قرأت مقالات مختلفة عن (سرية) جماعة الإخوان. عدد كبير من الكُتاب يصفونها فى تلك المقالات بأنها (تنظيم). كان يمكن أن نستوعب ضرورة ذلك فى عصر سابق. يدهشنى أنه وضع مستمر فى عصر تحرر فيه الإخوان من الاضطهاد. المفارقة أنهم متهمون الآن باضطهاد الآخرين استبعادا أو تعاليا أو تهديدا أو عدوانا!! لا يجد الإخوان حتى كتابة تلك الخواطر أى مشكلة فى أن الكُتاب يتكلمون عنهم باعتبارهم (تنظيم) أو جماعة سرية. يوحى لى هذا بأنهم يفاخرون بتلك الصفات. يستمتعون كذلك!! هل يريد الإخوان فعلياً أن يتخلوا عن سريتهم؟ هل حاولوا؟ هل فى داخلهم رغبة؟ هل هم متضررون من ذلك؟ هل استشعروا وجوب أن يكونوا مختلفين فى عصر يقودونه من خلال رئيس يعمل الآن فى القصر الجمهورى؟ هل يمكن التسليم بأن الإخوان يجدون أن سريتهم تمنحهم ميزة لدى الشباب المنضم إلى عضويتهم؟ لعلهم لا يثقون فى أنهم سوف يستمرون فى الحكم ويتوقعون أن يعودوا للاختفاء. لهذا لا يريدون أن يضحوا بعلانيتهم تمهيدا لعصر جديد يلجأون فيه للسرية!! سوف تظل الشفافية التى يريدها المواطنون فى كل مؤسسات الدولة مطلباً بعيد المنال. كل من سنطالبه بأن يكشف ما لديه سيقول: ليفعل ذلك الحزب الحاكم أولاً. يقصد حزب الحرية والعدالة. كل من لديه سر سوف يرد: ولماذا لا يبدأ الإخوان بأنفسهم؟! أى مطلب للإفصاح سيبقى مقيداً لأن الإخوان لا يطبقون هذا على أنفسهم أولاً. إذا ظل الإخوان جماعة سرية سوف تحيط أستار الكتمان بكثير من الجهات والمؤسسات. لن يقف الأمر عند الجيش وحده!! حالة سرية الجماعة سوف تقودنا إلى دولة الأسرار. الجماعة بصورة أو أخرى لها علاقة وثيقة الآن بالدولة. سوف ندخل مرحلة يمكننى أن أسميها (التفاوض على الأسرار). لكلٍ أسراره. لا يتنازل أى بعض من الكل عما لديه إلا إذا تنازل الآخر عما هو عنده. الديمقراطية على نقيض ذلك. مجتمع الحرية يقوم على المكاشفة والمحاسبة والمساءلة.. وكلها لا يمكن إلا أن تقوم على الشفافية. لو لم يتحقق كل هذا فشلت الديمقراطية، ووجد الفساد أفضل بيئة للنمو والانتشار. اجتمع مجلس شورى جماعة الإخوان قبل أسبوع. لم يصدر عنه بيان. لم تتح للصحافة معلومات عما دار فى داخله. قال البعض إن المختفين داخله ناقشوا احتمال أن يصبح المهندس خيرت الشاطر رئيساً للوزراء. قيل إن مجلس الشورى رفض هذا الاحتمال. قال البعض الآخر إن الجماعة دعت مجلس الشورى للاجتماع لكى يقر طلباً للرئيس بأن يعيد مجلس الشعب. ربط الكثيرون بين قرار الرئيس واجتماع مجلس الشورى. ليس طيبا على الإطلاق أن يكون قرار الرئيس نابعا من مجلس شورى الجماعة. قال الكثيرون إذا صح ذلك يكون الدكتور مرسى رئيساً للإخوان وليس رئيسا لمصر. الموضوع أعقد من أن تتيح الجماعة للرأى العام كشفا كاملا بعضويتها. نحن المواطنين لا نعرف من يفعل ماذا فى هذا الكيان الغامض. الموضوع أيضا أعقد من أن تكشف جماعة الإخوان أرقام ميزانيتها. مصادر تمويلها. كيف تنفق ما لديها من مال؟ هل صحيح أن ميزانيتها بالمليارات؟ هل يختلط المال الخاص بمال الجماعة؟ خطورة الأمر هو أنه قد يأتى منهم الوزراء. الوزير يجب أن تكون ذمته المالية معلنة. سرية الجماعة وغموض أموالها وتشابك علاقاتها الخفية يعنى أنه من الممكن لوزير ما أن يحيط ذمته المالية بالسرية التى تمنع الاطلاع على ما حقق شخصياً. تزيد احتمالات الفساد شبه المؤكدة. من الذى أنفق على الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية، المرشحون الإخوان.. حزب الحرية والعدالة.. جماعة الإخوان.. أم كل هذا؟ هل إصرار الجماعة على أن تبقى الازدواجية بينها وبين حزبها وسيلة لكى تختلط الأمور؟ لا نعرف كم تنفق هذه وكم ينفق ذاك؟ الوضع بهذه الطريقة يحمّل الرئيس بمسؤوليات خطايا الجماعة. الرئيس إخوانى. كيف يمكن له أن يحارب الفساد وهو لا يتجرأ على أن يقترب من حسابات جماعة ينتمى إليها. هل يمكنه أن يوجه جهاز الرقابة الإدارية إلى تتبع أموال رجل أعمال إخوانى يقوم بنشاط غريب فى السوق. لم أقل نشاطاً مريباً. ماذا تفعل الرقابة الإدارية إذا ارتطم بحثها وتحريها بأسرار جماعة الإخوان؟ نقلا عن المصري اليوم