كيف يمكن أن تُقرأ المصالحة بين مصر وقطر؟ في ظل استمرار التجاذبات السياسية بين الطرفين وفتور العلاقة التي لعبت قناة الجزيرة فيها دورا أساسيا خلال المرحلة الماضية التي أعقبت سقوط حكم جماعة الإخوان؟ هناك ما يمكن أن نراه أملا في عودة العلاقات إلى سابق عهدها وهدوء الضجة التي أثارها الإعلام خلال الفترة الماضية؛ فالاجتماع الثلاثي الذي ضم الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع الشيخ خالد بن عبد العزيز التويجري، المبعوث الخاص بالعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، والشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، المبعوث الخاص بأمير قطر، يوم السبت الماضي، يمنح فرصة جديدة لتفعيل المصالحة التي تقودها الرياض. أبرز بنود المصالحة تتحدث عن دعم قطر للرئيس السيسي وخارطة الطريق التي رسمتها القوى السياسية وأعلنها الجيش في أوج الثورة على الرئيس المعزول محمد مرسي بعد عام من بداية حكمه، كما تشمل المبادرة ضرورة مساندة حكومة الدوحة نظيرتها المصرية خلال المرحلة المقبلة، من أجل استقرار القاهرة، وهو ما جرى الاتفاق عليه وإقراره رسميا خلال الاجتماع، وهو أيضا ما يستدعي الانتظار حتى تتبدى مؤشرات نجاح المبادرة. ونجاح هذه المصالحة يفرض تنازلات على كلا الطرفين، لكن يبدو أن قطر عليها النصيب الأكبر من التنازلات التي يأتي في مقدمتها ضرورة التخلي عن دعم جماعة الإخوان المصنفة في مصر تنظيما إرهابيا، ومنع مساندتها إعلاميا وماليا وسياسيا، وتسليم قياداتها المقيمين في الدوحة حاليا إلى العدالة المصرية، أو على الأقل إلزامهم بعدم معاداة الرئيس السيسي والحكومة المصرية، وفي مقدمتهم يوسف القرضاوي، المطلوب على ذمة عدة قضايا جنائية في القاهرة. كما يتطلب نجاح المبادرة تغيير سياسة قنوات شبكة الجزيرة خلال تغطيتها للملف المصري، ووقف الهجوم الإعلامي على رئيس مصر وحكومته وعدم تصوير الوضع المصري على أنه ملتهب، وأن عموم الشعب ثائرون في الشوارع من أجل عودة الرئيس المعزول مرسي، على وجه مجافٍ للواقع. نجاح المصالحة يتطلب أيضا من قطر إعلان خروجها كليا من التحالف مع تركيا، خاصة بعد الهجوم الذي شنه رجب طيب أردوغان ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال خطابه الذي ألقاه في مقر الأممالمتحدة منذ عدة أسابيع. بنود هذه المصالحة يبدو أنه جرى الاتفاق عليها خلال القمة الخليجية التي انعقدت في الرياض خلال نوفمبر الماضي بطلب من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، والتي تمخضت عن صدور اتفاق الرياض التكميلي الذي طالب الدوحة بدعم مصر، والتخلي عن التدخل في شؤونها، شرطين لعودة سفراء السعودية والبحرين والإمارات. أتصور أنه لا يمكن استباق الأحداث بشأن نجاح أو فشل المصالحة بين مصر وقطر، ولكن قد نفاجأ بزيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، إلى مصر خلال الفترة المقبلة، لتأكيد نجاح المصالحة، وربما أيضا تحمل الأيام المقبلة زيارة مرتقبة للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الدوحة، على رأس وفد مصري كبير، لتأكيد عودة العلاقات إلى سابق عهدها، وطي صفحة الخلافات. [email protected]