أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أوامره أمس الأربعاء، بأن تكون مدفوعات الدول "غير الصديقة" مقابل الغاز الروسي ب الروبل، مؤكدا أن روسيا لن تقبل سوى مدفوعات ب الروبل لقاء إيصال الغاز إلى "الدول غير الصديقة"، بما في ذلك جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي، بعد فرض عقوبات مشددة على روسيا. أسبوع على اعتماد الروبل وأعطى بوتين مهلة أسبوع للبنك المركز الروسي لتطبيق تلك التغييرات وإيجاد طريقة لتحويل الدفعات بعيدا عن العملات الأخرى، مؤكدا خلال اجتماعه الحكومي أمس أن قراره جاء ردا على العقوبات الغربية الاقتصادية التي فرضتها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها على روسيا، والتي تسببت في انهيار حاد في قيمة الروبل مقابل العملات الأجنبية. بعد إعلان بوتين، قراره أمس، قفز سعر الروبل مقابل الدولار بنسبة 8.27%/ للمرة الأولى بعد 3 أسابيع، ليتراجع سعر صرف الدولار بعد تعاملات الأربعاء، دون مستوى 95 روبلا، كما ارتفعت أسعار النفط، ووصل سعر برنت إلى 122.24 دولار للبرميل، والخام الأمريكي إلى 115.18 دولار. الروبل والدولار ضبابية الاقتصاد العالمي كل هذه الإجراءات تخلق مشهدا ضبابيا للاقتصاد العالمي، وتساؤلات عدة حول إمكانية تطبيق قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أم أن الروبل لم يصل بعد لمستوى الثقة الذي يمتلكه الدولار وغيره من العملات، وماذا يحدث لو فلحت خطة بوتين باعتماد الروبل في بيع الغاز والنفط الروسي، هل يأكل الروبل جزءا من هيمنة الورقة الخضراء على العالم؟ وفي هذا الصدد، قال الدكتور كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد الدولي، إن أمريكا على مدار تاريخها تخشى من وجود مؤسسة تمويل مالية دولية شبيه بالنك الدولي أو صندوق النقد الدولي، كما تخشى أيضا أن توجد تعاملات تجارية دولية بعملات غير الدولار، لأن هذه الإجراءات الاقتصادية التي تمثل سيطرتها على اقتصاد العالم سياسيا، خاصة بعدما فك الرئيس الأمريكي نيكسون الارتباط بين الذهب والدولار عام 1971، وهو ما عرف وقتها ب "صدمة نيكسون". فك الارتباط بين الذهب والدولار انتهاء هيمنة الدولار الأمريكي وأضاف العمدة، في تصريحات خاصة ل "صدى البلد"، أن الدولار وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، هي إجراءات السيطرة السياسية الغربية على الاقتصاد العالمي، من خلال قروض تمويل المشاريع وغيرها، مشيرا إلى وجود العديد من المحاولات من دول آسيا للتعامل عن طريق الذهب أو غيره من العملات مثل اليوان، ولكن الولاياتالمتحدة تعمل باستمرار على إفشال هذه المحاولات، لأنها تمثل ضربة قاصمة للاقتصاد الأمريكي وانهياره. وأشار إلى قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمكن تطبيقه على أرض الواقع، فمنذ عدة أيام اشترت الهند 3 ملايين برميل نفط روسي، مقابل الروبية الهندية وليس الدولار، والهند تعتبر حليفا للولايات المتحدة وبالرغم من ذلك لم تلتزم بالعقوبات. وتوقع أستاذ الاقتصاد الدولي، أن الدول الغربية ليس أمامها بديل سوى شراء الروبل الروسي ما يزيد من قيمته أمام العملات الأخرى. الروبل والدولار ارتفاع قيمة الروبل وأوضح أن سوق التجارة العالمية حاليا تساوي 20 تريليون دولار، هذه الإجراءات تخفض من حصة الدولار في التجارة العالمية، وستدخل حصص أخرى مثل الروبل الروسي واليوان، والعملات المحلية للدول، وبالتالي تنخفض قيمة الدولار تدريجيا، وكأن المطابع الأمريكية تطبع حبرا أخضر على ورق، مؤكدا أن الظروف العالمية مواتية لعمل ضربة قاصمة للاقتصاد الأمريكي، وتصبح العقوبات هي السبب في تراجع الدولار عالميا، كما أن الصين لديها بدائل للأنظمة المالية والتجارية العالمية والأمريكية، وبالتالي فستتجه روسياوالصين إلى إحلال أنظمتها الجديدة بدلا من المنظمات الحالية. من جانبه، قال الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سينعكس بالإيجاب على الروبل الروسي، مقابل العملات الأجنبية الأخرى، وهذا نوع من أنواع العقوبات المشتركة، والحرب العالمية ىالاقتصادية، مؤكدا أن روسيا سوف تستفيد بشكل كبير من اعتماد الدول الأوروبية عليها كمصدر للغاز والنفط، كما أنها تسيطر على قدر ليس بالقليل من إنتاج العالم من البترول والغاز، فهي ثاني أكبر منتج للبترول عالميا بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتساهم ب 18% من إنتاجه و12% من الغاز الطبيعي. الغاز الروسي التعامل مع روسيا الحل الوحيد وأكد الإدريسي، في تصريحات خاصة ل "صدى البلد"، أن أوروبا في احتياج شديد للغاز الروسي، وعليها الدفع بالروبل مقابل هذه السلعة، وبالتالي ستشتري الروبل، مقابل اليورو أو الدولار، وهذا له مردود إيجابي على زيادة سعر الروبل، وتنجح روسيا في عقاب دول أوروبا وأمريكا، ولا يصبح للعقوبات أي فائدة. كانت الهند اشترت 3 ملايين نفط روسي، الأسبوع الماضي، لتأمين احتياجاتها من الطاقة، رغم الضغوط الغربية، حيث لم تفرض نيودلهي عقوبات على شراء النفط من روسيا، وتتطلع لشراء المزيد، رغم دعوات الولاياتالمتحدة ودول أخرى بعدم القيام بذلك. وذكرت تقارير إعلامية هندية أن روسيا تقدم خصماً على مشتريات النفط بنسبة 20٪ أقل من الأسعار القياسية العالمية. وشكل ارتفاع أسعار النفط في الأسابيع الأخيرة عبئاً كبيراً على الهند التي تستورد 85٪ من النفط الذي تستهلكه. من جانبها، قالت المتحدثة الرسمية باسم البيت الأبيض جين بساكي، في وقت سابق، إن مشتريات الهند من النفط الروسي "لا تنتهك العقوبات الأمريكية"، لكنها حثت الهند على "التفكير في المكان الذي تريد أن تقف فيه عند كتابة التاريخ".