ارتفاع تكلفة رغيف الخبز المدعم يهدد بزيادة سعره قبل نهاية العام    جماعة الحوثي تعلن عزمها توسيع نطاق هجماتها ضد إسرائيل    الأونروا: نظام توزيع المساعدات بغزة مُهين ولا يهدف لمعالجة الجوع    كيف ترد روسيا على «بيرل هاربر» الأوكرانية؟    مانشستر سيتي يُعلن تعاقده مع حارس تشيلسي    هويسن: الانتقال لريال مدريد كان رغبتي الأولى    الأمن يكشف حقيقة فيديو تعدي شخص على هرة بمواقع التواصل الاجتماعي    ملك أحمد زاهر تدخل المستشفى بعد أزمة صحية    الثقافة تحتفل بعيد الأضحى بحدائق أكتوبر ضمن برنامجها بالمناطق الجديدة الآمنة    تقرير أممي: الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة جريمة حرب وإبادة جماعية    الحكومة النمساوية تكشف هوية منفذ الهجوم على مدرسة في جراتس    "أبو حطب" يتابع تنفيذ حملات الإزالة لبناء مخالف على أراضٍ بأشمون    عقب صدور القانون.. 6 شروط حاسمة يجب توافرها للمختصين بالفتوى الشرعية    مؤسسة الجامعات الأوروبية في مصر تستضيف حفلًا فنيًّا جماهيريًّا مميزًا    وزير البترول يصل منزل أسرة سائق شاحنة البنزين في الدقهلية لتقديم العزاء    رئيس جامعة أسيوط يتابع سير العمل بالمدن الجامعية والقرية الأوليمبية    لحظة الهجوم على مدرسة ثانوية في جراتس النمساوية (فيديو)    بعد واقعة الأقصر.. "هنو" يتفقد أعمال التطوير والصيانة بقصر ثقافة الفيوم|صور    حماقي يتألق بأضخم حفلات عيد الأضحى على شاطئ المنصورة الجديدة.. ويستعد ل "موازين"    التقويم الهجري.. سبب التسمية وموعد اعتماده    السكة الحديد: قطارات إضافية لتسهيل عودة المسافرين بعد عيد الأضحى    إعلام إسرائيلي: نتنياهو يعقد الليلة اجتماعا تشاوريا بشأن المحتجزين في غزة    رئيس الوزراء يستعرض الفرص الاستثمارية بقطاعي السياحة والآثار    الحكومة المصرية تستعد للقضاء التام على مرض الجذام    محافظ الغربية: تقديم 56 ألف خدمة طبية خلال إجازة عيد الأضحى    وزير الأوقاف يؤكد ضرورة العناية الكاملة بالأئمة والارتقاء بمكانتهم العلمية والمجتمعية    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات أولى جلساتها عقب إجازة العيد    اشتباكات عنيفة بين عناصر القسام وعصابة ياسر أبو شباب الموالية لإسرائيل    التضامن الاجتماعي: فريق التدخل السريع تعامل مع 561 بلاغا في مختلف المحافظات خلال شهر مايو    الداخلية تكشف ملابسات فيديو مشاجرة بقرية سياحية في مطروح    شروط جديدة لاستحقاق خدمات التأمين الصحي وعقوبة الحصول عليها بالمخالفة؟    الإسكان: تنفيذ خطوط مياه شرب وصرف صحي رئيسية وشبكات ومحطة محولات كهرباء وطرق بالعبور الجديدة    وجبات غذائية خاصة لبعثة الأهلي لمواجهة الرطوبة في ميامي    الزمالك يخطط لضم مدافع فاركو    امتحانات الثانوية العامة 2025.. استمرار قبول الاعتذارات للخميس المقبل    ضبط المتهم بإصابة شاب وتلميذ بطلقات نارية في حفل زفاف بقنا    أسماء جلال تتصدر الترند في حفل زفاف أمينة خليل باليونان | صور    ماجد الكدواني ضيف معتز التوني في برنامج فضفضت أوي..غدا    المؤبد ل 8 متهمين لشروعهم في قتل شخصين بالقليوبية    بعد عيد الأضحى.. تعرف على الإجازات الرسمية المتبقية في 2025 |إنفوجراف    كل أخبار العين الإماراتي فى كأس العالم للأندية على اليوم السابع    الحكومة تستعد للإعلان عن القضاء على مرض الجذام    الحكومة تجهز فرصًا استثمارية في القطاع الصحي للسنوات العشر المقبلة    مستشفى القلب بجامعة أسيوط يستقبل 1856 حالة خلال شهر    «الإفتاء» توضح حكم الزواج من ذوي الهمم وأصحاب القصور الذهني    وزير المالية ل الجمارك: العمل على راحة الحجاج.. وأولوية خاصة لكبار السن والحالات المرضية    الحكومة اليابانية تطرح 200 ألف طن إضافية من مخزون الأرز لكبح جماح الأسعار    شيكابالا لإدارة الزمالك: لن أعتزل والفريق سيعانى فى غيابى (فيديو)    الأزهر للفتوى يوضح سبب تسمية بئر زمزم    حِجر إسماعيل..