي شهدتها العاصمة البرازيلية يوم الأحد، فما هي خياراته المتاحة، في ظل بقاء خيار واحد من الخيارات التي حددها لنفسه، فهو خسر الانتخابات وهرب خارج البلاد كي لا يسجن، فليس أمامه إلا الوت، وإن كان مازال هناك فرص لخيارات أخرى.
يذكر أن أنصار بولسونارو، قد شنوا هجوماً على مراكز السلطة الرئيسية في برازيليا، واقتحم مئات من مناصريه مقار الكونغرس والمحكمة العليا وقصر بلانالتو الرئاسي في برازيليا، تعبيراً عن رفضهم الاعتراف بفوز لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بعد أكثر من شهرين من انتخابه رئيساً.
يبدو أن بولسونارو، الذي تخلى عن برازيليا عشية أداء الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا اليمين في اليوم الأول لعام 2023، أصبح من غير المرجح أن يعود قريبا إلى بلاده وسط تكهنات بالقبض عليه فور وصوله إلى بلاده، وكانت وجهة الرئيس السابق هي الهرب إلى فلوريدابالولاياتالمتحدةالأمريكية.
وعن طريقة دخوله إلى الولاياتالمتحدةالامريكية، قبل يومين من نهاية فترة ولايته الرئاسية في ليلة رأس السنة، فقد ذكرت تقارير صحفية أمريكية، أن بولسونارو سافر إلى الولاياتالمتحدة مع عائلته، وقد دخل بتأشيرة لرؤساء الدول، وهي الأنباء التي لم يؤكدها المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، لكنه قال إن أي شخص يصل بتأشيرة رسمية أجنبية يجب أن يغادر الولاياتالمتحدة في غضون 30 يومًا أو التقدم بطلب لتغيير وضع الهجرة.
لجأ للمستشفى ليلة الهجوم ..
وفيما وصفته الصحف العالمية بمرض سياسي، لجأ جايير بولسونارو، للدخول إلى المستشفى غداة اقتحام المئات من أنصاره مقرات السلطة في برازيليا، وذلك وفق ما كشفت عنه زوجته ميشيل، معللة ذلك بسبب آلام في البطن، حيث ذكرت تقارير إعلامية أن بولسونارو نقل إلى مستشفى "أدفنت هلث سيليبريشن" للرعاية العاجلة خارج أورلاندو في ولاية فلوريدا.
وكتبت ميشيل بولسونارو على إنستغرام: "يخضع (بولسونارو) للمراقبة في المستشفى بعد شعوره بانزعاج في البطن بسبب هجوم الطعن الذي تعرض له عام 2018" خلال حملته الرئاسية من دون ذكر اسم المستشفى"، .. ولكن لم يستمر بولسونارو داخل المستشفى كثيرا، فقد تم الإعلان عن خروجه بعد إقامة قصيرة.
الخارجية تطالب بخروجه ونواب يطلبون تسليمه للبرازيل
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية إنه " فى حالة دخول شخص ما إلى الولاياتالمتحدة بتأشيرة من نوع مختلف، وهي في الأساس تأشيرة دبلوماسية للدبلوماسيين الأجانب ورؤساء الدول ثم لم يعد هذا الشخص الذي يحمل التأشيرة منخرطا في الأعمال الرسمية لنيابة حكومته يتعين عليه مغادرة الولاياتالمتحدة أو التقدم بطلب لتغير حالة الهجرة فى غضون 30 يوما ".
ولكن خيار الرحيل الاختياري ليس هو المقترح الوحيد داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية، فقد حث أعضاء ديمقراطيون في الكونجرس الأمريكي، السلطات الأمريكية على تسليم بولسونارو إلى بلاده، بعد أن اقتحم أنصاره المباني الحكومية في العاصمة برازيليا، حيث كان تحرك عاجل من الكونجرس الأمريكي ضد الرئيس البرازيلي السابق.
وفي حديثه إلى شبكة "سي إن إن"، دعا السيناتور الديمقراطي خواكين كاسترو البيت الأبيض والسلطات المحلية في فلوريدا إلى النظر في إعادة بولسونارو الخطير إلى البرازيل.، وقال كاسترو، إن بولسونارو "يجب تسليمه إلى البرازيل"، واصفا إياه بأنه استبدادي استخدم "كتاب قواعد اللعبة لترامب" لإلهام الإرهابيين المحليين لمحاولة الاستيلاء على الحكومة.
