كيفية حفظ النفس من الشيطان جعل الله تعالى الابتلاء في حياة الإنسان سنّةً إلهيّة لا تتخلف، يتعرّض لها الإنسان، اختبارًا لصدق إيمانه، وامتحانًا لقوة يقينه، وتتنوّع طبيعة الابتلاءات وصورها وأشكالها، ولعلّ من أهمّها وأكثرها تأثيرًا على ضعاف الإيمان «كيد الشيطان ووسوسته»، وقد قدّر الله تعالى أن يظلّ الشيطان قرينًا للإنسان، ليصدّه ما استطاع عن ذكر الله، والامتثال لأوامره سبحانه، قال – تعالى- حكايةً عن الشيطان الرجيم: «قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ». تحصين النفس يحسُنُ بالمسلم أن يبقى دائمًا على حذر من الوقوع فيما فيه أذىً وشرّ له، وذلك بتحصين نفسه؛ ويكون ذلك ابتداءً من تحقيق معنى التوحيد لله سبحانه، ونبذ الشركيّات من حياته، والإخلاص لله -تعالى- بالتّوجه والإنابة، وأن يُحافظ على صلاة الجماعة؛ فإنّها حصنٌ متين وحمايةٌ ربانيّة، وعليه أن يجتهد بالتّوبة من كلّ الذنوب، ويجتهد في تخليص نفسه من الآثام؛ فإنَّ فِعْلُ ذلك يجعله أقربَ إلى العافية والسلامة من الأذى، كما يجدر بالمسلم أنْ يحرص على الالتزام بقراءة أذكار الصباح والمساء. كيفيّة حفظ النفس من الشيطان إنّ مواجهة كيد الشيطان ووسوسته رغبة لدي جميع المؤمنين بالله، وهو مستطاعٌ ومتيسّر لمن أراد، ولا يمكن للعبد أن يستدلّ على سبُل حفظ النفس من الشيطان إلا إذا تيقّن واستحضر عداوة الشيطان لعباد الله، ويمكن إجمال هذه الوسائل بما هو آتٍ: 1- دوام الاستعاذة بالله من الشيطان؛ ذلك أنّ الاستعاذة بالله لها أثرٌ عظيم في كبح جماح الشيطان ووسوسته، وقد أمرنا المولى -سبحانه وتعالى- بالاستعانة به على نزغ الشيطان؛ فقال تعالى: «وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ». 2- كما أنّ البسملة لها أثرٌ في تصاغر الشيطان؛ ففيها تعلّق بالله، وتعظيم له؛ فقد جاء أنّ النبي -عليه الصّلاة والسّلام- نهى أحد أصحابه عن قوله: تعس الشيطان، وأمره أن يسمّي الله تعالى، ففي الحديث: «لا تقُلْ تعِس الشَّيطانُ، فإنَّه إذا قلتَ: تعِس الشَّيطانُ تعاظم في نفسِه، وقال: صرعتُه بقوَّتي، وإذا قلتَ: بسمِ اللهِ، تصاغرتْ إليه نفسُه حتَّى يكونَ أصغرَ من ذبابٍ». 3- الالتزام بالصلاة، وخصوصًا في جماعة المسلمين، وعدم التّهاون في أدائها في أوّل وقتها؛ فالصلاة شأنها عظيمٌ، وأثرها في حفظ المسلم كبيرٌ؛ فالشيطان لا طاقة له بالاستحواذ على جماعة المسلمين، ولذا حذّر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من التساهل في أمر صلاة الجماعة؛ فقال: «ما مِن ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بدوٍ لا تُقامُ فيهم الصَّلاةُ إلَّا استحوذ عليهم الشَّيطانُ فعليك بالجماعةِ فإنَّما يأكُلُ الذِّئبُ القاصيةَ». 4- المداومة على قراءة القرآن الكريم، وتعهّد سوره وآياته، وخاصّةً ما ورد بشأنها في أنّها تصرف أذى الشيطان، وتعصم من شرّه، مثل: أوائل سورة البقرة وأواخرها، وآية الكرسي، وسورة الصمد، والمعوّذتين، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء والنوم، فإذا فعل المسلم هذا؛ فقد حصن نفسه وأهل بيته من الشيطان. الاستعانة بالله تعالى، والاعتصام بحبله المتين، وتحرّي الإخلاص لله في القول والعمل، والتّوكل عليه، وهذا كلّه -بعون الله- من أهمّ ما يدفع به العبد أذى الشيطان؛ فكيد الشيطان ضعيفٌ، ولا حيلة له بأهل الإخلاص، قال الله عزّ وجلّ: «قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ». 