عيار 21 ارتفع 115 جنيهًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة بعد قرار المركزي    كنيسة بالسويس تساهم في مشروع صكوك الأضاحي (صور)    فلسطين.. شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي استهدف منزلًا بخان يونس جنوب قطاع غزة    تهديد إيراني جديد ل إسرائيل وأمريكا ردًا على خطة نتنياهو : «ستدفعون الثمن»    حادث واشنطن .. شريط فيديو وضع إلياس رودريجز في ورطة (تفاصيل)    يرغب في الرحيل.. الزمالك يبحث تدعيم دفاعه بسبب نجم الفريق (خاص)    لاعب الأهلي السابق: «الأحمر هيعاني من غير إمام عاشور»    ننشر أسماء ضحايا ومصابي حادث انقلاب ميكروباص المنيا    مراجعة مادة العلوم لغات للصف السادس الابتدائي 2025 الترم الثاني (فيديو)    بسبب خلافات أسرية.. التحقيق في اتهام جامع خردة بقتل زوجته بأوسيم    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    "مياه الفيوم" تنفي شائعة تسرّب الصرف الصحي.. وتؤكد: مياه الشرب آمنة 100%"    هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة «كريت» اليونانية (بؤرة الزلازل)    شيخ الأزهر يُعزِّي المستشار عدلي منصور في وفاة شقيقه    أرقام رافينيا مع برشلونة بعد تمديد عقده حتى 2028    روسيا.. توقف الرحلات الجوية في مطاري فنوكوفو وجوكوفسكي بسبب تفعيل الدفاعات الجوية    أخبار × 24 ساعة.. حوافز استثمارية غير مسبوقة لتعزيز مناخ الأعمال فى مصر    جامعة دمنهور تشارك فى فعاليات إطلاق برنامج عمل "أفق أوروبا Horizon Europe" لعام 2025    وكيله: لامين يامال سيجدد عقده مع برشلونة    خروجه مجانية.. استمتاع أهالى الدقهلية بالويك إند على الممشى السياحى.. صور وفيديو    الضرائب تنفي الشائعات: لا نية لرفع أو فرض ضرائب جديدة.. وسياستنا ثابتة ل5 سنوات    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    «الطقس× أسبوع».. درجات الحرارة «رايحة جاية» والأرصاد تحذر من الظواهر الجوية المتوقعة بالمحافظات    دينا فؤاد: شغفي بالفن أهم من الحب.. والابتعاد عن التمثيل موت بطيء    دينا فؤاد: مفيش خصوصيات بيني وبين بنتي.. بتدعمني وتفهم في الناس أكتر مني    دينا فؤاد: صحابي كانوا كتار ووقعوا مني في الأزمات.. بالمواقف مش عدد السنين    بعد الإفراج عن عمر زهران .. هالة صدقي توجه رسالة ل مرتضى منصور    بمشاركة منتخب مصر.. اللجنة المنظمة: جوائز كأس العرب ستتجاوز 36.5 مليون دولار    صراع ناري بين أبوقير للأسمدة وكهرباء الإسماعيلية على آخر بطاقات الصعود للممتاز    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    السلطات الكورية الشمالية تبدأ تحقيقًا في حادث أثناء إطلاق سفينة حربية جديدة    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 23 مايو 2025    تعليم القاهرة يحصد المراكز الأولى في العروض الرياضية على مستوى الجمهورية    وجه لها 16 طعنة وهي ونايمة، قرار من النيابة ضد طالب بالصف الأول الإعدادي حاول قتل والدته بالغربية    مصرع طالب أسفل عجلات قطار الركاب بمحطة كفر الدوار بالبحيرة    مصرع وإصابة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بطريق إدفو مرسى علم    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث مروري بقنا    تعليم القاهرة يحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية بمسابقة الخطابة والإلقاء الشعري    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الجولة قبل الأخيرة لدوري المحترفين    الكشف عن موقف تشابي ألونسو من رحيل مودريتش عن ريال مدريد    كرة يد - موعد مباراة الأهلي والزمالك في نهائي كأس الكؤوس الإفريقية    Spotify تحتفل بإطلاق أحدث ألبومات مروان موسى في مباراة "برشلونة"    تنفيذًا لحكم القضاء.. محمد رمضان يسدد 36 مليون جنيه (تفاصيل)    الشعبة: أقل سيارة كهربائية حاليًا بمليون جنيه (فيديو)    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    ما حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟ المفتي السابق يجيب    قباء.. أول مسجد بني في الإسلام    «المفرومة أم القطع».. وهل الفرم يقلل من قيمة الغذائية للحمة ؟    