وعن احتمالية الحصول على جنسية أخرى، زعم تقرير في مجلة إستو البرازيلية هذا الأسبوع أن الرئيس السابق كان يضغط على الحكومة الإيطالية لمنح جنسية عائلته، وأنه يأمل في الانتقال إلى هناك بعد الخروج من الولاياتالمتحدة لتجنب السجن، وبحسب ما ورد بالتقرير فإن بولسونارو يعتقد أن السلطات البرازيلية لن تكون قادرة على تسليمه من الدولة الأوروبية، التي هاجر منها جده الأكبر فيتوريو بولزونارو في أواخر القرن التاسع عشر.
وتلك الأنباء أكدتها تحركات فعلية، فوفق ما يمكن استنتاجه من خبر بثته وكالة ANSA الإيطالية في 25 نوفمبر الماضي، وفيه أن ابنيه، النائب ادواردو وعضو الكونغرس فلافيو، تقدما بطلب للحصول على الجنسية الإيطالية، لأن والدهما إيطالي الأصل، وهو ما يؤكد تلك التوجهات لدى بولسونارو، بل تحدثت تقارير عن أنه طلب له ولزوجته وابنته القاصر من السفارة الإيطالية في برازيليا الإسراع بإصدار الجنسية الإيطالية قبل مغادرته لأمريكا.
ولكن يبدوا أن خططته تجاه إيطاليا لن تكتمل، فقد أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، اليوم الثلاثاء، أنه ليس لديه علم يقيني بأن الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو طلب الجنسية الإيطالية، وقال تاجاني في مقابلة مع إذاعة إيطالية إن "بولسونارو لم يطلب الجنسية ولا أعتقد أنه يستطيع الحصول عليها".
ومنذ اللحظة الأولى، أشارت أصابع الاتهام إلى الرئيس السابق بوقوفه خلف أحداث الأحد داخل العاصمة البرازيلية، كون أنصاره من اليمين المتطرف هم من قاموا بتنفيذ الهجوم على مؤسسات الدولة الثلاثة، وفي تحرك قانوني، قامت الشرطة البرازيلية بتفتيش منزله داخل العاصمة، وهو ما يشير إلى تحرك قضائي بحقه.
فيما تقدم السيناتور البرازيلي رينان كاليروس، بطلب إلى قاضي المحكمة الفدرالية العليا في الولاياتالمتحدة الأميركية ألكسندر دي مورايس، بغرض التسليم الفوري لبولسونارو، وقال: "بولسونارو تورط ويتحمل مسؤولية أفعال المتظاهرين، ويجب إدراجه في التحقيق بالوضع حول الاحتجاجات، واستدعائه إلى المحكمة لشرح مشاركته في أعمال مناهضة للديمقراطية".
كذلك، طالب كاليروس باستصدار أمر بعودة الرئيس السابق إلى البرازيل في غضون 72 ساعة، وإذا لم يتم تنفيذه خلال الفترة المحددة، فقد طالب باحتجاز أولي لبولسونارو في الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث يوجد حاليا هناك.
قضايا سابقة تنتظره
فيما ذكرت صحف برازيلية أن الرئيس السابق يخشى المقاضاة على جرائم سابقة وقت رئاسته للبلاد، ومنها استجابته المناهضة للعلم لوباء كوفيد الذي أودى بحياة ما يقرب من 700000 شخص في بلاده، هذا بجانب أجواء التوتر السابقة مع القضاء البرازيلي، فقد هاجم بولسونارو المحكمة الاتحادية العليا والمحكمة العليا للانتخابات، في وقت سابق من 2021.
وواجه بولسونارو حينها انتكاسة عندما رفض رئيس مجلس الشيوخ البرازيلي رودريغو باشيكو، طلبه لبدء إجراءات عزل ضد ألكسندر دي مورايس، أحد القضاة الأحد عشر في المحكمة الاتحادية العليا وعضو المحكمة العليا للانتخابات، وقد بدأ الخلاف بينهما قبل تصريحه بعدة أشهر، ولا سيما بسبب تشكيك بولسونارو في شرعية نظام التصويت الإلكتروني البرازيلي، المعمول به منذ عام 1996.
وقد فتحت المحكمة العليا تحقيقات عدة ضد الرئيس بولسونارو، حيث أمر القاضي ألكسندر دي مورايس حينها بالتحقيق مع الرئيس بتهمة "التشهير" و"التحريض على الجريمة"، وأدرجت المحكمة الانتخابية العليا أيضا اسم بولسونارو في تحقيق فتح عام 2019 من قبل المحكمة الاتحادية العليا في جرائم وتهديدات ضد العديد من قضاتها.