5- التمسّك بالطاعات والقُربات، والامتثال لله ولرسوله في الأوامر والنواهي؛ حيث إنّ الشيطان يعتزل مواطن ذكر الله تعالى، وأهمّها لحظات سجود العبد، يقول النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم-: «إذا قرَأ ابنُ آدَمَ السَّجدةَ فسجَد اعتزَل الشَّيطانُ يبكي ويقولُ: يا ويلَه أُمِر ابنُ آدَمَ بالسُّجودِ فسجَد فله الجنَّةُ وأُمِرْتُ بالسُّجودِ فأبَيْتُ فلِيَ النَّارُ». اقرأ أيضًا: اذكار المساء كما وردت عن الرسول ووقتها الصحيح اذكار المساء والنوم .. للوقاية من القلق وشر المخلوقات أذكار المساء.. 10 أدعية تحفظك من كل شر وسوء أذكار المساء .. فضلها وأجرها ووقتها اذكار المساء .. تحفظ النفس من الأذى وتغفر الذنوب أكثر الناس عرضة لوسوسة الشيطان قالت الدكتورة إلهام شاهين مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لشؤون الواعظات، إن الشيطان تزداد وسوسته لصنفين من البشر، الأول: ضعيف الإيمان، والثاني: من فعل معصية وأراد التوبة، والشيطان كان يوسوس للأنبياء والرسل وصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ووسوس لسيدنا آدم وأمنا حواء، ويقول الله تعالى: «فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا». مداخل الشيطان لقلب الإنسان أكدت الدكتورة إلهام شاهين، أن حماية القلب من وساوس الشيطان أمر واجب على الإنسان، مشيرةً إلى أنه لا يستطيع المسلم دفع الشيطان ووساوسه إلا بمعرفة مداخله التى يستطيع بها إغواء بني آدم. اقرأ أيضًا: الإفتاء توضح حقيقة زوال كورونا مع ظهور نجم الثريا في شهر رمضان وأضافت «شاهين» فى تصريح ل«صدى البلد»، أن مداخل الشيطان وأبوابه كثيرة منها؛ الغضب والشهوة، فإن الغضب هو غول العقل، وإذا ضعف جند العقل هجم جند الشيطان، مستشهدةً بحديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي، فَقَالَ: لَا تَغْضَبْ، ثُمَّ ردَّدَ مِرَارًا، فقال: لا تغضب». وأوضحت العالمة الأزهرية، أن من أبواب الشيطان الحسد والحرص: وإذا غطى العبد الحسد والحرص لم يبصر، وفى هذه الحالة يجد الشيطان فرصة فيحسن عند الحريص كل ما يوصله إلى شهوته وإن كان منكرًا فاحشًا، منوهةً أن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذم الحرص. اقرأ أيضا: دعاء التحصين من كورونا والوباء.. الإفتاء تنصح ب 24 كلمة للوقاية واستشهدت بحديث عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ». وأشارت إلى أن العجلة تعتبر من أبواب الشيطان: ومعناها ترك التثبت في الأمور، مؤكدةً أن رسول الله قد ذم العجلة والتعجل فى الأمور، مستشهدة بحديثه -صلى الله عليه وسلم-: «العجلة من الشيطان والتأني من الله تعالى». ولفتت إلى أن من أبوابه البخل وخوف الفقر: لأن ذلك هو الذي يمنع من الإنفاق والتصدق ويدعو إلى الادخار والكنز والعذاب الأليم، مستشهدة بقوله تعالى: «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ* يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ». اقرأ أيضًا: يارب ارفع عنا البلاء .. دعاء الاستعاذة من الأمراض وفيروس كورونا