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    «لقرمشة مثالية وزيوت أقل».. أيهما الأفضل لقلي الطعام الدقيق أم البقسماط؟    مسلسل حرب الجبالي الحلقة 7، نجاح عملية نقل الكلى من أحمد رزق ل ياسين    "القومي للمرأة" ينظم لقاء رفيع المستوي بعنوان" النساء يستطعن التغيير"    تشميع مركز للأشعة غير مرخص بطهطا بسوهاج    «المصريين»: مشروع تعديل قانون الانتخابات يراعى العدالة فى التمثيل    هل التدخين حرام شرعًا ؟| أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    جدول مواعيد الصلوات الخمسة في محافظات مصر غداً الجمعة 23 مايو 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضائل شهر رمضان وخصائصه .. روحانيات عظيمة يغفل عنها كثيرون في موسم الرحمة
نشر في صدى البلد يوم 02 - 04 - 2022

فضائل شهر رمضان وخصائصه .. أتى شهر رمضان ليتساءل فيه البعض عن فضائل شهر رمضان وخصائصه، ولماذا فضل الله تبارك وتعالى هذا الشهر على غيره من الشهور العربية، ومع قدوم أول أيامه نسلط الضوء على ما ورد في فضائل شهر رمضان وخصائصه.
فضل الصيام
فضائل شهر رمضان وخصائصه
شهر رمضان.. شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن، شهر العتق والغفران، شهر الصدقات والإحسان، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، شهر تجاب فيه الدعوات، وترفع فيه الدرجات، وتغفر فيه السيئات، شهر يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات، ويجزل فيه لأوليائه العطيات، شهر جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام، فصامه المصطفى صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بصيامه، وأخبر عليه الصلاة والسلام أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم .
وشهر رمضان هو شهر فضّله الله على سائر السَّنَة بنزول القرآن الكريم فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ" [البقرة: 185]، وميز الله تعالى هذا الشهر الكريم بأن أمر بصيام نهاره؛ فقال: "فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ" [البقرة: 185].
وقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن ، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، وينادى مناد كل ليلة : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة " .
كماء جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) جملة من الأحاديث النبوية الصحيحة، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "‌إِذَا ‌دَخَلَ ‌شَهْرُ ‌رَمَضَانَ ‌فُتِّحَتْ ‌أَبْوَابُ ‌السَّمَاءِ، ‌وَغُلِّقَتْ ‌أَبْوَابُ ‌جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ"، وأيضا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : " ‌إِذَا ‌كَانَ ‌أَوَّلُ ‌لَيْلَةٍ ‌مِنْ ‌شَهْرِ ‌رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ ".
كما جاء أيضا أن رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال:" ‌الصَّلَوَاتُ ‌الْخَمْسُ، ‌وَالْجُمُعَةُ ‌إِلَى ‌الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ "، وعَنْ جَابِرٍ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " ‌عُمْرَةٌ ‌فِي ‌رَمَضَانَ ‌تَعْدِلُ ‌حَجَّةً "، وعَنْه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : "‌مَنْ ‌صَامَ ‌رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"، وأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: "‌مَنْ ‌قَامَ ‌رَمَضَانَ ‌إِيمَانًا ‌وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".
شهر القرآن
فضائل شهر رمضان وخصائصه
يقول الدكتور أسامة فخري الجندي من علماء وزارة الأوقاف، أن شَهْرُ رَمَضَان هو هَدِيَّةٌ رَبّانِيَّةٌ، مضيفاً: "معلوم أن الهَدِيَّةَ تكون بين طرفين، (مُهْدِي ومُهْدَى إليه) ، وهذه الهَدِيَّةُ تُعَبِّرُ عن قِيَمِ الحُبِّ والوُدِّ والصِّلَة والتَّقْدِير، وما يحمله كلٌّ مِنَ الطَّرَفين للآخر من مكانةٍ وإِعْزَازِ وإِكْرَامٍ".
