قال الدكتور شارل سان برو، مدير مرصد الدراسات الجيوسياسية بباريس، إن فرنسا معزولة بعض الشيء في المعسكر الغربي فيما يتعلق بالملف السوري ولكنها قريبة من مواقف القوى العربية لا سيما المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج. وأوضح سان برو - في تصريح اليوم /الخميس/ لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط - أنه أمام التحركات الروسية، حاولت فرنسا استعادة زمام الأمور بتقديم مشروع قرار إلى الأممالمتحدة لحظر إلقاء البراميل المتفجرة على المدنيين في سوريا وبتنظيم اجتماع بباريس بمشاركة أمريكا وبريطانيا وألمانيا والسعودية والاْردن وتركيا أي مجموعة أصدقاء سوريا القديمة التي تدعم الائتلاف الوطني المعارض الذي تعتبره باريس الممثل الشرعي للشعب السوري. وأضاف أن مشكلة فرنسا أنها لا تحظى بدعم الولاياتالمتحدة "التي تلعب لعبة مزدوجة" أو ألمانيا التي تنقصها الخبرة الدبلوماسية وتسعى لحل مشكلة اللاجئين بالتقارب مع نظام بشار الأسد. ورأي المحلل السياسي الفرنسي أن فرنسا وحلفائها العرب لديهم هامش تحرك ضيق، وتوقع أن تصر باريس على رحيل الأسد باعتباره جزء من المشكلة، حيث أن غير ذلك سيساهم في تعزيز النفوذ الإيراني الممتد إلى لبنان وسيشكل تهديدا حقيقيا للعالم العربي ولميزان القوي في المنطقة. ونوه إلى أن محادثات فيينا حول سوريا غدا الجمعة تأتي بعد أسبوع من الاجتماع الرباعي الذي انعقد في العاصمة النمساوية فيينا بمشاركة الولاياتالمتحدةوروسيا والمملكة العربية السعودية وتركيا. واعتبر الدكتور سان برو أن لقاء فيينا الأخير الذي دعت إليه روسيا لم يفض إلى أي نتيجة نظرا لتباين مواقف الأطراف المشاركة، مضيفا أن روسيا سعت من خلال هذا اللقاء إلى التأكيد على دورها كلاعب أساسي في الأزمة السورية على الصعيد الدبلوماسي والعسكري وكذلك على دعمها لنظام بشار الأسد إلى جانب إيران وحزب الله اللبناني و"المخلصين " من العراقيين. ولفت إلى أن الولاياتالمتحدة التي كانت تعارض بشدة إشراك إيران في المحادثات حول سوريا استجابت بذلك مجددا للمطالب الروسية، بالرغم من كون طهران أحد أسباب المشكلة "على حد قوله". ورأي شارل سان برو مدير مرصد الدراسات الجيوسياسية أنه لن يكون هناك حل دائم للازمة السورية والإقليمية بدون رحيل الأسد باعتباره المسؤول عن الوضع القائم وكذلك عن تزايد نفوذ تنظيم داعش الإرهابي. وأكد أنه من حيث المبدأ، سيتعين على فرنسا التصميم على رحيل الأسد باعتبارها مسألة أخلاقية وأنه لا يمكن محاربة الإرهاب دون معالجة أسبابه.. وتابع قائلا : إن الإبقاء على الأسد سيعني المزيد من اللاجئين ومن الفوضى ومن الاٍرهاب". كما أشار سان برو إلى التناقضات في المواقف الأمريكية وإلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي قال مؤخرا إن الأسد هو العائق الوحيد في الطريق بينما يبدو متقبلا لفكرة التفاوض على رحيله، مؤكدا أن المشكلة ستكمن في الضمانات حول إتمام رحيله. واختتم مدير مرصد الدراسات الجيوسياسية بباريس قائلا : إن فرنسا لديها مقاربة شاملة وطويلة الأمد تصب في مصلحة الاستقرار في العالم العربي على عكس الولاياتالمتحدةوروسيا اللذين يخدمان أهدافهما الخاصة، على حد تعبيره. وتعقد غدا بالعاصمة النمساوية محادثات موسعة حول سوريا بمشاركة أمريكاوروسيا والسعودية ومصر وإيران وتركيا وفرنساولبنانوألمانيا.. ويسبق محادثات الجمعة بفيينا اجتماع رباعي مساء الخميس يضم وزراء خارجية روسياوالولاياتالمتحدة والسعودية وتركيا على غرار الاجتماع الذي عقد الجمعة الماضية لبحث حل للنزاع السوري الذي خلف أكثر من 250 ألف قتيل وملايين النازحين منذ 2011.