مزيج بين الصراحة الشديدة والغموض الجميل، بين الفن والفلسفة، بين غاية التعقيد وقمة البساطة، بين مكر الفلاح وشهامة الصعيدي، بين ثقافة المفكرين وطيبة البسطاء، هكذا كان الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده. يعد الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي، أحد أشهر شعراء العامية، ويعتبر أول شاعر للعامية يفوز بجائزة جائزة الدولة التقديرية لعام 2001، كما فاز بجائزة محمود درويش للإبداع العربي عام 2014.
ولد عبد الرحمن الأبنودي عام 1938 في قرية أبنود بمحافظة قنا في صعيد مصر، لأب كان يعمل مأذوناً شرعياً وهو الشيخ محمود الأبنودي، وانتقل إلى مدينة قنا وتحديداً في شارع بني على حيث استمع إلى أغاني السيرة الهلالية التي تأثّر بها، الشاعر عبد الرحمن الأبنودي متزوج من المذيعة المصرية نهال كمال وله منها ابنتان آية ونور.
ظهر الأبنودي وتألق في فترة شهدت وقتها الساحة الأدبية تواجد عدد كبير من شعراء العامية المصرية، وفي مقدمتهم "فؤاد حداد" الذي يعتبره البعض أب العامية المصرية، و"صلاح جاهين"، و"أحمد فؤاد نجم" وغيرهم.
كتب الأبنودي العديد من الأعمال من أشهرها السيرة الهلالية التي جمعها من شعراء الصعيد ولم يؤلفها، ومن أشهر كتبه كتاب "أيامي الحلوة" والذي نشره في حلقات منفصلة في ملحق أيامنا الحلوة بجريدة الأهرام تم جمعها في هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة، وفيه يحكي الأبنودي قصصا وأحداثا مختلفة من حياته في صعيد مصر.
كما كتب الأبنودى أكثر من 700 أغنية لمطربين كثيرين من مصر والعالم العربي، من بينهم وردة الجزائرية، وماجدة الرومي، وصباح، ومن المصريين عبد الحليم حافظ، وشادية، ونجاة، ومحمد رشدي، ومحمد منير.
ومن أبرز أغنياته التى شكلت وجدان الشعب المصرى والعربي، "عدّى النهار"، "أنا كل ما أقول التوبة"، و"أحلف بسماها وبترابها"، و"ابنك يقول لك يا بطل"، و"أحضان الحبايب"، و"اضرب اضرب"، و"إنذار"، و"بالدم"، و"بركان الغضب"، و"راية العرب"، و"الفنارة"، و"يا بلدنا لا تنامي"، و"صباح الخير يا سينا".
حقق الأبنودي أشهر إنجازاته عندما تمكن من إصدار السيرة الهلالية في خمسة أجزاء، والتي جميع فيها أشعار شعراء الصعيد وقصصهم عن بني هلال، وبعدها نشر الأبنودي ديوانا "الاستعمار العربي" عام 1991، والجزء الأول من مختاراته الشعرية عام 1994.