وتابع: تكون الهَدِيَّةُ من "المُهْدِي" بناءً على طاقاته وإمكاناته وقُدُرَاتِه وما يحمله من حُبٍّ وتقديرٍ وإجلالٍ لل"مُهدَى إليه" ، وتكون الهَدِيَّةُ لل"مُهدَى إليه" معبّرة عن مكانته ومقدار حُبِّ وتَقْدِيرِ "المُهْدِي" له بها، وأول شيء يُشعر به وينفعل له أي إنسان أُهْدِيَتْ لَهُ هَدِيّة هُو الفَرَحُ والسُّرُورُ بها وذلك قبل فَتْحِهَا ؛ لأنها تُعَبِّرُ عن وُجُودِ مَنْ يُفَكِّرُ فيه ويَرْجُو لَهُ الخَيْرَ ويُحِبُّ له السَّعَادَةَ.
ويكمل: ثم إنه بعد ذلك يكون مُتَشَوِّقًا ومُتَشَوِّفًا ولديه الشَّغَفُ لِفَتْحِ الهَدِيَّةِ لِيَرَى ما فيها، ويغلبه هنا حالٌ شريفٌ مِنَ الذَّوْقِ والأُنسِ والعُذُوبَةِ والرّقَّة، فَكَأَنَّ مُعَامَلَتَه هُنا مع الهَدِيَّةِ هي مُعَامَلَةٌ قَلْبِيّةٌ مع استدعاء حُبِّ وتقدير "المُهدِي إليه" هذه الهَدِيَّة. وحين يقوم "المُهْدَى إليه" بفتح الهَدِيَّةِ رُبمَا يَجِدُ فِيهَا ما يُريحُ قلبَه وعَقْلَه ونَفْسَه وَوِجْدَانَه؛ لأنها غالبًا ستكون (أي: الهَدِيَّةُ) شيئًا كان يبحث عنه أو يرجوه أو يحتاجه أو يناسبُ ما يحبُّه، وهذا بالطبع يَعُودُ إلى ذَكَاءِ "المُهْدِي" الذي يُفَكِّرُ في طَبِيعَةِ ونَوْعِ ومَجَالِ الهَدِيَّةِ بما يكون سَبَبًا في أن يُدْخِلَ السُّرورَ على قَلْبِ "المُهْدَى إليه" .
وأضاف الداعية الإسلامي أن شَهْرُ رَمَضَان هُو هَدِيَّةٌ من الله (عز وجل) لأمةِ سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ لذا يَجِبُ أن يَنفَعِلَ له كُلُّ مسلم ، وانفعالُه الأَوَّلُ يكون بالفَرَحِ والسُّرُورِ ، فليس شهرُ رمضان مجردَ اختزال في مجموعة من الإجراءات أو المظاهر التي تعوّدنا عليها ، بل يجب أن نتعاملَ مع شهر رمضان على أنه هَدِيّةٌ مِنَ الحَقِّ (عز وجل) ، فنتعامل معه بِرِقَّةٍ وأنسٍ وعُذُوبةٍ وإقبالٍ واستدعاء لِكُلِّ مَعَانَي المَحَبَّةِ وإِشَارَاتِها من أَشْوَاقٍ ، وأَتْوَاقِ، ولَهَفٍ، وشَغَفٍ، وسَهَرٍ، وسُهَادٍ، ويَقَظَةٍ ، وخُشُوعٍ، وخُضُوعٍ، واسْتِثْمَارٍ، وما شَابَهَ هذه المعاني اللطِيفَة.
وأكد على أن شهر رمضان هَدِيَّةٌ؛ لأنه يحمل أرجى ما يريده الإنسان، فالله (عز وجل) يُعَمِّمُ فيه العَطَاءَ والجُودَ، من حيث الرحمة، والرضا، والحفاوة، والكرامة، والمغفرة، والرضوان، والعتق من النيران، وغير ذلك كثير من أبواب العطاء، التي جاء ذكرها في الكثير من الأحاديث النبوية المشرفة، والتي أشارت أيضًا إلى أنه لا يُحْرَم من هَذَا العَطَاءِ إلا كُلُّ خَاسِر، غير مُسْتَثْمِر لأنفاسه في هذا الزمان الشريف.
وبين الدكتور أسامة فخري أن العطاءَ الإلهيَّ موجودٌ، واستعدادَ كُلِّّ إنسان منا لاستقبال هذا العطاء الإلهي أيضًا مَوْجُودٌ، ولكن ينالُ كلُّ إنسانٍ مِنْ هَذَا العَطَاءِ الإِلَهِيِّ عَلَى قَدْرِ صِلَتِهِ بِرَبِّهِ سبحانه وتعالى، وعلى قَدْرِ صَلَاحِ نَفْسِه، وعلى قَدْرِ إقباله على الله (عز وجل)، وعلى قَدْرِ استثمارِه للأدوات والآليات التي تُمَكِّنُهُ مِن أن يَنْهَلَ مِنَ هذا العطاء، خاصة وأنَّ العَطَاءَ الإلهِيَّ لا يَنفَد أبدًا.
