رفعت روسيا تمثيلها في المفاوضات الأوكرانية .. حيث أثار تعيين بوريس جريزلوف الذي ينتمي إلى النسق الأعلى من النخبة السياسية الروسية ممثلا لروسيا الاتحادية فيما يسمى ب "مجموعة الاتصال الثلاثية الخاصة بالتسوية في شرق أوكرانيا تساؤلات طبيعية في الأوساط السياسية والدبلوماسية والإعلامية في موسكو وكييف والعواصم الأوروبية الأخرى حول مغزى هذه الخطوة التي أقدمت عليها موسكو. وأوردت وكالة أنباء / سبوتنيك/ الروسية أن مجموعة الاتصال تضم ممثلين عن روسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وأوكرانيا بما في ذلك إقليم دونباس حيث يدور النزاع المسلح بين وحدات الدفاع الشعبي المحلية والجيش الأوكراني منذ ربيع 2014 والذي تعمل المجموعة على تسويته. ورغم الطابع التمثيلي الواسع لهذه المجموعة الثلاثية يلعب مندوبا كييف وموسكو دورا محوريا فيها، في نظر محللين. وكانت الأولى ممثلة منذ استحداث المجموعة في يونيو 2014 وحتى الآن بشخص الرئيس الأوكراني الأسبق ليونيد كوتشما (77 عاما) الذي ترأس بلاده في الفترة من 1994 لغاية 2005، فيما كان مستوى مشاركة موسكو في أنشطة المجموعة دبلوماسيا بحتا، إذ مثلها سفيرها في كييف ميخائيل زورابوف (حتى أبريل 2015) ثم سفير المهمات الخاصة عظمة الله كولمحمدوف (سفير روسيا سابقا في الكويت وسوريا). وقد نجحت المجموعة في الشيء المهم ألا وهو وقف إطلاق النار على امتداد خطوط التماس في دونباس بين الجيش الأوكراني ووحدات الدفاع الشعبي المحلية وسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة منها، بما في ذلك أسلحة الدبابات والمدافع ومدافع الهاون من عيار أقل من 100 ملم، وذلك تنفيذا لتفاهمات توصل إليها زعماء دول مجموعة النورماندي (روسيا، أوكرانيا، فرنسا، ألمانيا)، بهذا الشأن. إلا أن الشق الأساسي من التسوية المتعلق بإيجاد حلول وسط سياسية لإنهاء الأزمة لم يتم الاتفاق عليه حتى الآن. ورغبة منه في الإسهام في تحريك العملية التفاوضية في المسار السياسي قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعيين غريزلوف بدلا من كولمحمدوف ممثلا للجانب الروسي في مجموعة الاتصال الآنفة الذكر. ويعتبر جريزلوف (65 عاما) من المنتمين إلى النسق الأعلى من النخبة السياسية الروسية حيث ترأس مجلس النواب (الدوما) للبرلمان الروسي في الفترة من 2003 إلى 2011، ويرأس المجلس الأعلى لحزب "روسيا الموحدة" الحاكم منذ عام 2002، ويعد من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الروسي طوال أكثر من 10 سنوات. ويمكن القول إن التمثيل الروسي في مجموعة الاتصال الثلاثية الخاصة بالتسوية في شرق أوكرانيا سيكون أعلى مستوى بالتأكيد بل وسياسيا أكثر من الدبلوماسي مع تعيين جريزلوف ممثلا لموسكو فيها. جدير بالذكر أن الاتفاقات حول خطة التسوية في شرق أوكرانيا التي توصل إليها في فبراير 2015 في مينسك زعماء دول مجموعة النورماندي قد تم تمديد تنفيذها إلى العام القادم. ويدور الحديث بالدرجة الأولى عن تنظيم الحوار السياسي بين طرفي النزاع، وإجراء الإصلاحات السياسية في أوكرانيا، وتطبيق الوضع القانوني الخاص لإقليم شرق أوكرانيا، وإطلاق عملية إعادة إعماره لإزالة آثار الحرب. ومع حلول العام الجديد ستكون هذه وغيرها من المسائل السياسية والقانونية والاقتصادية الحساسة محل البحث في إطار مجموعة الاتصال الثلاثية على أمل التوصل إلى حلول مقبولة للتسوية في شرق أوكرانيا بمشاركة رجال السياسة المخضرمين من أمثال جريزلوف وكوتشما.