فسر الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، قول الله تعالى: «وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» آل عمران 129. وأضاف «جمعة» أن الله سبحانه وتعال يقرر في الآية حقيقةً إيمانيةً يعتمد عليها الإنسان في حياته وفي سيره إلى الله وفي علاقته مع نفسه ومع غيره والحقائق الإيمانية في القرآن يقررها لنا الله - سبحانه وتعالى - من أجل أن تستقيم حياتنا لا من أجل أن نصدقها فحسب وأن نوقن بها فحسب بل أن نحولها إلى منهج حياة نعيشه فيقول: «وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ». وأضاف: وفعندما تقرأها باعتبار إنها حقيقة أن كل شيءٍ في السماوات وفي الأرض إنما هو في مِلك الله وأنك تعتقد ذلك اعتقادًا جازمًا فهذا لا يكفي، فلا يكفي عمل القلب إنما يجب أن يحول هذا العمل القلبي ويخرج في صورة السلوك وفي صورة الحياة «وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ». وتساءل المفتي السابق، كيف نحول هذه الحقيقة الإيمانية إلى منهج حياة؟ قائلًا: أولًا: بالرضا عن الله، فالرضا سيجعلك تتأمل ويُنمي عندك قدرة التأمل، والرضا لن يجعلك محبط أبدًا لأنك تبحث عن الحكمة وراء ما ترى، والرضا يعلمك أنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والرضا يجعلك تفعل كل فعل من أجل الله، ويجعلك تبحث في كل فعل عن رضا الله فلا تحزن ولا تنهار من نزول المصائب إنما ينزل عليك الصبر لماذا؟ لأنك راضي «قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ». وتابع: ثانيا: تسلم لله، والله غالب لابد عليك أن تفعل الأسباب وتفعل الأوامر والأمر لله لا تنتظر النتائج ولا يتعلق قلبك بالنجاح، ثالثا: التوكل على الله، أن تثق بما في يد الله. واستطرد: إذن نحن أمام شيء عظيم جدًا وهو «وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ» وهذه تؤدي إلى ألا تخف إلا الله، ولو خفت الله - سبحانه وتعالى - أخاف الله منك كل شيء ولو لم تخف الله خُفت من كل شيء خُفت على رزقك وعلى حياتك وعلى أمنك وعلى سلامتك وعلى جسدك وعلى أولادك وعلى أهلك وعلى مالك وعلى.. خاف من كل شيء، في حين أنك إذا ما خفت من الله فإنك تخافه وحده لا شريك له ولذلك تخاف منك كل الأشياء.