* "صدى البلد" يرصد محطات إنشاء" دير وادى الريان" * رهبان يتبعون الأب متى المسكين المبعد من القاهرة منذ الستينيات * رحلوا إلى صحراء وادي الريان ونحتوا بعض المغارات وعاشوا فيها * الكنيسة تتبرأ من ساكنى الصحراء وترفض وصفهم ب"الرهبان" * البابا تواضروس يصدر أول قرار منذ توليه سدة مارمرقس بشلح "ستة رهبان" * استبعاد رئيس دير وادى الريان وتعيين لجنة مشرفة * 80 راهبا من 250 تركوا الدير استجابة للكنيسة * الكنيسة تسجل 32 ديرا فى لائحة الرهبنة * أحد "المشلوحين" متحديا الكنيسة: نعم رفضنا مرور الطريق بالمنطقة والكنيسة شلحتنا لعل تصريحات الأنبا أرميا، الأسقف العام ورئيس المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي، في لقائه الأخير بالمهندس إبراهيم محلب، تقودنا لإعادة فتح ملف "رهبان دير وادي الريان المزعوم"! نعم مزعوم، بعد أن قطعت الكنيسة المصرية الشك باليقين وتبرأت تماما من الموجودين هناك ووصفتهم في بيان رسمي سابق بأنهم "خارجون على القانون"، ليؤكد "الأنبا أرميا ل"محلب" هذا الأمر من جديد في اجتماع تناول سبل إزالة العقبات التي تكتنف إنشاء الطريق الواصل بين منطقتيّ الزعفرانة والضبعة في إطار الشبكة القومية للطرق، حيث قال له إن المجموعة المعترضة على إنشاء الطريق تضم عناصر خارجة على القانون ينتحلون صفة الرهبان ويرتدون الزي الكنسي دون وجه حق. والتقرير التالي يرصد محطات تطور "رهبان وادي الريان" والدير المزعوم منذ عام 1960. الأب "متى المسكين" وصحراء الريان فى عام أغسطس 1960، ذهب الأب متى المسكين الراحل إلى صحراء وادى الريان، وذلك تنفيذا لأمر البابا كيرلس السادس، البابا 116، بمغادرة القاهرة، وسكن هناك ما يقرب من العشر سنوات قام خلالها هو والرهبان بالبحث عن مكان يصلح للسكن ووجدوا مغارة هناك عاشوا فيها معا مدة من الزمان إلى أن بدأوا ينحتون في الجبل مغائر صغيرة لكل راهب ليسكن فيها. "قصة الإبعاد" قصة إبعاد الأب متى المسكين بدأت في 1956، عندما طلب من رئيس دير السريان العودة إلى ديره الأصلي، فغادر الدير متوجها إلى دير الأنبا صموئيل، ثم تبعه اثنا عشر راهبا إلى هناك، بدأوا في تعمير الدير وبناء القلالي الجديدة (30 قلاية)، وظلوا هناك حوالي 3 سنوات. وفى عام 1958 أنشأ الأب متى المسكين بيتا للمكرسين من الشباب المتبتل الذين يرغبون في الخدمة – دون الرهبنة – وكان مقره المؤقت في حدائق القبة، ثم انتقل في أوائل عام 1959 إلى حلوان، وقد انضم كثيرون من الخدام للبيت، كما كان يزوره الخدام من كل جهة. وتوالت ألاحداث سريعة، توجه بعدها الأب متى المسكين من دير الأنبا صموئيل في 27 يناير 1960 مع الرهبان الاثني عشر إلى بيت التكريس بحلوان، وأقاموا فيه إقامة مؤقتة لحين صدور توجيهات البابا كيرلس السادس لاختيار الدير الذي يناسبهم، ولكن فوجئوا بقرار طردهم من القاهرة، فتوجهوا إلى صحراء وادي الريان، وذلك لمدة تسع سنوات كاملات، قال عنها الأب متى المسكين: "في حياة صعبة، لقد كانت أصعب وأشقَّ فترة عشتها في حياتي". وبعدها نشر أسقف دير السريان إعلانا بجريدة الأهرام بأنهم مجرَّدون من أسمائهم الرهبانية، إلا أنه قطع هذا الانعزال "خطاب ودي" أرسله البابا كيرلس السادس فى أوائل فبراير 1966، للأب متى المسكين. ومضمون الخطاب أن البابا كيرلس غير معترف بما نشره أسقف دير السريان من تشهير بالأب متى المسكين وبالرهبان الذين معه في جريدة الأهرام عام 