نصف دائرة في الحرم تسكنها بركة النبوة وذاكرة السماء    طبيب قنا يقدم العزاء لأسرة السيدة المسنة التي امتنع عن علاجها    "بطريقة طريفة".. لاعبو الأهلي يرحبون بزيزو (فيديو)    إمام عاشور: الأهلي غيّرني    وزير الري يشيد بجهود العاملين خلال عطلة عيد الأضحى    فتح باب التقديم لوظيفة مدير عام المجازر والصحة العامة بمديرية الطب البيطري بالغربية (الشروط)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    السيطرة على حريق شب داخل فيلا بالتجمع    "خسارة للأهلي".. نتائج مباريات الإثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفحة من تاريخ شعب مصر
نشر في صدى البلد يوم 20 - 05 - 2013

هذا مقال رمزي لن يستعصي على القارئ الفطن تبين التناظر، الذي يصل أحيانا حد التطابق، وإسقاط الرموز على واقع مصر الراهن، وقد استقيت المقتطفات المختارة التالية من كتاب عبد الرحمن الرافعي عن تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر، الجزء الثاني.
كان الشعب المصري تخلص من احتلال الحملة الفرنسية من خلال ثورتي القاهرة الأولي والثانية عامي 1798 و1800، وعاقب الفرنسيون الشعب عليهما بإجراءات انتقامية بشعة، وفي سياق تحالف الإنجليز والأتراك لطرد فرنسا من مصر، واستقر الحكم بعد جلاء الفرنسيين للمماليك، وفي مطالع العام 1804، تخلص عثمان بك البرديسي من منافسه وزميله القديم محمد بك الألفي، وأمن على سلطته في الحكم.
الحالة في القاهرة كانت تزداد تفاقما بسبب تذمر الشعب من كثرة وقوع المظالم وإرهاقه بمختلف الضرائب والمغارم، وكان المماليك لا يدعون فرصة إلا ويفرضون على الناس غرامة أو ضريبة جديدة، فاشتد الضيق بالأهلين واستولى الذعر على الناس في القاهرة وازدحموا على شراء الغلال، فارتفعت أسعارها وشح الخبز في الأسواق واشتد الضيق بالفقراء وأواسط الناس، وهم السواد الأعظم من السكان، واجتمع إلى هذا الضيق اعتداء المماليك والجنود الألبانيين على ما بأيدي الناس من الأموال والغلال والمتاع.
شكا الناس إلى كبار العلماء من ترادف هذا الاعتداء فطلبوا منع اعتداء العساكر على الناس.. وركب الأغا (المحافظ) والوالي (رئيس الشرطة) وأمامه جماعة من العسكر والمنادي ينادي بالأمن والأمان للرعية وأنه إذا وقع من الجند اعتداء أو نهب للناس أن يضربوهم وإن لم يقدروا عليهم فليأخذوهم إلى رؤسائهم، على أن مثل هذه الوعود والتنبيهات ذهبت عبثا، واستمر الجند والمماليك في اعتدائهم على الأهالي، وأخذ جو المدينة يكفهر منذرا بوقوع حوادث خطيرة.
كانت خزانة الحكومة خالية من المال بسبب سوء الإدارة وتلف الأراضي الزراعية وتعاقب الفتن وما أدى إليه الظلم من انقباض أيدي الناس عن العمل.
فكر البرديسي في ابتداع الوسائل للحصول على المال، ففرض على تجار القاهرة ضريبة جديدة، لكنه لم يحصل على المال الكافي لسد حاجة الجنود الذين كانوا يزدادون كل يوم ضجة وصخبا، فاعتزم البرديسي في شهر مارس 1804 أن يفرض ضريبة جديدة على جميع الأهالي بلا استثناء، ضربها على العقارات والبيوت، وكلف عمال الحكومة بأن يحصلوها من كل فرد من أفراد القاهرة من ملاك ومستأجرين، فبدأ الناس يتذمرون، وامتنع كثير من الناس عن دفع المطلوب منهم، فوقعت الملاحاة بينهم وبين عمال الحكومة، واشتد سخطهم وعلا صياحهم، واحتشدوا وجاهروا باستنكار هذه المظالم وامتناعهم عن دفع الضرائب، وامتنع كثير من التجار عن دفع ما يطلب منهم إما لكونهم أكثر احتياجا ممن دفعوا الضريبة أو أكثر شجاعة منهم، فاشتدت المناقشة وعلا الصخب، ثم لم يلبث الشعب أن اجتمع بأجمعه في الشوارع، واتجهوا إلى المساجد التي اتخذوها ملتقي لاجتماعاتهم، فسرعان ما غصت المساجد بجموع الشعب، وأثار اجتماعه في نفوس الجماهير روح الحماسة والشعور بالقوة والحق، وقبضت الجماهير في ساعة الغضب الأولى على بعض جباة الضرائب وقتلوهم، ونادى العلماء بإبطال الضريبة ورفعها، أما عثمان بك البرديسي فقد قابل هذه الثورة بالغطرسة والكبرياء، ونقم على المصريين قيامهم في وجهه وخروجهم على حكمه، وتوعدهم بالشر والنكال.
