في إطار تصفية الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لخصومه ومنافسيه على الساحة السياسية التركية، لم ينسَ أن يشحن السجون التركية بمعارضي خصمه اللدود حزب الشعوب الديمقراطي، الموالي لحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره أنقرة إرهابيًّا، حيث سعى أردوغان كثيرًا لشرعنة اعتقال هؤلاء المعارضين. اعتقلت السلطات التركية مساء الخميس رئيسي "حزب الشعوب الديمقراطي"، أبرز حزب مُوالٍ للأكراد في البلاد، وهما النائبان صلاح الدين دمرداش، وفيجن يوكسيداغ، بعد أن داهمت منزلهما في مدينة دياربكر، ووضعتهما قيد التوقيف، في إطار تحقيق لمكافحة الإرهاب، بسبب إحجامهما عن الإدلاء بشهادتهما فيما يتعلّق بجرائم مرتبطة بدعاية إرهابية، كما اعتقلت القوات سبعة نواب آخرين من الحزب نفسه، بموجب مذكرات توقيف صدرت بحقهم وبحق عدد آخر من رفاقهم، سيجري اعتقالهم بدورهم. قبيل اعتقاله كتب دمرداش، على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إن "رجال الشرطة واقفون على باب منزلي في دياربكر ومعهم قرار بوضعي قيد التوقيف بالقوة"، فيما دعا الحزب في تعليق له المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراء ضد انقلاب نظام أردوغان. هذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها السلطات التركية اتهامات لكل من "دمرداش" و"يوكسيداغ" بشبهات تتعلق بالارتباط بحزب العمال الكردستاني، فقد سبق أن فتحت السلطات التركية تحقيقات عديدة بحقهمان إلا أنهما أكدا مرارًا أنهما لن يمثلا أمام القضاء إذا ما استدعاهما. في ذات الإطار اعتقلت القوات التركية، الأربعاء، المدير العام السابق لشركة تدوير ورقية، كمال بتماز، بتهمة أنه المنسق الثاني لعملية الانقلاب الفاشلة التي وقعت في البلاد منتصف شهر يوليو الماضي، حيث كانت السلطات التركية قد ألقت القبض سابقًا على المتهم والمنسق الرئيسي الأول في العملية، عادل أوكسيوزم، وقالت السلطات حينها إن التحريات أثبتت أن المتهمين كانا يجتمعان سويًّا في شقق مستأجرة في إسطنبول، فضلًا عن سفرهما المتكرر إلى الولاياتالمتحدة، إذ رصدت كاميرات التسجيل في مطار إسطنبول تواجدهما معًا يوم 11 يوليو وسفرهما إلى أمريكا، وتم رصد عودتهما بعد يومين إلى مطار إسطنبول. يأتي ذلك في إطار تصفية الرئيس التركي لخصومه السياسيين بعد الانقلاب الفاشل الذي وقع في منتصف يوليو الماضي، وعلى رأس خريطة الاعتقالات والتهم التي توجهها السلطات التركية للخصوم السياسيين للرئيس، يأتي حزب الشعوب الديمقراطي الذي يعتبر ثالث قوة في البرلمان، ويملك 59 مقعدًا من مقاعد البرلمان وعددها 550 مقعدًا، والذي يتهمه أردوغان بالارتباط بحزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية، تسعى إلى التخلص منها، وتشن الهجمات الجوية على معاقلها في دياربكر، التي تعتبر عاصمة جنوب شرق تركيا ذات الأغلبية الكردية. كون حزب الشعوب الديمقراطي ثالث أكبر قوة في البرلمان، ويتمتع أعضاؤه بالحصانة من الملاحقة القضائية، عرقل جهود أردوغان لتصفية أعضاء الحزب وإزاحتهم من مسيرته السياسية، لكن سرعان ما تفتق إلى ذهنه تشريع قانوني يرفع الحصانة عن النواب المهددين بملاحقات قضائية، وهو القانون الذي أقره البرلمان التركي الذي يسيطر عليه حزب أردوغان الحاكم "العدالة والتنمية" في مايو الماضي، وكان يستهدف في الأساس نواب حزب الشعب الديمقراطي. حرب أردوغان على الحزب الكردي لم تقف عند اعتقال أعضائه في البرلمان وقيادييه، بل وصلت أيضًا إلى استهداف العديد من وسائل الإعلام الموالية للأكراد، حيث اعتقلت الشرطة التركية، قبل أيام قليلة، رئيس تحرير صحيفة جمهوريت المعارضة، مراد سابونجو، بالإضافة لمحرر في الصحيفة بتهمة لها علاقة بالإرهاب، فيما أصدرت السلطات 13 مذكرة اعتقال بحق صحفيين من الصحيفة، وذلك بتهمة الموالاة للأكراد بصفة عامة وحزب العمال الكردستاني بشكل خاص.