1960؛ إذ إن البابا كان يدعوه في هذا الخطاب أن يرسل 3 رهبان من عنده إلى دير الأنبا صموئيل، وقام الأب متى المسكين بإرسال الرهبان إلى هناك حسب أمر البابا. وفى عام 1969، كانت المصالحة الكبرى عام 1969، حيث طلب البابا كيرلس السادس حضور الأب متى المسكين، وألحقه ومعه الرهبان الاثنا عشر بدير القديس أنبا مقار، وذلك في حضور وترحيب رئيس الدير أنبا ميخائيل، مطران أسيوط، حيث سلَّم له البابا مسئولية بعث الحياة الرهبانية في الدير وتجديد وتوسيع مبانيه. بداية الأزمة بوادى الريان بدأت الأزمة فى الظهور على السطح عقب تصدى رهبان الدير الذى يبلغ مساحته 13 ألف فدان للجرافات التى حاولت هدم السور المحيط للدير، وتوجيه الاتهام للرهبان للاستيلاء على أراضى مملوكة للدولة، وبعدها وفى 26 أكتوبر 2014 أصدر المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بيانا ألقاه الأنبا رافائيل، سكرتير المجمع المقدس، بخصوص دير الأنبا مكاريوس في وادي الريان، جاء فيه: "إعفاء القس إليشع المقاري من مسئوليته كمدبر للدير وتجريد عدد من الرهبان من رتبتهم، وتشكيل لجنة من الأنبا إبرام والأنبا مكاريوس والأنبا إرميا للإشراف على الدير". وطالب البيان الجميع بالالتزام بقرار الكنيسة التي تشجع مشروعات التنمية التي تقيمها الدولة للصالح العام، مع مراعاة الحفاظ على المقدسات والمباني الأثرية والكنائس والمغائر الأثرية والقلالي، وأن تتم جميع الإجراءات في سلام وهدوء. وعقب هذا البيان، بدأت الخلافات بين الرهبان المقيمين بالديروالذين يبلغ عددهم 140 راهبا، و110 طلاب رهبنة، حول رؤيتهم للوضع الحالى للدير، وهو ما تسبب فى نشوب خلاف بين الطرفين ومشادات تطورت إلى مشاجرة استخدموا فيها الأسلحة البيضاء، وأسفرت عن إصابة راهبين بجروح فى أماكن متفرقة من الجسم. وفى مطلع 2015، أعلن البابا تواضروس موافقة الكنيسة على إنشاء طريق يمر بتجمع رهباني بوادي الريان بمحافظة الفيوم. وقال البابا تواضروس – في بيان له – عقب اجتماعه مع اللجنة المسئولة عن مشكلة دير الأنبا مكاريوس بوادي الريان، إن "وادي الريان منطقة محمية طبيعية، سكنها قديما عدد من النساك والمتوحدن، وحديثا حاول البعض أحياء الحياة الرهبانية فيها على أرض لم يتملكوها قانونيا ولم يصدر بها اعتراف كنسي حتى الآن". وأضاف أن "الكنيسة تعلن أن هذا المكان ليس ديرا كنسيا معترفا به حتى الآن، كما تخلي مسئوليتها وتعلن أن للدولة الحق القانوني في التصرف مع هذا الموضوع مع مراعاة الحفاظ على الطبيعة الأثرية والمقدسات والمغائر والحياة البرية في هذه المنطقة". وأعلن البابا تواضروس أن الكنيسة تتبرأ من كل من ماهر عزيز حنا (المدعو بولس الرياني)، وعبده إسحق جوهر (المدعو دانيال الرياني)، ورامي إبراهيم خير (المدعو تيموثاوس الرياني)، ووائل فتحي نجيب (المدعو اثناسيوس الرياني)، وجرجس راضي موسى (المدعو مارتيروس الرياني)، وياسر صلاح عطية (المدعو جريجوريوس الرياني). وعقب هذا البيان، أعلن مجمع رهبان دير القديس مكاريوس السكندري بوادي الريان بالفيوم، خضوعه الكامل لرئاسة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ممثلة في البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، والمجمع المقدس، والآباء المطارنة والأساقفة الأجلاء، وهو ما زاد من انقسام الرهبان فيما بينهم، وجعل الفريق المؤيد لقرار البابا يصدر بيانا يطالب فيه بتعيين مدبر