ولكن في النهاية، أسقط في أيدي المماليك.. فلم يجدوا سبيلا للنجاة سوى الفرار من القاهرة بعد أن قتل منهم من قتل، وكان أول الفارين عثمان بك البرديسي وهو كان من قبل يشمخ بأنفه ويهدد ويتوعد، ومع أن بيته كان أشبه بقلعة تحيط بها الأبراج المحصنة وفيها الجنود وآلات الحرب والقتال، إلا أنه لاذ بالفرار.
وفر كذلك إبراهيم بك، وتبعهما جنود المماليك.. قتل من المماليك وأجنادهم في ذلك اليوم نحو ثلاثمائة وخمسين، وارتحل الباقون منهم عن المدينة، وانتفض الشعب في رشيد ودمياط وسائر العواصم على الحكام المماليك، فهربوا إلى الصعيد، ودالت دولتهم، وانقضى حكمهم من البلاد، ولم تقم لهم بعد ذلك قائمة.
ثم كان أن أوصل خورشيد باشا إلى بولاق في أواخر مارس 1804، وهو خامس من تقلد ولاية مصر في نحو سنتين.. وفي أول مايو 1805 اعتدى الجنود الدلاة (طائفة من الجنود الترك المشتهرين بالهمجية) على أهالي مصر القديمة وأخرجوهم من بيوتهم ونهبوا مساكنهم وامتعتهم قتلوا بعض الأهالي الآمنين، فعظم الهياج في مصر القديمة وحضر جميع سكانها إلى جهة الجامع الأزهر، وانتشر خبر الاعتداء والهياج بسرعة البرق في أحياء المدينة.
فاجتمع العلماء بالأزهر وأضربوا عن إلقاء الدروس، وأقفلت دكاكين المدينة وأسواقها، واحتشدت الجماهير في الشوارع والميادين يضجون ويصخبون، فأدرك الوالي خطر الحالة، وأرسل وكيله صحبة رئيس الانكشارية (المحافظ) إلى الأزهر لمقابلة العلماء ومفاوضتهم لوقف الهياج، فلم يجدهم بالأزهر، لكن الجماهير لم تكد تبصره حتى انهالوا عليه رجما بالأحجار، ورفض العلماء أن يتدخلوا لإيقاف الهياج وطلبوا جلاء الجنود الدلاة عن المدينة، وكانت إجابة الطلب صعبة التحقيق، فتأزم الموقف واستمرت الثورة، وهكذا ا قامت حركة شعبية قوية تناوئ سلطة الوالي التركي، كانت هذه الحركة قوامها الشعب وزعماؤه.
وعندما انبلج صبح يوم 12 مايو 1805 اجتمع زعماء الشعب واتفقوا رأيا على الذهاب إلى المحكمة الكبرى (بيت القاضي) لاختصام الوالي وإصدار قراراتهم في مجلس الشرع، ولم تكد تعلم الجماهير بما استقر عليه رأي الزعماء حتى احتشدت جموعهم واتجهت إلى دار المحكمة واحتشدت بفنائها وحولها، فكان اجتماع هذا البحر الزاخر من الخلائق هو الثورة بعينها، وظهرت روح الشعب قوية ناقمة على الوالي وعلى الحكم التركي، وخلع وكلاء الشعب من العلماء ونقباء الصناع خورشيد باشا، بدار المحكمة والجماهير محتشدة حولها في13 مايو 1805.
ختاما، إن شعبا هذه مجرد واحدة من صفحات فخاره العديدة في مقاومة الضيم والذل لن يقبل القهر والإذلال طويلا، لا سيما بعد ثورة شعبية مبهرة حطمت حواجز الخوف والرهبة وخلقت أجيالا من الشبيبة لا تعرف الاستكانة.
نقلا عن "الأهرام اليومى"
المزيد من أعمدة نادر فرجانى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.