إقبال كبير للناخبين فى الدائرة الخامسة بالغربية    وكيل الأزهر يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب لعام 2025    تنسيقية شباب الأحزاب : توافد الناخبين بمدرسة أجهور الصغرى ثانى أيام انتخابات النواب    انتخابات مجلس النواب 2025.. محافظ القليوبية يترأس غرفة العمليات الرئيسية لمتابعة اليوم الثاني    محافظ شمال سيناء: المواطنون قدموا صورة مشرفة خلال انتخابات النواب    صادرات الصناعات الهندسية تقفز إلى 5.33 مليار دولار خلال 10 أشهر    تراجع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 25 نوفمبر 2025    تداول 15 ألف طن و610 شاحنات بضائع بموانئ البحر الأحمر    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    الشروط والأهداف الأساسية وراء القرار الأمريكي بتصنيف الإخوان منظمة إرهابية    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و167 ألفا و570 فردا منذ بداية الحرب    في اتصال هاتفي.. ترامب لرئيسة وزراء اليابان: اتصلي بي في أي وقت    «كارتل الشمس».. أداة اتهام لتبرير عقوبات أمريكا على فنزويلا    برشلونة ضيفًا على تشيلسي في دوري أبطال أوروبا    السلة يكشف كواليس وقرارات أحداث مباراة الاتحاد والأهلي بنهائي دوري المرتبط    تشكيل الهلال المتوقع أمام الشرطة في دوري أبطال آسيا    شريف إكرامى يؤازر رمضان صبحى فى جلسة محاكمته بتهمة التزوير    شوبير: جلسة منتظرة بين الأهلى وديانج لحسم ملف التجديد    طقس الإسكندرية اليوم: فرص لسقوط أمطار خفيفة ودرجة الحرارة العظمى 23    فادي خفاجة يستأنف على حكم حبسه بتهمة سب مجدي كامل    وزيرة التضامن توجه فريق التدخل السريع بالتعامل مع حالات كبار بلا مأوى    «الصحة»: تقديم 21.9 ألف خدمة في طب نفس المسنين خلال 2025    وزير الصحة يلتقي وفد اتحاد الغرف التركية لبحث التعاون الصحي والاستثمار المشترك    الزراعة تطلق حملة لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية في الثروة الحيوانية    أسعار الفاكهة اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر في سوق العبور للجملة    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر في سوق العبور للجملة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة الأقصر    وكيلهما: الجزار كان قريبا من الأهلي.. وتوروب لم يطلب رحيل أحمد رضا    هشام حنفي: مباراة شبيبة القبائل الأفضل لتوروب مع الأهلي حتى الآن    مقتل 22 مسلحا خلال عملية أمنية شمال غربى باكستان    الرى: إزالة 327 تعدٍ على فرع رشيد ب 3 محافظات    انطلاقة قوية للتصويت بشبرا الخيمة.. تنظيم محكم وحضور لافت من المواطنين    الصحة: تقديم 21 ألفًا و986 خدمة طبية فى طب نفس المسنين خلال 2025    لحماية أطفال المدارس.. الصحة تعلن حزمة إجراءات لمواجهة العدوى التنفسية    محامي المجنى عليهم في واقعة مدرسة سيدز الدولية: النيابة أكدت تطابق اعترافات المتهمين مع أقوال الأطفال    شعبة السيارات: قرار نقل المعارض خارج الكتل السكينة سيؤدي لارتفاع الأسعار.. إحنا بنعمل كده ليه؟    استقرار الطقس.. أمطار متفاوتة الشدة على السواحل الشمالية والدلتا    السيطرة على حريق هائل بورشة نجارة بمدينة دهب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    خالد عمر: إضعاف الإخوان سيفتح الباب لوقف الحرب في السودان    بعد أزمة نقابة الموسيقيين، نجل مصطفى كامل يدعم والده برسالة مثيرة    حملة ليلية مكبرة بشوارع مدينة الغردقة لمتابعة الانضباط ورفع الإشغالات (صور)    "درش" يشعل سباق رمضان 2026... ومصطفى شعبان يعود بدور صادم يغيّر قواعد الدراما    عزيز الشافعي يخطف الأنظار بلحن استثنائي في "ماليش غيرك"... والجمهور يشيد بأداء رامي جمال وروعة كلمات تامر حسين وتوزيع أمين نبيل    الآثاريون العرب يدعون لتحرك عاجل لحماية تراث غزة وتوثيق الأضرار الميدانية    معرض مونيريه بالاكاديمية المصرية للفنون بروما | صور    