واختتم قائلاً:"نحن إذا مثّلْنَا العطاءَ الإلَهِيَّ بأنَّه كَنَهْرٍٍ جَارٍ، وشبَّهْنَا اسْتِقْبَالَ الإنسانِ لهذا العطاء بأنه كالكُوبِ الذي يغترف من هذا النَّهْرِ الجَارِي، ثم وَضَعْنَا الكوبَ كاملًا في النَّهْرِ الجاري ليغترف منه ، ورأينا الكُوبَ وقد عاد ليس فيه شيء، فهل الإشكالية هنا في النهر الجاري، أم في الكُوب؟ لا شك أن الإشكاليةَ هنا في الكُوبِ ؛ لأن النَّهْرَ جارٍ وعطاءَه وَفِيرٌ ومُشَاهَد، فلا بد إذن من إصلاح الكُوبِ ليحسن معه الاغترافُ من هذا النهر الجاري، فعلى كل إنسان إذن أن يُصْلِحَ فيما بينه وبين الله؛ لينال من هذا العطاء، فعلى قَدْرِ قُرْبِ قَلْبِكَ مِنَ الله ، على قَدْرِ قُرْبِ الله مِن قَلْبكَ".
الطاعة في رمضان
فوائد شهر رمضان
يعدُّ الصِّيام من الأعمال التي لا يمكن لأحدٍ أن يطَّلع عليها، فهو سرٌّ بين العبد وربِّه، ذلك أنَّه يقوم على نيَّة العبد، وفي الحديث القدسيِّ الذي يرويه سيِّدنا محمَّد -صلى الله عليه وسلم- عن الله -تبارك وتعالى-: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي)، فقد أضافه الله -تعالى- إليه دون غيره من الأعمال.
كما أنه الشَّهر الذي تتصل فيه الأرض بالسَّماء، حيث إنَّ الله -تبارك وتعالى- اختاره ليكون الشّهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم والكتب السّماويّة، وأنزل على عباده رحماته وبركاته وعفوه وغفرانه، فقد جاء عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (أُنزلتْ صحفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ، و أُنزلتِ التوراةُ لستٍّ مضتْ من رمضانَ، و أُنزل الإنجيلُ بثلاثِ عشرةَ مضتْ من رمضانَ، و أُنزِلَ الزبورُ لثمانِ عشرةَ خلَتْ من رمضانَ، وأُنزلَ القرآنُ لأربعٍ وعشرينَ خلتْ من رمضانَ)،ثمَّ كان الكتاب الخاتم لهذه الكتب السَّماويَّة هو القرآن الكريم الذي أخرج الله -تعالى- فيه النَّاس من الظُّلُمات إلى النُّور، حيث قال -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ).
أيضا يُضاعِف الله -عز وجل- فيه الأجر والثَّواب، فقد شرَّفه الله -تبارك وتعالى- بزمانه فضاعف فيه الأجر، ومن ذلك قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عُمْرَةً في رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً أوْ حَجَّةً مَعِي)، بمعنى أنّها تقابلها في الأجر والثَّواب.
كما جعل الله -تعالى- من نتائج الصِّيام التَّقوى، وقرنهما معاً في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ولكنَّ التَّقوى تحتاج من العبد أن يجاهد نفسه ليمتنع عمَّا لا يرضي ربَّه، فإن كان صائماً فلا بدَّ أن يشكِّل صيامه حاجزاً ما بينه وبين الوقوع في المعصية وارتكابها، فيبتعد عن المحرَّمات والمكروهات، يُكثر الله -عزّ وجلّ- فيه المغفرة، والرَّحمة، والعِتق من النَّار، وخاصةً في ليلة القدر.
فضل الصيام
فضل شهر رمضان
أولًا: خص الصائمين بباب في الجنة يُسمى باب الريان، وحتى يحصل الأجر العظيم ينبغي للصائم اجتناب أعمال السوء كلها، والبعد عن الرفث والفسوق، مصداقًا لِما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولَا يَجْهلْ، وإنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ: إنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ).
ثانيًا: فيه ليلة القدر: فقد فضّل الله -تعالى- شهر رمضان بأن جعل فيه ليلة عظيمة، تُغفر فيها الذنوب والآثام، وتتضاعف فيها الأجور، مصداقًا لقول الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، بالإضافة إلى ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَن قامَ ليلةَ القَدرِ إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذَنبِهِ).
