عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ وَالَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا»، رواه البخارى. قال الإمام ابن حجر العسلاقى فى كتابه فتح البارى لشرح صحيح البخارى، إن معنى قول النبى: « مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْأُتْرُجَّةِ»، فالأُتْرُجّة هى ثمرة طيبة المذاق طيبة الريح ويبدو أيضا أنها غالية الثمن، أن الحكمة من تشبيه النبى (صلى الله عليه وسلم) المؤمن قارئ القرآن بالأُتْرُجّة دون غيرها من الفاكهة التى تجمع طيب الطعم والريح لأنه يتدواى بقشرها ويُستخرج من حبها دُهنٌ له منافع، وقيل إن الجّن لاتقرب البيت الذى فيه الأُتْرُجّ فناسب أن يشبه به القرآن الذى لا تقربه الشياطين، وأيضا لأن غُلاف حبه أبيض فهو يشبه قلب المؤمن وللأُتْرُجّ كثير من الفوائد والمنافع الأُخرى. وأوضح ابن حجر فى شرحه للحديث الشريف أن النبى (صلى الله عليه وسلم) قسم فى هذا الحديث الناس أربعة أقسام فى حيث علاقتهم بالقرآن: القسم الأول: هو المؤمن الذى يقرأ القرآن ويُفهم من ذلك أنه يَعمل بما يقرأ ويُنفذ أوامره ويصير خُلقه القرآن. والقسم الثانى: هو المؤمن الذى لا يقرأ القرآن، أى أنه يَعمل بما فيه ولكنه لا يتلُوه، فمثله كمثل التمرة طعمها حلو ولا ريح لها، ولاختيار التمرة هنا معنى بديع وهو أن النبى (صلى الله عليه وسلم) شبه المؤمن بالنخلة فى حديث آخر، ووجه الشبه بين النخلة والمؤمن أن النخلة لا يسقط ورقها وأنها كثيرة البركة، وأما المؤمن فلا تسقط له دعوة وكثير البركة. أما القسم الثالث: فهو المنافق الذى يقرأ القرآن ولا يَعمل به ويتظاهر أمام الناس بأنه مؤمن، فهو فى ذلك مِثلُ الريحانة لها رائحة وطعمها مر، والقسم الرابع: هو المنافق الذى لا يقرأ القرآن، شبهه النبى (صلى الله عليه وسلم) بالحنظلة وما فيها من المذاق المُر.