أحد السعف من أجمل الاحتفالات في الكنيسة وفي مصر، فمن المألوف أن نرى بجوار كل كنيسة من يبيعون أو يشترون اغصان الزيتون بأطوال ورسومات وأشكال مختلفة وكم كان جميلاً واللافت أن المصريين جميعا احتفلوا بأحد السعف مسلمين ومسيحيين، كنوع من المشاركة بين أبناء الوطن الواحد، إذ نرى مسلمون ومسلمات ومحجبات يشترون ويحملون هذه الأغصان والورود وسنابل القمح، فهو وإن كان عيدا من أبهج الأعياد المسيحية، إلا انه عيداً مصرياً لكل المصريين فالأطفال يحتفلون حاملين الأغصان بأشكالها المختلفة. أغصان الزيتون وسعف النخيل هي رمز الانتصار الذى حمله أطفال أورشليم القدس عندما دخلها السيد المسيح وهو راكب على جحش وكانت أورشليم فى ذلك الزمان عاصمة ومقرا للمؤسسة الدينية، حيث هيكل سليمان والكتبة وعلماء الشريعة الذين سيحكمون فيما بعد على يسوع وهو ما يسمى بأسبوع الآلام. دخل السيد المسيح إلى هذه المدينة وغزا بالجحش والأطفال والمجتمعين حوله، هذه المدينة الشديدة الخصوصية والصارمة دينيا والمحتلة من الجيش الرومانى، يحكمها قائدهم بيلاطس البنطي الذى وافق على صلب يسوع المسيح ارضاءً لليهود للتخلص من ضغطهم وتهديدهم له. اليهود كانوا ينتظرون «المسيح الملك الأرضى» الذى يأتى على رأس جيش قوى يطهر أرض الميعاد من المحتل الرومانى الوثنى ويطبق ويحكم بالشريعة كل مناحى الحياة، هذا كان الأمل، إلا أن السيد المسيح فاجأهم بحضوره البسيط والسلمى، دخل المدينة المقدسة راكبا جحشا، ليؤكد إنه لن يكوِّن دولة أرضية بجيوش وشريعة جامدة تفرز بين الحلال والحرام ولكن ليحرر الانسان من داخله من جميع القيود التى تكبله، خطاياه والشريعة على حد سواء لتكون علاقته مع الله هى علاقة محبة بنوية وعلاقته مع الانسان علاقة محبة أخوية فى حرية تامة يميز فيها الإنسان باختياره بين ما هو صالح وما هو طالح، فأرض الميعاد التى يتقاتل عليها اليهود لم تعد مهمة لأن الأرض الحقيقية هى السماء والمدينة المقدسة أورشليم -القدس- لم تعد تلك الأسوار العاتية والهيكل الفخم بل صارت أورشليم السماوية أي الملكوت، حيث يسكن الله مع كل الأبرار والقديسين والشهداء. وكل عام وكل المصريين بخير.