استعير هنا الواقعة التاريخية التي حدثت في الجاهلية في الحرب التي استمرت قرابة الأربعين عاما بين قبيلتي عبس وذبيان واستمدت اسمها من فرسين اسمهما داحس والغبراء و داحس والغبراء هما اسما فرسين وقد كان " داحس" حصانا لقيس بن زهير العبسي الغطفاني، و" الغبراء" فرسا لحذيفة بن بدر الذبياني الغطفاني. كان سبب الحرب هو سلب قافلة حجاج للمناذرة تحت حماية الذبيانيين مما سبب غضب النعمان بن المنذر وأوعز بحماية القوافل لقيس بن الزهير من عبس مقابل عطايا وشروط إشترطها ابن زهير ووافق النعمان عليها مما سبب الغيرة لدى بنى ذبيان، فخرج حذيفة مع مستشاره وأخيه حمل بن بدر وبعضا من أتباعه لمقابلة ابن زهير وتصادف أن كان يوم سباق للفرس. اتفق قيس وحذيفة على رهان على حراسة قوافل النعمان لمن يسبق من الفرسين. كانت المسافة كبيرة تستغرق عدة أيام تقطع خلالها شعب صحراوية وغابات، أوعز حمل بن بدر من ذبيان لنفر من أتباعه يختبئوا في تلك الشعاب قائلا لهم: إذا وجدتم داحس متقدما على الغبراء في السباق فردوا وجهه كي تسبقه الغبراء فلما فعلوا تقدمت الغبراء. حينما تكشف الأمر بعد ذلك اشتعلت الحرب بين عبس وذبيان. نفس المنطق تقريبا تقوم به داعش الغبراء في وطننا العربي والذي يعمل الآن وفق اجندة جهنمية من صتيعة عباقرة سياسة المخابرات الأمريكية ، فالمعروف جيدا أن وكالة المخابرات الأمريكية لديها قسما كاملا يبحث في الشريعة الاسلامية وفيه يقومون بدراسة شتي جوانب الاسلام وبالخصوص الخلافيات فيه ، وبدات المخابرات الأمريكية بمد يد العون الي اسامة بن لادن ليقوم بمحاربة المد الشيوعي في افغانستان وتتاسس جماعات كثيرة تخرج من عباءة القاعدة وتحمل علمها مثل جبهة النصرة وتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام ، وليس خفيا أن تتقابل توجهات تلك التنظيمات مع التنظيم الدولي للأخوان المسلمين الذي يتم استخدامه كفصيل سلمي في البداية مع انطلاق منظومة ثورات الربيع العربي في كل دول المنطقة الكبيرة في توقيت متتابع ويكون الجناح العسكري لها هي تلك التنظيمات الارهابية. وبعد اندحار المخطط من فوضي الربيع العربي في مصر وسوريا وليبيا بالمشهد السياسي الراهن وبدء التفهم من اشعوب التي قامت بالثورات من أجل دحر الفساد فوجدت انفسها فجاءة في احضان الارهاب ، نشطت داعش فجاءة بطريقة تجعلنا نضع اسئلة حول التمويل والتدريب والتنظيم ، فليس الأمر فقط منذ زمن بن لادن أو أبو مصعب الزرقاوي بل الأمر يتعدي الأكثر من ذلك مما يجعل الأصابع تشير ببساطة الي من كان يطلق مصطلح الفوضي الخلاقة أو الشرق الأوسط الجديد ، والدليل هو محاولات داعش لتكسير الحدود بين سورياوالعراق بما يعرف باتفاقية سايكس بيكو ، وتقابلها بشكل فج مع ما صرح به بوش الابن بمصطلح الشرق الأوسط الجديد . كان الهدف من ثورات الربيع العربي تقسيم البلاد التي لم تقبل التقسيم مثل مصر وفصل سيناء والنوبة عن مصر واستعداء سكان المنطقتين علي النظام بدعوي الحقوق المدنية وحقوق الانسان ، ناهيكم عن التفتت الذي اصاب السودان بدون جهد بعد انفاصلها الي سودان شمالي وآخر جنوبي ، كذلك تقسيم ليبيا علي اساس توزيع حقول النفط والذي يعد من أنقي انواع النفط في العالم ، وتتبقي الدول التي تحمل اقتصادا وجيوشا مثل العراقوسوريا ولكن المخطط توقف فجاء في حلق الادارة الأمريكية أمام الجيشين المصري والسوري اللذان فهما المخطط جيدا وصور الاعلام الموالي للغرب ما يحدث في سوريا بانه مجازر وما يحدث في مصر أنه انقلاب. المحاور الأساسية كانت قطروتركيا واسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية كل عمل في منظومة شديدة التعقيد بدات بفتح قناة الجزيرة من جانب قطر والتي استعدت فيها الشعوب علي الأنظمة ، أما قطر فان حلم الدولة العثمانية كان يغازل حكامها مره أخري فبدأت بدورها تغازل الشعوب من خلال تصريحات أو حتي مسللات ممنهجة حول جنة تركيا وجمالها ، الولاياتالمتحدة دعمت كل ذلك من خلال خبرتها الرائعة وتنظيمها في مجال المخابرات أما اسرائيل فكانت المستفيد الوحيد من كل ذلك الذي يحدث. انهارت أحلام الربيع العربي في الشرق الأوسط فكان الالتجاء الي الخطة " ب" وهي الارهاب والتخويف من داعش تلك التي لا تتعدي ستة آلاف فرد في سويا ومثلهم في العراق ولكنهم بفكر تكفيري تماما يحللون ذبح البشر بدعوي أنهم كفرة ويوجهون رصاصهم الي صدور المسلمين والعدو يحتل الأقصي من خلفهم. في الأيام القادمة ستدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية مرة أخري الي العراق بدعوي الحماية ، وبذلك يكون ظهر سوريا مكشوفا ، ولن تتوقف هجمات داعش في سوريا أو حتي العراق ، كمان أن الكويت سيتم اجتياحها وبذلك يتم تهديد أم الخليج كله ، علي الجانب الآخر ستحاول الولاياتالمتحدة مع بريطانيا دخول ليبيا بشكل عسكري لوقف ما ستسميه العنف هناك وبذلك توضع مصر بين فكي كماشة من الغرب ومن الشرق ، فضلا عن تواجد اسرائيل الفعلي في جنوب السودان. هذا السيناريو القاتم للأيام القادمة لن يحل الا بشئ واحد فقط ، التفاف الشعوب التي خدعت فيما عرف بثورات الربيع العربي حول جيوشها والتي ستحارب الارهاب بقوة ، كذلك تعاون العرب جميعا عسكريا ومخابراتيا وماليا من اجل دحر تلك المجموعات الارهابية وقطع يد أمريكا وأعوانها من المنطقة.