قافلة دعوية ل«الأزهر» و«الأوقاف» و«الإفتاء» إلى شمال سيناء    ترامب: أتوقع التوصل إلى اتفاق قريب مع الرئيس بوتين    الأجهزة الأمنية الليبية تحبط محاولة اقتحام متظاهرين لمبنى رئاسة الوزراء بطرابلس    اللقب مصري.. نور الشربيني تتأهل لمواجهة هانيا الحمامي في نهائي بطولة العالم للاسكواش    السيطرة على حريق شب داخل شقة سكنية بالمقطم    غيبوبة سكر.. نقل الجد المتهم في الاعتداء على حفيده للمستشفى بشبرا الخيمة    بقصة شعر جديدة، كاظم الساهر يحيي اليوم حفل دبي والإعلان عن عرض ثان بعد نفاد التذاكر    أزمة «محمود وبوسي» تُجدد الجدل حول «الطلاق الشفهي»    وزير التعليم العالى يستقبل الجراح العالمى مجدى يعقوب    الاتحاد الأوروبي والصين يعلّقان استيراد الدجاج البرازيلي بعد اكتشاف تفش لإنفلونزا الطيور    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات السبت 17 مايو 2025    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    إبداعات المنوفية| دمية.. قصة ل إبراهيم معوض    إبداعات المنوفية| بين الشك واليقين.. شعر ل وفاء جلال    سعر الخوخ والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم السبت 17 مايو 2025    «ماحدش يقرب من الأهلي».. تعليق غاضب من عمرو أديب بعد قرار التظلمات    بعد رباعية الجونة.. إقالة بابا فاسيليو من تدريب غزل المحلة    رئيس مصلحة الضرائب: حققنا معدلات نمو غير غير مسبوقة والتضخم ليس السبب    وليد دعبس: مواجهة مودرن سبورت للإسماعيلي كانت مصيرية    رئيس الوزراء العراقى لنظيره اللبنانى : نرفض ما يتعرض له لبنان والأراضى الفلسطينية    ترامب يهاجم المحكمة العليا.. لن تسمح لنا بإخراج المجرمين    ترامب يلوّح باتفاق مع إيران ويكشف عن خطوات تجاه سوريا وبوتين    ضربة لرواية ترامب، "موديز" تخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة    ملاك العقارات القديمة: نطالب بحد أدنى 2000 جنيه للإيجارات بالمناطق الشعبية    شقيقة سعاد حسني ترد على خطاب عبد الحليم حافظ وتكشف مفاجأة    توافق كامل من الأزهر والأوقاف| وداعا ل«الفتايين».. تشريع يقنن الإفتاء الشرعي    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    لكزس RZ 2026| طراز جديد عالي الأداء بقوة 402 حصان    غزل المحلة يطيح ب بابافاسيليو بعد ربعاية الجونة في الدوري    مدير إدارة المستشفيات يشارك في إنقاذ مريضة خلال جولة ليلية بمستشفى قويسنا بالمنوفية    جوميز: شعرنا بأن هناك من سرق تعبنا أمام الهلال    أموريم: شيء واحد كان ينقصنا أمام تشيلسي.. وهذه خطة نهائي الدوري الأوروبي    رويترز: إدارة ترامب تعمل على خطة لنقل مليون فلسطيني إلى ليبيا    اليوم.. «جوته» ينظم فاعليات «الموضة المستدامة» أحد مبادرات إعادة النفايات    انطلاق فعاليات مؤتمر التمكين الثقافي لليوم الواحد بمطروح    محاكمة 3 متهمين في قضية جبهة النصرة الثانية| اليوم    شديد الحرارة نهاراً وأجواء معتدلة ليلا.. حالة الطقس اليوم    اشتعال الحرب بين نيودلهي وإسلام آباد| «حصان طروادة».. واشنطن تحرك الهند في مواجهة الصين!    نجم الزمالك السابق يفاجئ عمرو أديب بسبب قرار التظلمات والأهلي.. ما علاقة عباس العقاد؟    محسن الشوبكي يكتب: مصر والأردن.. تحالف استراتيجي لدعم غزة ومواجهة تداعيات حرب الإبادة    رئيس شعبة الدواجن: نفوق 30% من الإنتاج مبالغ فيه.. والإنتاج اليومي مستقر عند 4 ملايين    إصابة 4 أشخاص في حادث سقوط سيارة بترعة الفاروقية بسوهاج    غرق طالب بترعة الكسرة في المنشاة بسوهاج    كل سنة وأنت طيب يا زعيم.. 85 عاما على ميلاد عادل إمام    جورج وسوف: أنا بخير وصحتى منيحة.. خفوا إشاعات عنى أرجوكم (فيديو)    اليوم| الحكم على المتهمين في واقعة الاعتداء على الطفل مؤمن    ضبط 25 طن دقيق ولحوم ودواجن غير مطابقة للمواصفات بالدقهلية    رئيسا «المحطات النووية» و«آتوم ستروي إكسبورت» يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    رئيسا "المحطات النووية" و"آتوم ستروي إكسبورت" يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 17 مايو 2025    قبل الامتحانات.. 