يخيم الصمت ورائحة الموت على المكان الذي شهد مقتل 15 امرأة تدافعن مع المئات من أجل الحصول على مساعدات غذائية يوم الأحد بقرية سيدي بولعلام قرب الصويرة التي تقع على نحو 483 كيلومترا جنوب غربي الرباط، وعمت الفوضى المكان حيث تناثرت أحجار وأكياس بلاستيكية ممزقة وخيم الوجوم على الوجوه مع انتشار عناصر من الدرك المغربي. وقال شاهد ذكر اسمه الأول فقط وهو أحمد "كل أربع سنوات ينظم هذا الإمام الذي يتلقى أموالا من السعودية عملية توزيع مواد غذائية ويصورها مساعدوه لا أدري ربما يبعثها إلى السعودية ليبرر الأموال التي يتلقاها". وأضاف "هذه السنة كان العدد كبيرا جدا ووضعت حواجز حديدية انهارت وسقطت تحتها وفوقها نساء وداست أخريات على أجساد النساء اللائي وقعن على الأرض في تدافع مما أسفر عن مقتل 15 امرأة وجرح 5 أخريات في حالة خطيرة." وقالت فاطمة التي فقدت أختها في هذا الحادثة بنبرات تنم عن اليأس " في كل مرة كانت أختي تذهب لإعالة أبنائها الأربعة خصوصا أن أباهم متوفى ولم نكن نواجه أية مشكلة. لكن هذه المرة كان العدد كبيرا جدا .. وبعد أن تعبن من الانتظار أردن الخروج فوجدن أنفسهن محاصرات وحصل التدافع". وكان أحد الأئمة المعروفين بالدار البيضاء يشرف على جمعية محلية تهتم بتوزيع المساعدات الغذائية بالسوق الأسبوعي للبلدة. وخرج مساء اليوم عشرات النشطاء في وسط مدينة الصويرة للاحتجاج على مقتل النساء الخمسة عشر وحملوا الدولة مسؤولية مقتلهن كما رفعوا شعارات"حرية كرامة عدالة اجتماعية" وشعار"الموت ولا المذلة" الذي رفع لأول مرة في احتجاجات الريف شمال المغرب اثر مقتل بائع السمك محسن فكري العام الماضي سحقا في حاوية قمامة عندما حاول استرداد أسماكه المصادرة. وقال ناشط لرويترز " هدفنا هو توصيل رسالة بأننا نعيش تحت نظام استبدادي." وأضاف "الطريقة التي ماتت بها هؤلاء النسوة كارثة حقيقية وتبين حجم المصيبة التي وصل إليها البلد.. هذه نتيجة ثقافة التسول التي روج لها النظام". ومن جهتها دعت جماعة العدل والإحسان المغربية الإسلامية المحظورة " كافة القوى الحية إلى الاصطفاف في أشكال احتجاجية عاجلة شجبا لهذا الواقع المزري الذي يكتوي بناره المستضعفون". وأضاف بيان الجماعة على موقعها على الانترنت أن جماعة العدل والإحسان بالصويرة "وقفت بكل أسى على الفاجعة وتابعت تفاصيلها المخجلة التي بيّنت بما لا يدع مجالا للشك أننا بعيدون كل البعد عمّا يُسوّق من شعارات لا يُبرمج منها على الواقع إلا ما يُفقر الفقير ويزيد من غنى الغني". وقال بيان لوزارة الداخلية اليوم الاثنين إن العاهل المغربي محمد السادس أعطى تعليماته لرئيس الحكومة ولوزير الداخلية وللقطاعات المعنية لاتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية لتنظيم عمليات توزيع المساعدات. وأضاف البيان انه" على إثر فاجعة التدافع التي وقعت أمس الأحد خلال عملية توزيع مساعدات غذائية على مستوى جماعة سيدي بولعلام بإقليم الصويرة يتم حاليا إجراء تحقيق من قبل النيابة العامة المختصة". وأقال العاهل المغربي الشهر الماضي وزراء التعليم والتخطيط والإسكان والصحة بعد أن خلصت وكالة اقتصادية إلى وجود "خلل" في تنفيذ خطة تنمية لمكافحة الفقر في منطقة الريف بشمال المملكة. كما شهدت منطقة الريف احتجاجات بعد مقتل بائع السمك في أكتوبر تشرين الأول 2016 بعد مواجهة مع الشرطة وأصبح رمزا لتداعيات الفساد وإساءة استخدام السلطة.