ثالثًا: شهر العتق من النار، والعتق من النار أسمى أمنيات المسلم، لا سيما أن العتق يعني اجتناب عذاب النار، ودخول الجنة، ومن فضل الله -تعالى- ورحمته بعباده أنه يصطفي منهم في كل ليلة من شهر رمضان عتقاء من النار، مصداقًا لِما رواه أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (إنَّ للَّهِ عندَ كلِّ فِطرٍ عتقاءَ وذلِك في كلِّ ليلةٍ).
رابعًا: شهر نزول القرآن الكريم، من أعظم فضائل شهر رمضان المبارك أن الله -تعالى- اصطفاه من بين شهور العام وأنزل فيه القرآن الكريم، مصداقًا لقوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ)، بل إن جميع الكتب السماوية نزلت في شهر رمضان، مصداقًا لِما رواه واثلة بن الأسقع -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أُنزلتْ صحفُ إبراهيمَ أولَ ليلةٍ من شهرِ رمضانَ، وأُنزلتِ التوراةُ لستٍّ مضتْ من رمضانَ، وأُنزل الإنجيلُ بثلاثِ عشرةَ مضتْ من رمضانَ).
خامسًا: من فضائل شهر رمضان أن فيه صلاة التراويح، لا سيما أن الإجماع انعقد على سنيّة قيام ليالي رمضان، وقد أكّد الإمام النووي -رحمه الله- أن المقصود من القيام يتحقق في صلاة التراويح، وقد أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قيام رمضان مع التصديق بأنه حق، واعتقاد فضيلته، والإخلاص بالعمل لوجه الله تعالى، واجتناب الرياء والسمعة، سبب لمغفرة الذنوب، حيث قال: (مَن قامَ رمضانَ إيمانًا واحتِسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ مِن ذنبِهِ).
سادسًا: اختص الله -تعالى- شهر رمضان بأن تُفتح أبواب فيه الجنة، وتُغلق أبواب النيران، وتصفّد الشياطين عند دخوله، كما ورد في الحديث الذي رُوي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ).
سابعًا: شهر الجود في كل شيء، فقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان أجود ما يكون في شهر رمضان.
ثامنًا: رمضان من الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء، ويُكرم الله فيه عباده بالعديد من الكرامات، ويعطيهم المزيد من فضائل رحمته وعطياه؛ فصيام رمضان هو الركن الرابع من أركان الإسلام، حيث صامه رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-، وأمر الناس بصيامه، وأخبرهم أن من صامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، كما حث فيه على المبادرة إلى التوبة من الذنوب والخطايا، والتعاون على البر والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجميع الأخلاق التي تُرضي الله، وتُقرب العبد من ربه.
تاسعًا: العمرة في رمضان ثوابها مضاعف، وقد أخبر رسول الله أنّ العمرة في رمضان تعدل الحج في الأجر والثواب.
عاشرًا: الصدقة في رمضان أجرها عظيم، فقد كان رسول الله أجود الناس في رمضان.
أحد عشر: من فضائل الصيام أن الله -تعالى- قد أضافه إليه، فكل أعمال العباد لهم، إلا الصيام فهو لله وهو يجزي به، وقد قال العلماء في سبب اختصاص الصوم بهذه المزية أنّه من الأعمال التي لا يقع فيها الرياء، وقيل لأن الله هو فقط العالم بمقدار ثوابه ومضاعفة حسناته، وهو من أفضل الأعمال التي لا مساوي لها عند الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي أمامة الباهلي: (عليك بالصَّوم فإنَّه لا مثل له)، وهو وقاية من شهوات الدنيا، فيمنع صاحبه من الوقوع في الشهوات والمعاصي، وهو وقاية من عذاب الآخرة كذلك.
اثنا عشر: يحصل الصائم على أجر الصبر على طاعة الله، والصبر في البعد عن المعصية، والصبر على ألم الجوع والعطش والكسل وضعف النفس، وفيه يكفر الله الخطايا والذنوب، ويشفع لصاحبه يوم القيامة، ويدخله الجنة من باب الريان، ويعيش الصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، وإنّ خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وقد بشّر رسول الله بأنّ دعوة الصائم من الدعوات المستجابة، فقال: (ثلاثُ دعواتٍ مُستجاباتٍ: دعوةُ الصائم، ودعوةُ المظلُوم، ودعوةُ المسافر).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.