5 خطوات فعالة لتنظيم مذاكرتك والتفوق في الامتحانات: «تغلب على التوتر»    لمرضى التهاب المفاصل.. 7 أطعمة ابتعدوا عنها خلال الصيف    بالتعاون مع الأزهر والإفتاء.. الأوقاف تطلق قافلة دعوية لشمال سيناء    مشيرة خطاب: التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ضرورة ملحة    "بيطري قناة السويس" تُطلق فعاليات بيئية وعلمية ومهنية شاملة الأسبوع المقبل    شكاوى المواطنين تنهال على محافظ بني سويف عقب أدائه صلاة الجمعة .. صور    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطيب الحرم: ضعف التوحيد في النفوس سبب شرور وبلايا الأمة الإسلامية
نشر في صدى البلد يوم 01 - 09 - 2017

أدى المصلون صباح اليوم صلاة عيد الأضحى المبارك في المسجد الحرام، وفي المسجد النبوي، وفي مختلف أنحاء المملكة، وسط أجواء آمنة مطمئنة مفعمة بالخشوع لله سبحانه وتعالى في هذا اليوم الفضيل.
ففي مكة المكرمة أدى جموع المصلين صلاة عيد الأضحى المبارك بالمسجد الحرام حيث أمهم إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي، الذي أوصى المسلمين بتقوى الله تَعَالَى حَقَّ التَّقْوَى، وَحْفَظُ أَوَامِرَهُ وَتعَظِّيم حُرُمَاتِهِ وَشَعَائِرَهُ، «وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى، وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ».
وقال «المعقلي» في خطبة العيد التي القاها اليوم بالمسجد الحرام : أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ : مُبَارَكٌ عَلَيكُمْ هَذَا الْعِيدُ ، وَحَبَانَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ بِيَوْمِ الْمَزِيدِ ، وَأَعَادَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي أَمْنٍ وَأمَانٍ، وَرَخَاءٍ وَإِيمَانٍ.
وأضاف: أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: الْعِيدُ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ، نَلْهَجُ فِيهِ بِذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ ، وَنُظْهِرُ الْفَرَحَ بِنِعْمَتِهِ إِنَّه تَعَاطُفٌ وَمَحَبَّةٌ، وَتُوَادٌّ وَرَحْمَةٌ، وَنُفُوسٌ مُتَسَامِحَةٌ، وَرَحِمٌ مَوْصُولَةٌ , فَاهْنَأُوْا بِعِيدِكُمْ ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ ، فَصِلَتُهُمْ بَرَكَةٌ فِي الرِّزْقِ ، وَمَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ ، وَتَوْفِيقٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى فِي الْأُخْرَى ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)), فَاللَّهَ اللَّهَ يَا عَبْدَ اللهِ: أُمَّكَ وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ. وخاطب حجاج بيت الله قائلا حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ: إِنَّ هَذَا اليَوْمَ العَظِيمَ، هُوَ يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ، وَهُوَ أَعْظَمُ أَيَّامِ الدُّنْيَا، قَالَ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: "يَوْمُ عَرَفَةَ، مُقَدِّمَةٌ لِيَوْمِ النَّحْرِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنَّ فِيهِ يَكُونُ الْوُقُوفُ وَالتَّضَرُّعُ وَالتَّوْبَةُ، وَالِابْتِهَالُ وَالِاسْتِقَالَةُ، ثُمَّ يَوْمُ النَّحْرِ تَكُونُ الْوِفَادَةُ وَالزِّيَارَةُ، وَلِهَذَا سُمِّيَ طَوَافُهُ طَوَافَ الزِّيَارَةِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ طَهُرُوا مِنْ ذُنُوبِهِمْ يَوْمَ عَرَفَةَ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ رَبُّهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ فِي زِيَارَتِهِ، وَالدُّخُولِ عَلَيْهِ إِلَى بَيْتِهِ، وَلِهَذَا كَانَ فِيهِ ذَبْحُ الْقَرَابِينِ، وَحَلْقُ الرُّؤُوسِ، وَرَمْيُ الْجِمَارِ، وَمُعْظَمُ أَفْعَالِ الْحَجِّ، وَعَمَلُ يَوْمِ عَرَفَةَ، كَالطُّهُورِ وَالِاغْتِسَالِ بَيْنَ يَدَيْ هَذَا الْيَوْمِ". (( ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)).