للدير، ويعلن خضوعه للبابا، فيما استمر الفريق الرافض لقرار البابا يتهمه بالتخلى عن الدير. الأديرة المعتمدة من الكنيسة طبقا للائحة الرهبنة التى أصدرتها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مؤخرا، فإن عدد الأديرة التابعة للكنيسة بلغ 31 ديرا، منها 10 أديرة خارج مصر، والأديرة المعترف بها كنسيا هي: "البراموس، وأبو مقار، والأنبا بيشوى، والسريان، والأربعة بوادى النطرون، والأنبا بولا بالبحر الأحمر، والأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر، والمحرق بالقوصية، والأنبا صموئيل المعترف بمغاغة، ومارمينا بمريوط، وباخوميوس بحاجر إدفو، ومارجرجس بالرزيقات، والعذراء بجبل أخميم، وأنطونيوس بكاليفورنيا، ومارجرجس بالخطاطبة، والأنبا شنودة رئيس المتوحدين بسوهاج، والأنبا أنطونيوس، والأنبا موسى الأسود بالخرطوم، والشايب بالأقصر، والأنبا شنودة بميلانو، والأنبا أنطونيوس بالأراضى المقدسة، والملاك غبريال بالفيوم، ومارمينا العجايبى بأبنوب، وأبوفانا المتوحد بملوى، والسيدة العذراء بكوريس – كريستى – تكساس- الولاياتالمتحدةالأمريكية، والبابا اثناسيوس الرسولى في ساربور – نورث يروك شاير، الأنبا توماس بأخميم، والأنبا شنودة بسيدنى بأستراليا، والأنبا أنطونيوس بلمبورن بأستراليا، والأنبا أنطونيوس بكريفلباخ بألمانيا، والقديس موسى النبى بسيناء الجنوبية، والملاك بأخميم، والأنبا أنطونيوس بالنمسا"، ومؤخرا تم الاعتراف بدير السيدة العذراء للراهبات بمدينة ديروط. 80 راهبا استجابوا للبابا أحد رهبان الدير رفض ذكر اسمه، قال ل"صدى البلد": "قام 80 راهبا بترك الدير استجابة للبابا، بعضهم لجأ إلى دير الملاك التابع للأنبا إبرام، أسقف الفيوم وأحد أعضاء اللجنة التى كانت تشرف على الدير، والبعض الآخر تم توزيعه على مؤسسات تابعة للكنيسة. "راهب مشلوح يصر على تحدي الكنيسة" الراهب اثناسيوس الريانى - أحد الرهبان الذين تم شلحهم بقرار من البابا – قال إن الوضع بدير القديس مكاريوس السكندرى بوادى الريان مستقر، لافتا إلى أن المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء الأسبق، كان زار الدير والتقى الرهبان لبحث قضية مرور الطريق الذى يتم إنشاؤه بالدير، واستمر اللقاء حوالى الساعتين. وأضاف أن الرهبان حاولوا التواصل مع الكنيسة، ولقاء البابا، وقاموا بإرسال العديد من الطلبات لإيضاح الأمور والأحداث إلا أنه لم يتم الرد على طلباتهم. ورغم تحديهم لقرار الكنيسة، لفت "اثناسيوس الرياني" إلى أن "الرهبان لم يتحدوا الكنيسة أو الدولة، فمع بدء المشكلة قامت الكنيسة بإرسال خطاب لاستطلاع رأى الرهبان فى مرور الطريق بداخل الدير، فكان ردنا هو الرفض وعقبها فوجئنا بإصدار الكنيسة قراراها بشلح الرهبان وعدم الاعتراف بالدير". وفي إصرار على عدم الخضوع للسلطة الروحية للبابا التي تعد أهم أعراف الرهبنة، قال "الريانى" إن "الدير يشرف عليه حاليا راهب من دير القديس أبو مقار يدعى الأب اثيؤذورس المقارى"، وأضاف: "لن نتحمل أمام الله والتاريخ مسئولية خراب وهدم دير يضم 12 كنيسة و30 منطقة أثرية مسجلة بوزارة الآثار". القس بولس حليم، المتحدث باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أكد في وقت سابق ل"صدى البلد"، أن موقف الكنيسة من دير وادى الريان ثابت ولا يوجد تغيير فيه، وقال إنه من حق الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال مشروعاتها.