* مؤشرات اقتصادية خطيرة لإصدار مسكوكات تنظيم داعش * الدينار الداعشي الذهبي تعادل قيمته حوالي نحو 177 دولارا * داعش يرصد 600 مليون دولار لسك عملته الجديدة من الذهب والفضة والنحاس أعلن مراقبون أن إعلان تنظيم داعش عن سك عملاته الخاصة من المعادن النفيسة والكشف عن صور تلك المسكوكات الجديدة، لا يمكن اعتباره أسلوبا دعائيا فقط، وأنه يحمل مؤشرات اقتصادية لسكان المناطق التي سيطر عليها التنظيم وللعالم أجمع. وقال المراقبون إن حجم الإصدار المزعوم يؤكد أن حجم الاقتصاد الذي يديره داعش قوي وقابل للنمو. ويبدو اختيار تنظيم داعش للذهب والفضة في سك عملاته الجديدة عبارة عن رسالة قوية يريد من خلالها تأكيد استقراره التنظيمي والاقتصادي وأن عملاته ستحتفظ بقيمتها من خلال قيمة تلك المعادن النفيسة، ولن تتأثر بالحرب التي يخوضها العالم ضد التنظيم. وحدد البيان الذي نشره "ديوان بيت المال لتنظيم الدولة" أوزان العملات عند 21.25 جرام من عيار 24 قيراطا لفئة الخمسة دنانير ذهبية، والدينار 4.25 جرام من العيار نفسه وحدد في منشوره الكتابات والرسومات التي ستظهر على مسكوكاته. ويقول محللون إن قيمة دينار داعش الذهبي بتلك المواصفات تعادل نحو 177 دولارا، ويجعل ذلك قيمة المسكوكة من فئة 5 دنانير ذهبية نحو 885 دولارا وفق أسعار الذهب. وذكر البيان أن التنظيم استخدم الفضة في إصدار مسكوكات الدرهم والخمسة دراهم والعشرة دراهم، في حين استخدم النحاس لمسكوكات من فئة فلس واحد و10 أفلاس وعشرين فلسا. مؤشرات اقتصادية وتفيد الأنباء الواردة من تنظيم داعش أنه رصد ما قيمته 500 مليون دولار من الذهب لسك عملته الجديدة، إضافة إلى 100 مليون دولار أخرى لمسكوكات الفضة والنحاس ونفقات تصنيع العملة الجديدة وتغطية حاجة المناطق التي يحتلها. وإذا صحت تلك البيانات فإنها تكشف القوة التنظيمية والاقتصادية للتنظيم، وتفرض تغييرات كبيرة في سبل مواجهته والوسائل المستخدمة في محاربته. كانت تصريحات المسؤولين العراقيين قد أكدت أن تنظيم داعش حصل عند سيطرته على مدينة الموصل في يونيو من عام 2014، على نحو 400 مليون دولار أمريكي، من فرع البنك المركزي العراقي والمصارف الحكومية الأخرى. وقالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إن إصدار العملة، يمثل خطوة أولى لتأكيد سيادة التنظيم على الأراضي الواقعة تحت حكمه، لكنها لا تعني بالضرورة نجاحه في بناء دولة. ويقول محللون إن العملات المعدنية تشبه العملة الصادرة إبان الحكم العثماني في القرن 17، وأنها تحمل صورا لخريطة العالم، وسبع سنابل قمح، وطبع على العملة عبارات مثل "خلافة على منهاج النبوة". ومن الإشارات الكبيرة على الواقع الاقتصادي في المناطق التي احتلها التنظيم، تأكيد مدير بنك كابيتال الأردني باسم السالم في الشهر الماضي، أن فرع المصرف في الموصل يواصل نشاطته المصرفية بشكل اعتيادي. مصادر متنوعة للدخل ويتمتع التنظيم بموارد اقتصادية متنوعة تشمل إنتاج النفط، الذي يستخرجه بشكل بدائي، حيث يسيطر على نحو ثلثي حقول النفط السورية. ويسيطر التنظيم على عدد كبير من الحقول العراقية القريبة من مدينة الموصل، مثل حقل العجيل وعين زالة وبطمة وحمرين والشرقاط وحقل عكاز الغازي غرب الأنبار. وتؤكد التقارير أن التنظيم ينشط في تصدير النفط العراقي من تلك الحقول، ويجني عوائد مالية كبيرة. كما قام بإنشاء معامل تكرير بدائية لإنتاج المشتقات النفطية وبيعها في المناطق التي يحتلها. وتمتد المناطق التي يسيطر عليها التنظيم وتغذي خزائنه من محافظات الموصل وأجزاء كبيرة من محافظتي الأنبار وصلاح الدين في العراق إلى محافظات دير الزور والرقة وأجزاء أخرى من سوريا، حيث يفرض أنواعا من الضرائب على الناس في تلك المناطق الواسعة. ويفرض التنظيم ضرائب شهرية على الدور السكنية ومحلات البيع والمتاجر، إضافة إلى بيع الدور التي صادرها التنظيم من المسيحيين والإيزيديين والشيعة كما يحصل على موارد مالية من بيع الأراضي التي يسيطر عليها، وتأجير الساحات العامة، وما يفرضه التنظيم من رسوم على مرور للبضائع وسيارات الحمل. ولا توجد إحصائيات دقيقة للمدخولات التي يحصل عليها التنظيم من تجارة النفط، لكن الخبير في شؤون الشرق الأوسط في "مركز بيلجاسام " للدراسات الإستراتيجية علي سمين أشار إلى أن العوائد النفطية تشكل نحو 90 بالمئة من موارد داعش. وتشير الدراسات الاقتصادية إلى أن موارد النفط المسروق من سورياوالعراق، إضافة إلى العامل الطائفي الذي تعتمده هما السببان الرئيسان في صعود داعش في المنطقة واستمرارها. وتؤكد بعض المصادر أن تداول العملات المعدنية الجديدة، التي أصدرها تنظيم داعش بدأ بالفعل، وأن اعتماده على المعادن النفيسة، يجعلها تملك قيمتها بذاتها من دون الاعتماد على الرصيد المالي في النظام المصرفي العالمي، وأن ذلك يحمل دلالات كثيرة. ويرى مراقبون أن الأنباء التي تؤكد مواصلة بعض المصارف الأجنبية لنشاطها في الموصل، مثل كابيتال بنك الأردني، يمكن أن يسهل للتنظيم إجراء التعاملات المصرفية الدولية. ويرى هؤلاء أن تلك المؤشرات تؤكد امتلاك تنظيم داعش لاقتصاد قوي قائم بذاته وقابل للنمو، ويجب أن يدخل ذلك في الحسابات عند وضع الخطط لمحاربة التنظيم.