وأوضح أن الْوَاجِبُ عَلَي الْحَاجُّ ، بَعْدَ أَنْ وَقَفْتَ بِعَرَفَةَ، وَبِتَّ بِمُزْدَلِفَةَ، أَنْ تَبِيتَ لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِمِنىً، اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأيَّامُ التَّشْرِيقِ، هِيَ الَّتِي عَنَاهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: ((وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ))، وَفِي صَحِيحِ مُسلِمٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: (( أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ )). فَاشْكُرُوْا اللهَ عِبَادَ اللَّهِ ، أَنْ بَلَّغَكُمْ هَذِهِ الْأَيَّامَ الْمُبَارَكَةَ ، وَأَكْثِرُوْا فِيهَا مِنْ ذِكْرِهِ وَتَكْبِيرِهِ ، اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَاقْتِدَاءً بِالصَّحْبِ الْكِرَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأرْضَاهُمْ فَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ: كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى، فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ المَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ، وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الأَسْوَاقِ، حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا.
وبين الشيخ المعيقلي أنه كَمْ فِي الْحَجِّ مِنْ مَشَاهِدَ جَلِيلَةٍ ، وَآيَاتٍ عَظِيمَةٍ وَلَيْسَ شَيْءٌ أَظْهَرُ فِيهِ مِنْ تَوْحِيدِ اللهِ جَلَّ جَلاَلُهُ، وَصَرْفِ الْعِبَادَةِ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَأَعْمَالُ الْحَجِّ كُلُّهَا تَبْدَأُ بِتَوْحِيدِ اللهِ، وَتُخْتَمُ بِتَوْحِيدِهِ، قَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : عَنْ تَلْبِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ))، رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.
وأبان أن في الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ تَوْحِيدٌ، بَلْ مَا رُفِعْتِ الْكَعْبَةُ إِلَّا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، ((وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا.))، وَلَمَّا صَعَدَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عَلَى جَبَلِ الصَّفَا ، لِيَسْعَى بَيْنَهُ وَبينَ وَالْمَروَةِ دَعَا بِالتَّوْحِيدِ فَقَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ". رَواهُ مُسلم.
وتابع: وَكُلُّ الْعِبَادَاتِ مِنْ صَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، مَدَارُهَا عَلَى التَّوْحِيدِ ، ((قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)).
واستطرد: معاشر المؤمنين: إِنَّ أَعْظَمَ الشُّرُورِ وَالْبَلَايَا، الَّتِي أَصَابَتْ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا كَانَتْ بِسَبَبِ ضَعْفِ التَّوْحِيْدِ فِي النُّفُوْسِ، وَاْنْتِشَارِ الْبِدَعِ وَالضَّلاَلَاتِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ، وَصَرْفِ الْعِبَادَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَاْتِّخَاذِ الْوُسَطَاءِ وَالشُّفَعَاءِ، وَالْإِحْدَاثِ فِي الدِّينِ بِمَا لَيْسَ مِنْهُ، (( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ))، وَفِي الصَّحِيْحَيْنِ، مِنْ حَدِيْثِ الصِّدِّيقَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَأَرْضَاهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ )).
