قالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إنه وفق ما ورد بالسُنة النبوية الشريفة، أنها أرشدتنا إلى كيفية الدعاء عند دفن الميت، منوهة بأنه يسن عند دفن الميت تذكير الناس بالموت وموعظتهم وحثهم على الاستعداد للدار الأخرة، والعمل لما بعد الموت. وأوضحت «البحوث الإسلامية» عبر صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابتها عن سؤال: «ما هي كيفية الدعاء عند دفن الميت؟»، أنه قد دلت على ذلك النصوص، فقد ترجم البخاري في صحيحه : باب موعظة المُحدّث عند القبر وقعود أصحابه حوله. واستشهدت بما ورد وفيه عن علي -رضي الله عنه- كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقعد، وقعدنا حوله، ومعه مِخصرة، فنكس، وجعل ينكتُ بمخصرته، ثمّ قال: «مَا مِنكُمْ من أحد ما من نفس منفوسة إلا كتب مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كُتبتْ شقية أو سعيدة»، فقال رجل لرسول الله: أفلا نتكل على كتابنا، وندع العمل، فمن كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة، وأمًا من كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة. وتابع: قال: «أمّا أهل السعادة فييسّرون لعمل السعادة، وأمّا أهل الشقاوة فييسّرون لعمل الشقاوة، ثم قرأ قوله تعالى: « «فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ (6)» من سورة الليل، وقال ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري : فيه جواز القعود عند القبور والتحدث عندها بالعلم والمواعظ، منوهة بأنه وبذلك يعلم أن الوعظ عند القبر أمر مشروع قد فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- . وأضافت أنه كذك يُسن عند الفراغ من دفن الميت الانتظار والدعاء له، وسؤال الله له بالتثبيت عند السؤال، لحديث عثمان -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: «استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل » رواه أبو داود، وعن ابن مسعود -رضي الله عنه-: كان النبي - -صلى الله عليه وسلم- - يقف على القبر بعدما يسوي عليه، فيقول: «اللهم نزل بك صاحبنا، وخلف الدنيا خلف ظهره اللهم ثبت عند المسألة منطقه، ولا تبتله في قبره بما لا طاقة له به» رواه سعيد في سننه. ونبهت إلى أنه قال الإمام الترمذي: الوقوف على القبر، والسؤال للميت في وقت الدفن، مدد للميت بعد الصلاة عليه ، مشيرًا إلى أن في قوله -صلى الله عليه وسلم- : «استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل» عموم، فيجوز الدعاء فرادى، كما يجوز أن يدعو أحدهم جهرًا، ويؤمّن الناس على دعائه ؛ على أصل مشروعية الدعاء وهيئته؛ إذ لا مخصص . ودللت بما قد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه بسنده عن عبد الله بن أبي بكر ، قال : كان أنس بن مالك إذا سوي على الميت قبره قام عليه ، فقال : اللهم عبدك رد إليك فارأف به وارحمه ، اللهم جاف الأرض عن جنبه ، وافتح أبواب السماء لروحه ، وتقبله منك بقبول حسن ، اللهم إن كان محسنا فضاعف له في إحسانه، أو قال : فزد في إحسانه ، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه. واستطردت: ومثل ذلك لا يعلم لفظه إلا لمن سمعه ، وسماع الغير له يستلزم الجهر به، وجهر أنس بن مالك به وهو من كبار الصحابة مع عدم الإنكار عليه فيه دلالة على مشروعية الجهر بالدعاء عند القبر ، ولا يقبل عقلا أن يرفع الجميع أصواتهم بالدعاء كل بقول مخصوص عن الآخر، وإلا لزم التشويش، ومثله لا يصدر عن آحاد المسلمين فضلا عن كبار الصحابة والتابعين ، فلم يبق إلا أنه كان يدعو والحاضرون يؤمنون خلفه. وأفادت بأنه بناءً عليه فلا ينبغي الإنكار على من جهر بالدعاء والناس خلفه يؤمنون، إذ الأمر فيه متسع ، فمن شاء دعا سرا، ومن شاء دعا جهرا، وكله نفع للميت إن شاء الله.