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    أميرة أبو زهرة تعزف مع لانج لانج والأوركسترا الملكي البريطاني في مهرجان صدى الأهرامات    محافظ قنا يعلن رفع درجة الاستعداد القصوى لمواجهة حالة عدم الاستقرار الجوي    10 حقائق مذهلة عن ثوران بركان هايلي غوبي.. البركان الذي استيقظ بعد 10 آلاف عام    أمميون يدعون للضغط على إسرائيل وحظر تسليحها بسبب خرقها وقف إطلاق النار فى غزة    الداخلية تكشف تفاصيل واقعة محاولة اقتحام مرشح وأنصاره لمركز شرطة فارسكور    "الطفولة والأمومة": نعمل على توفير الدعم المادي والنفسي للأطفال الذين تعرضوا لاعتداءات    محاكمة 115 متهماً في خلية المجموعات المسلحة.. اليوم    أحمديات: تعليمات جديدة لدخول السينما والمسارح والملاعب    هل يجوز للزوج الانتفاع بمال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    وزارة الأوقاف الفلسطينية تُشيد ببرنامج "دولة التلاوة"    بث مباشر.. مانشستر يونايتد ضد إيفرتون في الدوري الإنجليزي 2025/2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرازق الشاعر يكتب: شعاع حزين
نشر في صدى البلد يوم 24 - 09 - 2012

ذات حسرة، عاد فلاح بائس إلى بقايا كوخه ليبحث في رماد الأشياء عن عظام ولده. لكنه لم يميز بين كتل السواد لحما من أرائك من ثياب، فجلس المغلوب على تشرده تحت ظل شجرة ليحصي ذكرياته ويقلب أحجار الأيام لعله يجد تحت جلاميدها بقايا بسمة أو فتات صرخة أو صدى أنشودة تركها الطفل عالقة في رقبة الأيام.

ومر عليه الناس وهو ذاهل ليحملوا عنه بعض ما به من حزن وليحملوا بعض الحكايا المتعلقة إلى نسائهم ليشاطروهن خبز العشاء المقدد بما استجد في بقعتهم المنسية من آلام، فضم الرجل ركبتيه وأسند ظهره على الحائط خلفه ليمسك بأطراف أصابعهم الممدودة نحو آلامه. وعندما فرغ من وجوههم انكفأ على ذكرياته حتى لا ينسى تفاصيل صغيره الصغيرة.
ومرت الأيام ثقيلة باردة، وقلت الخطى الوافدة شيئا فشيئا على كوخه الجديد. ورغم طقوسه اليومية المعتادة التي تبدأ بنبش تراب الذكرى، وتنتهي بري حياضها، إلا أن ملامح صغيره بدأت تتشظى شيئا فشيئا بفعل ستائر العتمة الثقيلة وجدائل الأحزان المتتابعة. وذات ليلة، بحث الرجل عن طفله فوق الجدران وتحت سقفه القشي، فلم تسعفه ذاكرته، فجلس فوق أريكته يبكي كما لم يبك من قبل. وعندها، سمع طرقة خفيفة فوق شباكه الخشبي المتهالك.
نهض الرجل متكئا فوق عظامه النخرة وألصق أذنه الكبيرة بثقب كبير في صرة النافذة وقال: "من؟" فأتاه صوت صغير يركب موجات الهواء الباردة: "أنا صغيرك يا أبت. انظر كم كبرت! افتح مصراعي عمرك واغمر جسدي الصغير بدفء جناحيك." قال الرجل مرتجفا: "ولدي قد مات." فجاءت قصف حروف مرتعشة من شقوق النافذة الصغيرة: "أو هكذا تظن. لم أكن بالبيت يا أبت حينما احترق. ألا تذكر كم قسوت علي يومها. ألا تذكر كيف صفدت يدي وألهبت خدي بصفق كفيك؟ ليلتها قررت أن أعاقبك بالفرار، وأقسمت أن لا أعود حتى تنساني أو أنسى. الليلة فقط، وضعت كفي على خدي فلم أشعر بأي الألم، فقررت أن أسألك إن كنت قد نسيتني."
وضع الرجل رأسه بين وسادتين صلبتين فوق أريكة يابسة وظل يرتعش ساعة أو ساعتين. ودخل شعاع الشمس في الصباح من فتحات النافذة وتسلل من تحت حرف الباب ليجد العجوز ممددا هناك في سواد الغرفة المختنق محشور الرأس بين كيسين من القطن المغبر. ضحك النهار من ظلاله اليابسة الصغيرة فوق الأريكة المحشوة بالألم وارتمى عابثا فوق جفنيه.
فتح الرجل مقلتيه متثاقلا وحوقل قليلا قبل أن يرمي بالوسادة مد ذراعه ويجمع ما تبقى في عمره المتغضن من قوة ليقف على خشبتين رقيقتين من ألم ويتجه نحو نير الأيام ليحمله فوق ظهره المنحني ليكمل دوراته العبثية حول ساقية الأيام التي لا تتعب. الغريب أن الرجل ظل واثقا أنه يعرف طارق الليل جيدا ويعرف بصمات أنامله الصغيرة، والمدهش أنه لم ينس ملامحه منذ شعاع ذلك الفجر الحزين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.