تحت شعار "الحكم الديموقراطي ضد الفساد"، تنطلق "قمة الأمريكتين الثامنة" يوم الجمعة المقبل في العاصمة ليما ببيرو، وتستمر لمدة يومين بمشاركة نحو 34 من قادة الأمريكيتين الشمالية والجنوبية لمناقشة عدد من قضايا القارتين ذات الاهتمام المشترك والملفات العالقة بينهما. ومن المقرر أن تركز القمة هذا العام على ثلاثة محاور رئيسية وهي الحكم الديموقراطي والفساد، الفساد والتنمية المستدامة، محاور التعاون والأطر المؤسسية والشراكة بين القطاعين العام والخاص. وترى بيرو أن الفساد يمثل تهديدًا متصاعدًا وعابرًا للحدود الوطنية ويزيد من عدم المساواة الاجتماعية، لذلك أولت الحكومة البيروفية في الأشهر التي سبقت انعقاد القمة أهمية كبيرة لعقد العديد من المشاورات مع دول المنطقة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والشباب والجهات الفاعلة الاجتماعية الأخرى، من أجل تحديد الإصلاحات اللازمة لتعزيز مكافحة الفساد في الأمريكتين. وتأمل بيرو أن تعتمد قمة الأمريكتين الثامنة مجموعة من التوصيات أو خطط عمل فعالة تدعم الجهود الوطنية في هذا المجال، فضلًا عن تحقيق نتائج ذات تأثير كبير على رفاهية شعوب الأمريكتين. وكان من المقرر أن يشارك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في القمة المرتقبة حيث أكد مشاركته منذ أكثر من شهرين وكانت هذه الزيارة ستصبح هي الأولى من نوعها لأمريكا اللاتينية منذ توليه رئاسة الولاياتالمتحدة وكان يُعول عليها كثيرًا في تعزيز مسار العلاقات بين الجانبين غير أنه أعلن أمس عدم مشاركته في القمة من أجل الإشراف على الرد فيما يتعلق باستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، وأناب نائبه مايك بينس للحضور. ويرى مراقبون أن عدم حضور ترامب لقمة الأمريكتين يعكس عدم إيلاء أهمية لأمريكا الجنوبية على أجندة واشنطن، وأن الولاياتالمتحدة تفتقر لوجود أية رؤية إنمائية أو أجندة واضحة إزاء هذه المنطقة وأن أولوياتها تتركز في مناطق أخرى. ويرى المراقبون أيضا أن ترامب منذ انتخابه لم يظهر اهتمًاما كبيرًا لأمريكا الجنوبية وهو ما تسبب في حدوث حالة من الفتور بين الطرفين ، كما أن تهديده بالتدخل العسكري في فنزويلا في أغسطس الماضي أثار استياءً واسعًا في مختلف دول أمريكا الجنوبية وزادت من حالة التوتر بين الجانبين. من ناحية أخرى .. أثارت مشاركة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في قمة الأمريكتين جدلًا واسعًا حيث حرص الأخير على تأكيد مشاركته في القمة المرتقبة بينما سحبت بيرو الدعوة التي قد وجهتها له مؤكدة أنه غير مرحب به في قمة الأمريكتين بسبب التدهور الخطير الذي تواجهه المؤسسات الديموقراطية لبلاده ومعبرة عن رفضها لقراره إجراء الانتخابات الرئاسية في فنزويلا في 22 من أبريل الجاري حيث إن هذا الموعد يعيق إجراء انتخابات ديموقراطية وشفافة تضمن مشاركة كافة القوى السياسية في البلاد فضلا عن المراقبين الدوليين. واستنكرت بعض الدول الحليفة لفنزويلا، مثل بوليفياوكوبا والإكوادور ونيكاراجاوا، إلغاء دعوة الرئيس مادورو للمشاركة في القمة ومنعه من دخول البلاد، وأكدوا أهمية حضوره لإيجاد حلول للأزمة في فنزويلا. وقمة الأمريكتين هي تجمع مؤسسي لرؤساء دول وحكومات نصف الكرة الغربي لتضم أمريكا الشمالية والجنوبية حيث يناقش الزعماء قضايا السياسة المشتركة ويؤكدون على الأطر العامة للقيم ويلتزمون باتخاذ إجراءات متضافرة على المستوى الوطني والإقليمي لمواجهة التحديات المستمرة والجديدة التي تواجهها الأمريكيتان ويعزز التغيير الإيجابي على أعلى مستوى سياسي. وتعقد القمة كل ثلاث سنوات في واحدة من الدول الأعضاء في منظمة الدول الأمريكية، وهي مؤسسة دولية تأسست عام 1948، وعقدت القمة لأول مرة عام 1994 عندما دعا إليها الرئيس الأمريكي حينذاك بيل كلينتون الذي أراد الاحتفال بالتزام جميع الدول ال 34 في المنطقة بالديمقراطية والتجارة الحرة، ما عدا كوبا التي لم يتم دعوتها. وكان من أشهر قمم الأمريكتين القمة السابعة التي عقدت ببنما عام 2015 وتم خلالها دعوة كوبا بعد إصرار من دول أمريكا اللاتينية، وجلس الرئيس الكوبي راؤول كاسترو مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، في أول لقاء من نوعه منذ عام 1956 والذي مثل رمزًا من رموز التقدم على طريق المصالحة بين البلدين بعد أكثر من نصف قرن من العلاقات المضطربة والتوتر السياسي.