"أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ" "سورة البقرة :آية 44: مدنية" نزلت هذه الآية فى يهود المدينة كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوى قرابته من المسلمين أثبت على الدين الذى أنت عليه وما يأمرك به وهذا الرجل – يقصدون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) – فإن أمره حق فكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه. يُبين لنا الله عز وجل فى هذه الآية، أن عدم إيمان اليهود بالإسلام هو كفر بالتوراة لأن التوراة تأمرهم بأن يؤمنوا بمحمد "صلى الله عليه وسلم" فلقد كان اليهود يبشرون بمجىء سيدنا محمد "صلى الله عليه وسلم" ويُعلنون دائما أنهم سيؤمنون به فلما جاء الرسول "صلى الله عليه وسلم" من العرب ولم يكن من قومهم كفروا به لأنهم كانو يريدون أن تكون السيادة لهم. وهذه الآية تنطبق أيضًا فى وقتنا الحالى على المسلمين الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً وهؤلاء هم خطباء الفتنة الذين رآهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- تُقرض شفاهم بمقارض من نار فسأل: من هؤلاء يا جبريل: فقال خطباء الفتنة إنهم يُزينون لكل ظالم ظُلمه ويجعلون دين الله خدمة لأهواء البشر وهؤلآء الذين يحاولون – تحت شعار التجديد – أن يجعلوا للناس حجة فى أن يتحللوا من منهج الله فهم يُبررون مايقع ولايتدبرون حساب الآخرة. فإن منهج الله لايمكن أن يخضع لأهواء البشر وعلى الذين يفعلون ذلك أن يتوبوا ويرجعوا إلى الله ويحاولوا إستدراك ماوقع منهم لأن الرجوع إلى الحق خير من التمادى فى الباطل. وفى هذه الآية يُبين الله لنا منهجاً من مناهج الدعوة وهو مطابقة القول للعمل فإذا أنفصلت الكلمة عن السلوك ضاعت الدعوة لأن من يراك تفعل ما تنهاه عنه يعرف أنك مُخادع وغشاش ، فمنهج الدين وحده لايكفى إلا بالتطبيق، ولذلك كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يأمر أصحابه بأمر إلا وكان أسبقهم إليه فكان المسلمون يأخذون عنه القدوة قولاً وعملاً. فإن عالم الدين لابد أن يكون قدوة فلا ينهى عن منكر ويفعله أو يأمر بمعروف وهو لا يفعله فالناس تفتح أعينها لما يُصنع فإن الإسلام إنتشر بالمنهج السلوكى قبل أن ينتشر بالمنهج العملى، وأكبر عدد من المسلمين أعتنق هذا الدين من أسوة سلوكية قادته إلى الإسلام فالذين نشروا الإسلام فى الصين كان أغلبهم من التُجّار الذين تَخّلقوا بأخلاق الإسلام فجذبوا إليهم الكثيرين فاعتنقوا الإسلام ، فلابد من الدعوة إلى الله التى يتبعُها العمل الصالح. ولكن قولوا لى أى فائدة أن نقول إننا مسلمون ونعمل بعمل غير المسلمين؟ وكما قُلنا أن هذه الآية لاتنطبق على اليهود وحدهم بل على كل من يسلك سلوكهم.