وأردف يقول أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ : إِنَّ السَّلَامَ مِنْ أَعْظَمِ مَظَاهِرِ الْحَجِّ، فَتَرَىْ الْمُحْرِمَ مُنْذُ أَنْ يَدْخُلَ فِي النُّسُكِ، فَهُوَ فِي سَلَامٍ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ صَيْدًا، وَلَا يُعِيْنُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا أَنْ يَأْكُلَ مَا صِيْدَ مِنْ أَجْلِهِ ، ثُمَّ إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ، جَمَعَ بَيْنَ سَلَامِ الْإِحْرَامِ، وَسَلَامِ الْحَرَمِ ، فَالحَرَمُ لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا يُقْطَعُ شَجَرُهُ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ يَوْمَ الفَتْحِ فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهِيَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تَحْلِلْ لِي قَطُّ إِلَّا سَاعَةً مِنَ الدَّهْرِ، لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَوْكُهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ".
وأكمل: وَإِذَا نَظَرْنَا مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَظَاهِرِ السَّلَامِ فِي الْحَجِّ فَإِنَّهَا تَعمُ هَذِهِ الْمَحْظُورَاتِ الْمَادِّيَّةَ، وَكَذَلِكَ أَقْوَالَ النَّاسِ وَأَفْعَالَهُمْ، واللهُ تعالى يَقولُ في مُحكَمِ تَنزِيله : (( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ )). وَلِذَلِكَ نَجِدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي حَجِّهِ ، يَحثُ النَاسَ على الرفقِ واللين، حِرْصًَا مِنْهُ صلى الله عليه وسلمَ على سَلامَتِهمْ وَأَمْنِهِم، وَتذكيرًا مِنْهُ بِمَبَادِئِ السَلامِ الأَصِيلَةِ فِي الحَجِ، فَلَمَّا رآهُمْ عِنْدَ الْجَمرَاتِ ، وَهُمْ فِي زِحَامٍ وَتَدَافُعٍ شَدِيْدٍ، قَالَ: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَإِذَا رَمَيْتُمُ الْجَمْرَةَ، فَارْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ)), رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ.
وأكد أنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ دِيْنُ السَّلَامِ ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيُّ السَّلَامِ، وَاللهُ جَلَّ جَلَالُهُ هُوَ السَّلَامُ، وَيَدْعُوْ إِلَى دَارِ السَّلَامِ,«وَاللَّهُ يَدْعُوْ إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ», لِذَلِكَ حَرِصَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَلَى تَرْسِيْخِ هَذَا الْمَبْدَأِ الْعَظِيْمِ فِي قُلُوْبِ أُمَّتِهِ ، لِأَنَّ فِيْهِ وَحْدَتَهُمْ وَتَآلُفَهُمْ، وَعِزَّهُمْ وَقُوَّتَهُمْ، فَعَنْ أَبِيْ الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أَفْشُوْا السَّلَامَ كَيْ تَعْلُوْا ))، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بإِسْنَادٍ حَسَن. أَيْ: لِكَيْ يَرْتَفِعَ شَأْنُكُمْ، فَتَكُوْنُوْا فِي مَنَعَةٍ وَقُوَّةٍ.
وقال إمام وخطيب المسجد الحرام أُمَّةَ الْإِسْلَامِ : فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمُبَارَكَةِ، قَامَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيْبًا في الناس، فِي هذهِ المشاعرِ المقدسةِ، فَوَدَّعَ أَصْحَابَهُ، وَأَرْسَى قَوَاعِدَ الدِّيْنِ وَكَمَالَ الشَّرِيْعَةِ، وَبينَ تَمَامَ النِّعْمَةِ ، وأُنزِلَ اللهُ عليهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ: (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)) فَقَرَّرَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فِي خُطَبِهِ التَّوْحِيْدَ ، وَحِفْظَ النُّفُوْسِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ ، وَأَلْغَى مَعَانِيَ الْعُنْصُرِيَّةِ ، فَرَبُنَا وَاحِد ، وَنَبيُنَا واحد، وكتَابُنَا واحد، وأصلُ خِلقَتِنَا واحد، (( يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوبًا وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) وَحَثَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطَبِهِ الْأُمَّةَ، عَلَى تَوْحِيْدِ الصَّفِّ وَجَمِعِ الْكَلِمَةِ، وَنَبْذِ الْخِلاَفِ وَالْفُرْقَةِ، وَحَذَّرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ مِنَ الرِّبَا ، وَكَانَ مِمَّا قَالَهُ عليهِ الصلاةُ والسلام: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟"، قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ: "فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟"، قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: "فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟"، قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ "، قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا"، فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ، فَلْيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ،لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ )) رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
أَمَا وَاللهِ فَقَدْ بَلَّغَ الشَّاهِدُ ، وَاْسْتَمَعَ الْغَائِبُ ، وَتَنَاقَلَتِ الْأُمَّةُ ، كَلِمَاتِ نَبِيِّهَا الْمُبَارَكَةَ، فَجَزَى اللهُ عَنَّا أَصْحَابَ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرَ الْجَزَاءِ، عَلى مَا نَصَرُوهُ وَآزَرُوهُ وَبلْغوا عَنْهُ، وَجَمَعَنَا بِهِمْ فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى .(( لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ )) إِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اتِّبَاعُ تَوْجِيهَاتِ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِتَتَحَقَّقَ السَّعَادَةُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَفِي صَحِيحِ مُسلم ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : (( ترَكتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوْا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ: كتابَ اللهِ)).
