المعوذتان هما سورة «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ»، وسورة «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ»، وسميتا بالمعوذتين: لأنهما مبدوءتان بالاستعاذة بالله، وسماهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمعوذتين كما روى الإمام أحمد عن عقبة بن عامر قال: «قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقرأ بالمعوذتين فإنك لن تقرأ بمثلهما». واختلف المفسّرون في أسباب نزول المعوّذتين، والثابت أنّ رسول الله -صلى الله عليه و سلم- كان يرقي نفسه بالمعوذتين، وقد ورد في صحيح البخاري ومسلم عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنّ رسول الله - صلى الله عليه و سلم- «كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث، كلّما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه، وأمسح عنه بيده، رجاء بركتها». أمّا عن سبب نزول المعوّذتين كما يقول المفسرون: فإنّه كان غلام من اليهود يعمل خادماً عند رسول الله، وقد ظل اليهود يلحّون عليه أن يأتي إليهم بشيء من أثر النّبي، حتى أخذ مشاطة رسول الله - صلى الله عليه و سلم-، وعدّة أسنان من مشطه، وأعطاها لقومه فسحروا النّبي فيها ودفنوا السّحر في بئر لبني زريق اسمها ذروان. ومرض رسول الله - صلى الله عليه و سلم- من أثر ذلك السحر ليس بدار ما حل به، وبينما هو نائم ذات يوم أتاه ملكان قعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند قدميه و تحدّثا وأخبراه بالذي سحره ومكان وضع السحر، وعندما استيقظ رسول الله نادى على عائشة و قال لها إنّه شعر أنّ الله أخبره بدائه. وبعث علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه-، والزبير بن العوام وعمار بن ياسر -رضي الله عنهما-، فنزحوا ماء تلك البئر ورفعوا الصخرة أسفله ووجدوا وتر معقد فيه أحد عشر عقدة مغروز بالإبر، فأنزل الله سبحانه وتعالى سورتي المعوّذتين، وكان كلّما قرأ آية انحلّت عقدة ووجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خفة، حتى انحلّت العقدة الأخيرة فقام النبى كأنّما نشط من عقال. ويذكر المفسّرون أنّ جبريل عليه السلام جعل يقول : بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن حاسد وعين الله يشفيك، وقد قال صحابة الرسول رسول الله له حينها: «يا رسول الله أو لا نأخذ الخبيث فنقتله، فقال: أمّا أنا فقد شفاني الله و أكره أن أثير على النّاس شراً». وفي لباب النزول للسيوطي: وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك قال: صنعت اليهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فأصابه من ذلك وجع شديد فدخل عليه أصحابه فظنوا أنه لما به، فأتاه جبريل بالمعوذتين فعوذه بهما فخرج إلى أصحابه صحيحا، وقد قال بهذا البغوي والقرطبي وابن الجوزي وعزاه ابن الملقن للرافعي. وقال ابن حجر في الفتح: وفي حديث زيد بن أرقم عند عبد بن حميد وغيره: فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين وفيه فأمره أن يحل العقد ويقرأ آية فجعل يقرأ ويحل حتى قام كأنما نشط من عقال.