حثت تركيا الأممالمتحدة يوم الأربعاء على حماية النازحين السوريين داخل بلادهم لكن الرئيس السوري بشار الاسد رفض فكرة إقامة منطقة عازلة على الاراضي السورية. وتخشى أنقرة من تدفق جماعي على غرار تدفق أكثر من نصف مليون كردي عراقي على تركيا بعد حرب الخليج عام 1991 ومن ثم طرحت فكرة إقامة "منطقة آمنة" تحت حماية أجنبية داخل سوريا للمدنيين الذين يفرون من أعمال العنف المتزايدة. وقال وزير الخارجية التركية احمد داود اوغلو "نتوقع من الأممالمتحدة مناقشة مسألة حماية النازحين داخل سوريا وإيوائهم اذا أمكن في مخيمات هناك." وايدت فرنسا دعوة تركيا لاقامة منطقة آمنة في سوريا وتزايدت الضغوط من اجل تحرك بعد ان قالت مفوضية الاممالمتحدة العليا لشؤون اللاجئين يوم الثلاثاء ان السوريين يفرون بشكل متزايد. وقالت ان نحو 200 الف شخص قد يلجأون إلى تركيا وحدها اذا تدهور الصراع. وقال داود اوغلو "عندما نتحدث عن أرقام بمئات الآلاف فان هذه المشكلة لا تصبح مشكلة صراع داخلي في دولة ما وانما مشكلة دولية خطيرة." لكن الولاياتالمتحدة وغيرها من الحلفاء الغربيين لم يتحمسوا لتقديم الدعم العسكري والجوي اللازم لاقامة منطقة حظر جوي ستكون على الارجح ضرورية لتحقيق الاقتراح التركي. ورفض الاسد في اول مقابلة تلفزيونية له منذ الهجوم الذي اسفر عن مقتل اربعة من كبار قادته الامنيين في 18 يوليو تموز فكرة التدخل الدولي. وقال وفقا لمقتطفات من المقابلة التي اجريت مع قناة الدنيا التلفزيونية السورية بثتها يوم الاربعاء "أعتقد أن الحديث عن مناطق عازلة أولا غير موجود عمليا ثانيا غير واقعي حتى بالنسبة للدول التي تلعب الدور المعادي او دور الخصم (مع سوريا)." وانتقد الاسد الحكومة التركية التي كانت تربطها علاقات جيدة مع الاسد لكنها تحولت ضده بسبب حملته العنيفة ضد المعارضة والتي اسفرت وفقا لاحصاءات الاممالمتحدة عن مقتل 18 الف شخص على الأقل. وقال الاسد "هل نعود للوراء بسبب جهل البعض من المسؤولين الأتراك... هذا الشعب (التركي) وقف معنا عمليا خلال الأزمة.. لم ينجرف بالرغم من الضخ الإعلامي والضخ المادي." وتستضيف تركيا بالفعل أكثر من 80 ألف لاجئ وقالت مفوضية الاممالمتحدة العليا لشؤون اللاجئين ان نحو خمسة آلاف شخص عبروا الحدود إلى تركيا يوميا خلال الاسبوعين الماضيين. وقالت ان اعداد اللاجئين الذين فروا إلى الاردن تضاعفت ايضا. وكان داود أوغلو يتحدث قبل وقت قصير من سفره إلى نيويورك لحضور اجتماع لمجلس الأمن بخصوص سوريا يوم الخميس. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الذي سيرأس الاجتماع غدا الخميس في نيويورك "ندرس مسألة المناطق العازلة." وقال لاذاعة فرانس انتر "الامر مُعَقَد جدا." وقال مصدر دبلوماسي فرنسي ان اقامة منطقة عازلة ستكون مسألة صعبة نظرا لضرورة صدور قرار من الاممالمتحدة بفرض حظر الطيران وهو امر مستحيل في ظل إحجام روسيا والصين عن التحرك ضد الأسد في مجلس الامن. وقال المصدر "نتيجة لذلك علينا ان نفكر في مسألة مناطق (المعارضة المسلحة) المحررة وكيفية العمل حتى يمكنهم ادارة امورهم بشكل مستقل عن طريق الحفاظ على الحد الادنى من المؤسسات." وعلى الحدود الجنوبية التركية قال اللاجئ السوري وليد عابدين ان السوريين يطلبون اقامة منطقة عازلة ومنطقة حظر طيران منذ بدء الانتفاضة ضد الاسد. وقال عابدين (56 عاما) الذي نزح عن بلدة جسر الشغور الشمالية الغربية منذ ما يزيد على عام "كل الشعب السوري مع تركيا في هذه الخطوة." لكن امرأة مسنة ترتدي ثوبا اسود طويلا عرفت نفسها باسم هالة قالت ان اقامة منطقة عازلة سيكون مستحيلا. وقالت "داود اوغلو يطلب ذلك لكن ذلك لن يؤدي إلى شيء. بشار الاسد لن يوافق عليه لأن ايران تدعمه وروسيا تدعمه." وتزايد تدفق اللاجئين على تركيا والاردن مع احتدام القتال حول مدينة حلب الشمالية وفي انحاء محافظة درعا الجنوبية. وتلقى المعارضة التي يمثل السنة عمودها الفقري دعما من القوى الاقليمية السنية بينما يحظى الاسد الذي ينتمي للاقلية العلوية بدعم من ايران. وقال الاسد "نحن نخوض معركة إقليمية وعالمية فلابد من وقت لحسمها ولكن أستطيع أن أختصر كل هذا الشرح بجملة بأننا نتقدم إلى الأمام.. الوضع عمليا هو أفضل ولكن لم يتم الحسم." وأشاد الأسد بالجيش وقوات الأمن وقال "الجيش والقوات المسلحة والأمن يقومون بأعمال بطولية بكل ما تعني الكلمة." واتهم نشطاء قوات الاسد والميليشيات الموالية له بقتل مئات الاشخاص في بلدة داريا القريبة من دمشق بينما يحاول الجيش استعادة السيطرة على مناطق على مشارف العاصمة. كما يخوض الجيش السوري معارك مع قوات المعارضة المسلحة في شوارع حلب اكبر المدن السورية بينما تقصف الطائرات الهليكوبتر والطائرات الحربية البلدات التي تسيطر عليها المعارضة بالقرب من حلب. وقالت المعارضة يوم الاربعاء انها هاجمت قاعدة تفتاناز الجوية التي تبعد 40 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من حلب في محاولة لوقف الغارات الجوية التي يشنها الجيش السوري. وقال القائد بالمعارضة ابو معاز الشامي "رد علينا الجيش بنيران المدفعية من داخل المطار لكن ذلك لم يكن كافيا لحمايتهم من الهجوم. اصبنا عددا من الطائرات الهليكوبتر واحد المباني." وقالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر يوم الاربعاء ان القتال العنيف منعها من إرسال أي فرق مساعدات على مدار الاسبوعين الماضيين خارج دمشق حيث يقتصر عمل 50 من موظفيها بسبب تدهور الاوضاع الامنية. وقال هشام حسن المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمد ان الهلال الاحمر العربي السوري يواصل توزيع مواد الاغاثة والمساعدات في عدة محافظات من بينها حلب لكن "الموقف في أجزاء كثيرة من سوريا يتدهور باستمرار". وتقول الاممالمتحدة ان مليون شخص نزحوا عن ديارهم في سوريا وان نحو 2.5 مليون شخص اي ما يزيد على عشرة بالمئة من السكان يحتاجون إلى المساعدة. وبينما يصر الاسد على هزيمة المعارضة المسلحة اكد فابيوس دعوات فرنسا للمعارضة السورية لتشكيل حكومة انتقالية موحدة. وقال فابيوس "بمجرد ان تكون لدينا حكومة بديلة موسعة تعترف بالاقليات العلوية والمسيحية وغيرها .. عندئذ يجب ان نعترف بها وهذا بالتأكيد سيغير كل شيء." وقالت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ان من المهم للمعارضة "ان تتحمل المسؤولية وتتوصل إلى مواقف مشتركة". وقالت في برلين "خاصة في ضوء الموقف الانساني من المهم للغاية اتخاذ كل ما يلزم لاستعادة الاستقرار في البلاد سريعا من أجل مواطنيها." لكن يبدو أن معارضي الاسد السياسيين منقسمون كما كانوا دائما. واستقالت بسمة قضماني العضوة البارزة في المجلس الوطني السوري الذي كان يأمل في الحصول على الاعتراف الدولي يوم الثلاثاء قائلة ان المجلس فشل في كسب المصداقية في الخارج او الثقة في الداخل.