ومضى الشيخ المعيقلي يقول أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّكُمْ فِي يَوْمٍ عَظِيْمٍ ، تَتْلُوْهُ أيَّامٌ مَعْدُودَاتٌ عَظِيمَةٌ ، فَأقْدِرُوهَا حَقَ قَدْرِهَا، وأعْمِرُوهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَذِكْرِهِ ، وَأَكْثِرُوْا فِيهَا مِنْ حَمْدِهِ وَشُكْرِهِ ، (( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ )) , وَإِنَّ مِنْ أَجَلِّ الْأعْمَالِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ ، التَّقَرُّبَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِذَبْحِ الْهَدْيِ وَالأَضَاحِيْ ، سُنَّةِ أَبِيْنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيهِ السَّلَامُ ، وَمَا عَمِلَ اْبْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِرَاقَةِ دَمٍ وَيُسَنُّ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ ، أَنْ يَخْتَارَ لِأُضْحِيَتِهِ أَطْيَبَهَا وَأَفْضَلَهَا وَأَسْمَنَهَا وَأَكْرَمَهَا ، فَاخْتَارُوْا لِأَنْفُسِكُمْ، تَقَبَّلَ اللَّهُ ضَحَايَاكُمْ .
ونوه: وَيُجْزِئُ مِنَ الْإِبِلِ مَا تَمَّ لَهُ خَمْسُ سِنِيْنَ ، وَمِنَ الْبَقَرِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَتَانِ ، وَمِنَ الضَّأْنِ مَا تَمَّ لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ، وَمِنَ الْمَعْزِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَةٌ ، وَلَا تُجْزِئُ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا ، وَلَا الْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا ، وَلَا الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا ، وَلَا الْهَزِيلَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي ، وَتُجْزِئُ الشَّاةُ الْوَاحِدَةُ عَنِ الرَّجُلِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، وَالْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ .وَأيَّامُ الذَّبْحِ أَرْبَعَةٌ : تَبْدَأُ مِنْ بَعْدِ صَلاَةِ الْعِيدِ إِلَى غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ أيَّامِ التَّشْرِيقِ ، وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ عَشَرَ ، وَالذَّبْحُ فِي النَّهَارِ أَفْضَلُ مِنَ اللَّيْلِ ، وَهُوَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ أَفْضَلُ مِمَّا بَعْدَه. وَمَنْ كَانَ يُحْسِنُ الذَّبْحَ فَلْيَذْبَحْهَا بِنَفْسِهِ ، وَيُسَمِّي وَيُكَبِّرُ ، لِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ : أَنّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ. وَالسُّنَّةُ مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْ يَأْكُلَ الْمُسْلِمُ مِنْ أُضْحِيَتِهِ، وَيُهْدِيَ مِنْهَا وَيَتَصَدَّقَ، فَبَادِرُوْا إِلَى سُنَّةِ رَسُولِكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَطِيْبُوْا بِهَا نَفْسًا ، وَاشْكُرُوا اللهَ عَلى تَوفِيقِهِ لَكُمْ، وَكَبِرُوهُ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ، ((لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ )).
