أعادت زلة لسان الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش الأبن، ملف غزو العراق، إلى الواجهة مرة أخرى، ولكن هذه المرة اعترف بوش الأبن، بأن غزو العراق كان "وحشيا وغير مبرر"، حيث أنه وفي إطار حديثه عن الحرب بين روسياوأوكرانيا، خلال حفل نظمته مؤسسة بوش في ولاية تكساس، قال الرئيس الأمريكي الأسبق إن "العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا جاءت بقرار رجل واحد أن يشن غزواً غير مبرر على الإطلاق ووحشيّ على العراق - أقصد أوكرانيا". جورج بوش يعترف قوبلت زلّة اللسان هذه بالضحك من الجمهور الذي كان متواجداً في الحفل، فيما بدا على جورج بوش الإحراج من اعتراف، مبررا أنه تخطى ال 75 عاما، ولكن وسائل إعلام عربية وأمريكية تداولت المقطع وعلق البعض عليه، بأن العقل الباطن للرئيس الأمريكي الأسبق قد فضحه.
في هذا التقرير نستعرض جرائم جورج بوش وجيشه في العراق منذ الغزو الأمريكي وحتى الانسحاب. الغزو الأمريكي على العراق في عام 2003، شنت الولاياتالمتحدة هجومها على العراق، لفتح الباب لأكثر فترة دامية في تاريخ البلاد، وقد بلغت ذروتها من نشوب حرب طائفية وصعود التنظيمات الإرهابية والجهادية، فبين عامي 2003 و 2011، قتلت أمريكا أكثر من 100 ألف مدني بحسب منظمة Iraq Body Count، في حين خسرت أمريكا 4500 شخص.
جرائم أمريكا في العراق أحد الأدلة على جرائم بوش في العراق هو تقرير جون شيلكوت، رئيس اللجنة البريطانية المكلفة بالتحقيق في ظروف وملابسات التدخل البريطاني في حرب العراق والذي نشر 2016، واستمر إعداده 7 سنوات، ويستند عليه العديد من الخبراء والبرلمانيين والسياسيين ومنظمات حقوق الإنسان لوضع توني بلير، رئيس الوزراء البريطانى الأسبق، وأيضا الرئيس الأمريكي جورج بوش فى قفص الاتهام، وتقديمهما للمحاكمة كمجرمي حرب. ووجه تقرير شيلكوت انتقادات قاسية لتونى بلير، معتبرا أن غزو العراق حدث قبل استنفاد كل الحلول السلمية، كما أن خطط بريطانيا لفترة ما بعد الحرب لم تكن مناسبة، ووجه التقرير هذه الاتهامات أيضا، حتى يحاكم عليها كلا من بلير وبوش. جرائم أمريكا في العراق الكذب بشأن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل أول تهمة موجة ل "بوش" "وبلير"، هو الكذب، بشأن امتلاك نظام الرئيس العراقى الراحل صدام حسين لأسلحة دمار شامل، وأنه يمثل خطورة على المجتمع الدولى، لينالا تأييدا دوليا من مجلس الأمن، لكنه لم يحدث، واستمر الثنائي في الكذب لينتزعا الموافقات من مؤسسات دولتيهما، وشعبيهما، وليسمحا لجيشهما بالبدء فى غزو العراق وهو ما حدث في مارس 2003. وظهر الكذب في اعترافي الثنائي، بأن هدف الحرب لم يكن التخلص من أسلحة الدمار الشامل المزعومة، ولكن تحرير الشعب العراقى من المستبد صدام حسين، ونشر الديمقراطية.
غزو دولة ذات سيادة.. حرب غير قانونية في ليل الخميس الموافق 20 مارس 2003، فاجأت الولاياتالمتحدة العالم، بإطلاق 40 صاروخ كروز، الأسطول الأمريكي، تجاه العاصمة العراقيةبغداد، معلنة بدء حرب الخليج الثالثة، وهو ما أغضب دول العالم وعلى رأسهم روسيا وفرنسا وألمانيا والصين بسبب عدم الحصول على تفويض دولي أو أممي من مجلس الأمن، الذي رفض إصدار قرار يبيح لأمريكاوبريطانيا استخدام القوة العسكرية في العراق.
كما أنه وقبل 3 أيا من الغزو، حاولت لندن وواشنطن، إضفاء الشرعية على حربهما من خلال استصدار قرار من مجلس الأمن، يتيح لهما التدخل العسكري فى العراق، ولكن فشلا في ذلك بسبب معارضة الصين وفرنسا وروسيا القرار الأمريكى، وتم إيقاف مشروع القرار.
