لا أجد هذه المرة مبرراً للأستاذ فهمي هويدي وهو يتسلل إليك ليغزو عقلك وقلبك بأفكاره الناعمة، لأنه في هذه المرة قد أفصح صراحة عن انحيازه للاتجاه الذي يمثله بغض النظر عن موقع هذا الاتجاه من الحقيقة والواقع. وحاول علي نحو مكشوف إسقاط واقعة تاريخية منبت الصلة بالواقع المصري علي الوضع الراهن بمصر للخروج بنتيجة مؤداها أن القوى التي تقف في جانب معارضة اللانظام الإخواني هي قوي مدفوعة بمقتضي أجندة أجنبية علي نحو مباشر أو غير مباشر بقصد إجهاض الثورة المصرية وتصفيتها. ففي مقاله بجريدة الشروق الصادرة يوم الثلاثاء 30 إبريل 2013 م العدد 1549 صفحة 13 والمعنون ب:"فصل في إجهاض الثورات وتصفيتها" استحضر الأستاذ هويدي تجربة الإيراني محمد مصدق سنة 1951م عندما اعتزم تأميم النفط الإيراني ووضع خطة لتطبيق الإصلاح الزراعي والتخلص من الهيمنة البريطانية و الأمريكية، ووصف بريطانيا بأنها دولة إمبريالية تسرق قوت الإيرانيين. فما كان من بريطانيا إلا أن فرضت حصاراً علي إيران، وتدخلت المخابرات الأمريكية لإسقاط مصدق. وذلك في ظل أوضاع دولية تسمح بذلك، ولو قال الأستاذ هويدي ذلك عن ثورة يوليو وموقف الدول الإستعمارية منها لكان ذلك أوفق . أما أن يتم إسقاط ذلك علي ثورة يناير فهنا الوضع مختلف.فالرئيس مرسي ليس مصدق . فمصدق أمم النفط لصالح الشعب الإيراني، والرئيس مرسي أمم الشعب لمصلحة الجماعة . مصدق طبق الإصلاح الزراعي انحيازاً للفقراء أما الرئيس مرسي فقد أعلن انحيازه للرأسمالية المتوحشة خدمة لرجال أعمال الإخوان. مصدق قاد الثورة لصالح الشعب الإيراني بينما الإخوان سرقوا الثورة من أصحابها وركبوها ووظفوها لخدمة أغراضهم. لأن الأستاذ هويدي يعلم أن الإخوان في تربيتهم وعقيدتهم وفقاً لتعليمات مرشد الجماعة الأول ليسوا أصحاب ثورات ولا من الداعين لها ولا المشاركين فيها، ولو نجح مبارك في قمع الثوار لكانوا أول من صفق له وأيده طمعاً في مغنم أو دفعاً لمغرم، وقد نبه الأستاذ هويدي قراءه بضرورة استصحاب ثلاث أمور.أولها: الحصار الإقتصادي. ثانيها : المخابرات والعملاء. ثالثها: أن ثورة مصدق أجهضت في عامين . ثم عدد عوامل تصفية الثورات في : تدهور الوضع الإقتصادي ، وضرب السياحة واستثمار المنابر الإعلامية في التشويه ، وتشجيع العصيان المدني، وإثارة النعرات الطائفية، وتوفير الغطاء السياسي للعنف، وتعميق الاستقطاب السياسي، وكسر هيبة السلطة، والوقيعة بين مؤسسات الدولة، وإفشال مخططات إقامة النظام البديل، وتحسين صورة النظام السابق، ويبدو أن الأستاذ هويدي في عزوه ما تقدم إلي المعارضة قد حرص علي قراءة الصورة معكوسة لأن تدهور الوضع الإقتصادي وضرب السياحة وإثارة النعرات الطائفية وتعميق الإستقطاب السياسي علي أساس ديني وكسر هيبة السلطة والوقيعة بين مؤسسات الدولة، كل ذلك من فعل السلطة وحوارييها.أما العصيان المدني فهو حق للجماهير، والإعلام مرآة الواقع، وتوفير غطاء سياسي للعنف وهم لأنه لا يوجد لأحد سيطرة علي حركة الشارع. وإفشال مخططات إقامة النظام البديل أمر طبيعي في ظل غياب الرؤية السياسية، أما تحسين صورة النظام السابق فهي نتيجة قبح صورة النظام الحالي.ثم ختم هويدي مقاله بقولة المرشد في وصف الإعلام بسحرة فرعون . وتشبيه مرسي بموسي باعتباره يملك العصا التي تلقف ما يأفك الأخرون. وهي مقاربة غير موفقة وإن كانت تكشف عن مكنون نفس تنزل الأفراد منزلة الأنبياء