وأوضح أنه : لَمْ يُغَادِرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْبِقَاعَ الطَّاهِرَةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، إِلَّا وَقَدْ أَوْصَى بِالنِسَاءِ خَيْرًَا ، وَإنَ حُقُوقَ المرأةِ يا عبادَ الله وَحُرِّيَّتَهَا وَكَرَامَتَهَا ، كُلُ ذَلِكَ مما ضَمِنَهُ لَهَا الإسْلاَم، بَعْدَ أَنْ أَعْلَى شَأْنَهَا وَحَفِظَ مَكَانَتَهَا ، وَجَعَلَهَا شَقِيقَةَ الرَّجُل ، فَإِنْ كَانَتْ أُمًَّا رَؤُوْمًَا ، فَبِرُّهَا مَقْرُوْنٌ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى بِرِّ الْأَبِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ ، وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً ، فَقدْ قَالَ النَبِيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِمْ )). رَوَاهُ التِرمذيُ فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَإِنْ كَانَتْ بِنْتًا أَوْ أُخْتًا،فَقدْ رَتَّبَ الْأَجْرَ الْجَزِيْلَ عَلَى مَنْ عَالَهُنَّ وَأَحْسَنَ تَرْبِيَتَهُنَّ فَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (( لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ ثَلَاثُ بَنَاتٍ،أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ، فَيُحْسِنُ إِلَيْهِنَّ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ )) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأدَبِ الْمُفْرَدِ .
وواصل خطبته قائلا أُمَّةَ الْإِسْلَامِ : هَا هُمْ ضُيُوفُ الرَّحْمَنِ، فِي مَشْهَدٍ مَهِيبٍ ، تُضِيءُ بِهِمْ الْمَشَاعِرُ الْمُقَدَّسَةُ فَمِنْهُمْ مَنْ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْلِقُ أَو يُقَصِّرُ رَأْسَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَذْبَحُ هَدْيَهُ ، فِي يُسْرٍ وَسُهُوْلَةٍ وَاطْمِئْنَانٍ، وَأَمْنٍ وَأمَانٍ، وَذَلِكَ بِفَضْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَوَّلًا وَآخِرًا، ثُمَّ بِجُهُودِ هَذِهِ الدَّوْلَةِ الْمُبَارَكَةِ، الْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ ، الَّتِي جَعَلَتْ مِنْ أَهَمِّ أَوْلَوِيَّاتِهَا ، خِدْمَةَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَقَاصِدِيِهِمَا ، لِيَكُونَ الْبَيْتُ الْمُعَظَّمُ، كَمَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى، مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا ، فَمِنْ مِنْبَرِ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ، وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ وَالْجُمُعَةِ، أَحَبِّ أَيَّامِ اللهِ إِلَى اللهِ، وبين الدكتور ماهر المعيقلي أَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ عِيدَانِ : عِيدُ الْأَضْحَى وَعِيدُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ شَهِدَ الْعِيدَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ، لِمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ ، وَإِنَّا مُجَمِّعُوْنَ )).
ودعا حُجَّاجَ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ إلى شكر اللهَ تَعَالَى عَلَى مَا هَيَّأَ لَهمْ وَيَسَّرَ ، مِنْ أَدَاءِ هَذَا الرُّكْنِ الْمُعَظَّمِ ، بِأَمْنٍ وَطُمَأْنِينَةٍ وَسَلَامٍ ، وَالحْرِصُ عَلَى أَدَاءِ مَا تَبَقَّى مِنْ مَنَاسِكِ الحَجِّ ، كَمَا شَرَعَ لَكُمْ نَبِيُّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، وَاسْتَشْعِرُوْا مَا أَنْتُمْ فِيهِ مِنْ عِبَادَةٍ ، وَالْتَزِمُوْا بِالْوَقَارِ وَالسَّكِينَةِ ، وَسَدِّدُوْا وَقَارِبُوْا، وَأَبْشِرُوْا وَأَمِّلُوْا ؛ فَإِنَّ رَبَّكُمْ رَحِيمٌ عَفوٌ كَرِيمٌ، جَعَلَ اللهُ حَجَّكُمْ مَبْرُوْرًا ، وَسَعْيَكُمْ مَشْكُوْرًا، وَذَنْبَكُمْ مَغْفُوْرًا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.