كما أن حجج بوش وبلير، لخوض الحرب، كشف كذبها، مفتشي الأسلحة التابعين للأمم المتحدة، برئاسة هانز بليكس، وأعلنوا قبل الحرب بنحو شهرين، عدم العثور على أية أدلة قاطعة فى بحثهم عن أسلحة الدمار الشامل فى العراق، وفي 14 فبراير 2003، قدم بليكس، تقريره الأخير عن الالتزام العراقي بقرار مجلس الأمن الدولى رقم 1441، بما يعنى أن العراق لا يمثل تهديدا مباشرا وخطرا على الولاياتالمتحدةوبريطانيا فى ذلك التوقيت. غزو أمريكا للعراق كما أنه في صباح اليوم الثاني للحرب، كانت القوات الأمريكية والبريطانية قد نفذت 1000 طلعة جوية أطلقت خلالها 1000 صاروخ على العراق بحسب بيانات القيادة العسكرية الأمريكية والتى أعلنت أيضا توغل القوات الأمريكية نحو 160 كم فى الأراضى العراقية.
ارتكاب أمريكا جرائم حرب في ثامن أيام الحرب، أعلن هانز بليكس كبير مفتشى الأسلحة الدوليين التابع للأمم المتحدة، أن القوات الأمريكية والبريطانية لم تقدم دليلا واحدا على استخدام الجيش العراقى أي من الأسلحة المحظورة دوليا، وأن العراق أطلق صواريخ من طراز الفتح المسموح بها وليس من طراز سكود المحظورة، هو نفس اليوم الذى بدأت فيه القوات الأجنبية فى إلقاء قنابل عنقودية على حى سكنى بمدينة البصرة أحد أكبر المدن العراقية. وفى الوقت الذى سقطت فيه بغداد كان التقرير الصادر عن الأممالمتحدة يشير إلى احتمال وصول أكثر من نصف سكان الشعب العراقي إلى ما دون حافة الفقر والجوع بسبب الحرب وتردى الأوضاع الاقتصادية، هو نفس التوقيت الذى خرج فيه وزير خارجية بريطانيا "جاك سترو" معترفا بعدم وجود أى دليل مادى لأسلحة دمار شاملة فى العراق.
جرائم الحرب لم تتوقف على البصرة فقط، ولكنها امتدت لقصف المدنيين العزل وقتلهم، والتى كان من بينها مجزرة حديثة التى وقعت فى نوفمبر 2005، حيث قتل جنود من مشاة البحرية الأمريكية ينتمون إلى الكتيبة الثالثة من الفرقة الأولى، 24 مدنيا عراقيا بينهم نساء وأطفال. غزو أمريكا للعراق جرائم سجن أبو غريب.. اعتقال عشوائي قال تقرير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي زارت سجن أبو غريب بالعراق أن ما بين 70 إلى 90 % من المعتقلين العراقيين عند الأمريكيين اعتقلوا بالخطأ، وأنه تم إحالة 600 فقط للمحاكمة من بين 43 ألف معتقل، كما أن هذه الاعتقالات كانت عشوائية.
كما ذكر التقرير وسائل التعذيب المستخدمة فى السجن، ومن بينها إجبار السجناء على لبس الأقنعة وأغطية الرأس لمدة أربعة أيام متتالية، كما عاينت اللجنة وجود سجناء عراة، ورصدت تصرفات القوات البريطانية فى مواجهة المعتقلين والتى من بينها وضع معتقلين وهم عراة فى ظلام دامس، وأجبر آخرين على ارتداء ثياب نسائية.
وفى أوائل 2004 تفجرت فضيحة انتهاكات جسدية ونفسية وإساءة جنسية تضمنت تعذيب واغتصاب وقتل بحق سجناء، كانوا في سجن أبوغريب في العراق، لتخرج إلى العلن، ولتعرف باسم فضيحة التعذيب في سجن أبو غريب. غزو أمريكا للعراق نشر العنف .. بغداد حاضنة للجماعات الإرهابية جعلت مضاعفات الغزو، من العاصمة العراقيةبغداد، أرضا خصبة للجماعات الإرهابية، وظهر ذلك في تنظيم داعش الذي انطلق في ربوع العراق وسوريا، وهو الخطر الذى اعترف به الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى 2015، بأن تنظيم داعش ظهر نتيجة للحرب التي قادتها بلاده في العراق.
تشريد أكثر من 5 ملايين نازح و4 ملايين مهاجر كما تسببت الحرب، بحسب تقرير لبعثة المنظمة الدولية للهجرة فى العراق، فى تشريد أكثر من 5 ملايين نازح وحوالى 4 ملايين مهاجر، وهو رقم تقريبي فى ظل غياب إحصائية دقيقة لعددهم، وأيضا ما يقارب المليون قتيل، إضافة إلى 3 ملايين جريح ومعاق، فضلا عن 10 ملايين عراقي تحت خط الفقر، بواقع 32 % من مجمل السكان، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية لأغلب المحافظاتالعراقية، هذا هو حال العراق الجديد بعد الغزو، وهذه هى الجرائم التى ارتكبها جورج بوش وتوني بلير فى حق الإنسانية.