سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
9 مارس.. استشهاد «القائد» عبد المنعم رياض بالموقع رقم 6 على شاطئ القنال وسط جنوده.. الجنرال الذهبي صمم أصل خطة عمليات حرب أكتوبر.. ورفض الزواج فلقبوه ب «راهب العسكرية المصرية»
* في ذكرى استشهاد الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية: * لقبه السوفيت بال"الجنرال الذهبي" * أعلنت مصر يوم 9 مارس يومًا للشهيد تخليدًا لذكراه * رفض الزواج وتفرغ ل"العسكرية" وكان حلمه تحرير الأراضي المحتلة * حقق انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف * صمم الخطة "200" أصل الخطة "جرانيت" التي طُورت لتصبح خطة العمليات في حرب أكتوبر تحت مسمى "بدر" في ظهيرة يوم 9 مارس عام 1969 وبالتحديد على شاطئ قناة السويس بالإسماعيلية، انطلقت دانات المدافع "الصهيونية" تقصف عشوائيًا، "التجمع ليس عاديًا وفي الأغلب هناك جنرال يتفقد جنوده"، هكذا توقع الإسرائيليون بمجرد رصدهم لحركة أفراد وضباط الجيش المصري على الجانب الآخر من قناة السويس، ردت المدافع المصرية واستمر القصف حتى سقط جنرال لم يكن يتصور أكثر المتفائلين من قادة جيش الاحتلال أن تكون نهايته بشظية أحد مدافعهم. "الجنرال الذهبي" توصيف أطلقه القادة "السوفيت" على واحد من أهم القادة في تاريخ الجيش المصري هو الفريق عبد المنعم رياض، الذي لعب دورًا مهمًا في إعادة ترتيب وتجهيز الجيش المصري لحرب التحرير. الفريق عبد المنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، في فترة من أصعب ما واجهته مصر عبر تاريخها، فعلى الجانب الآخر من مكان تفقده لجنوده كانت هناك أرض محتلة، حلُم بتحريرها فنسى حياته الشخصية ووضع "همه" في استعادة سيناء. "لم يتزوج وكان يقول لجنوده مكان القادة الصحيح وسط جنودهم وفي مقدمة الصفوف الأمامية" ليقود الجنود بنفسه على طول الجبهة لمدة عامين خلال حرب الاستنزاف حتى استشهد بينهم. "راهب العسكرية المصرية" هكذا لقبوه بعدما رفض الزواج قائلا: "أنا هظلم اللي هتجوزها ومش هقدر أوفرلها الاهتمام اللي عايزاه أي زوجة" حكت الدكتورة عزة الخولي، ابنة شقيقة الفريق رياض، مضيفة: "كان رجلًا يعشق تراب الوطن وتاريخه العسكري مكدس بما يؤكد ذلك، وأخوه الأصغر كان طبيبًا وعُرض عليه العمل في إنجلترا، إلا أن الفريق رفض وقال له بلدك أولى بيك". ولد الفريق محمد عبد المنعم محمد رياض عبد الله في قرية سبرباي، إحدى ضواحي مدينة طنطا محافظة الغربية في 22 أكتوبر 1919، ونزحت أسرته من الفيوم، وكان جده عبد الله طه على الرزيقي من أعيان الفيوم، وكان والده القائم مقام "رتبة عقيد حاليًا" محمد رياض عبد الله قائد بلوكات الطلبة بالكلية الحربية، والذي تخرج على يديه الكثيرون من قادة المؤسسة العسكرية. كان عبد المنعم رياض طفلا ذكيا نشيطا لماحًا يمتاز بحب الاستطلاع والاكتشاف؛ ما جعله يسبق أقرانه في تفوقه العمرى بمراحل، وكان والده يتنبأ له بمستقبل باهر، وكان يوجه أسئلة كثيرة لأبيه عن عمله وعن حياته العسكرية. كان يحفظ أجزاءً من القرآن، وحصل على الشهادة الابتدائية عام 1931، من مدرسة الرمل بالإسكندرية، وتوفى والده وهو ما زال في الثانية عشرة من عمره، وتولى مسئولية رعاية والدته، وفي 9 أبريل 1958 سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفيتي لإتمام دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية العسكرية العليا، وأتمها في عام 1959 بتقدير امتياز ولقب هناك بالجنرال الذهبي. حقق الفريق انتصارات عسكرية في المعارك التي خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف، مثل معركة "رأس العش" التي منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بور فؤاد المصرية الواقعة على قناة السويس، وذلك في آخر يونيو 1967، وتدمير المدمرة الإسرائيلية "إيلات" في 21 أكتوبر 1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و1968 وتدمير 60% من تحصينات خط برليف الذي تحول من خط دفاعي إلى مجرد إنذار مبكر. صمم الخطة "200" الحربية التي كانت الأصل في الخطة "جرانيت" التي طُورت بعد ذلك لتصبح خطة العمليات في حرب أكتوبر تحت مسمى "بدر". أشرف الفريق على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف، خلال حرب الاستنزاف، ورأى أن يشرف على تنفيذها بنفسه وتحدد يوم السبت 8 مارس 1969 موعدًا لبدء تنفيذ الخطة، وفي التوقيت المحدد انطلقت نيران المصريين على طول خط الجبهة لتكبد الإسرائيليين أكبر قدر من الخسائر في ساعات قليلة وتدمير جزء من مواقع خط بارليف وإسكات بعض مواقع مدفعيته في أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل معارك 1973. وفي صبيحة اليوم التالي، قرر الفريق أن يتوجه بنفسه إلى الجبهة ليرى عن كثب نتائج المعركة ويشارك جنوده في مواجهة الموقف، وقرر أن يزور أكثر المواقع تقدمًا التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا، ووقع اختياره على الموقع رقم 6 وكان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدو في اليوم السابق. وشهد هذا الموقع الدقائق الأخيرة في حياة الفريق، حيث انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التي كان يقف فيها وسط جنوده واستمرت المعركة التي كان يقودها الفريق بنفسه حوالي ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان يقود المعركة منها ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء، توفي عبد المنعم رياض بعد 32 عاما قضاها عاملا في الجيش متأثرا بجراحه. وبعد استشهاده رثاه شاعر المعلقات في العصر الحديث عبد المجيد فرغلي: يكفيك موتك بين جندك فائزا .. بالحسنيين النصر والإعلاء قدت معركة تخلد ذكرها .. يثني عليك بها أجل ثناء والله أعطاك الوسام شهادة .. فيها استضافك أكرم الكرماء وحباك في دار الخلود مكانة .. بجوار صديقيه والشفعاء لله معركة لبست وسامها .. وكسبت عند الله خير جزاء الشاعر الكبير نزار قباني توقف هو الآخر أمام واقعة استشهاد الفريق عبد المنعم رياض ورثاه في قصيدة قال فيها: يا أشرفَ القتلى، على أجفاننا أزهرت الخطوة الأولى إلى تحريرنا أنتَ بها بدأت جميعهم قد هُزموا ووحدكَ انتَصَرت وتمجيدًا للجنرال الذهبي، أعلنت مصر يوم 9 مارس يوم الشهيد، "لتحتفل" به مصر كل عام، ليس بالشهيد عبد المنعم رياض فقط بل بكل شهيد سالت دماؤه على تراب مصر دفاعًا عن كل حبة رمل.