أعادت إقالة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، لقائد قوات حفظ السلام التابعة للمنظمة الأممية في جنوب السودان، الحديث مجددا عن كثرة إخفاقات المنظمة الدولية ومحاولة إبعادها دائمًا عن الدور المنوط بها تحقيقه في الأزمات الدولية. بعد نشر تقرير يوضح عجز القوات الأممية عن حماية المدنيين خلال أعمال العنف التي وقعت يوليو الماضي في جوبا، أقرت الأممالمتحدة وأمينها العام بوجود تقصير واضح من جانبها في جنوب السودان. وأوضحت الأممالمتحدة، على لسان المتحدث باسم أمينها العام، في تقرير وضع بعد تحقيق، إن جنود حفظ السلام التابعين لها في جنوب السودان ردوا بشكل "فوضوي وغير فعال" على أعمال العنف التي وقعت خلال يوليو في جوبا ولم يؤمنوا المدنيين من اعتداءات جنسية، مطالبا بتغيير قائد قوة الأممالمتحدة في جنوب السودان فورا. وأكد التقرير أن عناصر بعثة الأممالمتحدة في جنوب السودان أخلوا مواقعهم وأخفقوا في تلبية نداءات استغاثة من عمال الإغاثة الذين تعرضوا لهجوم في فندق مجاور في 11 يوليو، حيث تضم بعثة الأممالمتحدة (يونيميس) 16 ألف جندي ينتشرون في جنوب السودان التي تشهد حربا أهلية منذ ديسمبر 2013. ويضاف هذا الإخفاق إلى رصيد الأممالمتحدة برئاسة بان كي مون، الذي يوصف عهده في قيادة المنظمة الأممية لولايتين بأنه الأسوأ في تاريخها، حيث جاء الموقف من المنظمة الدولية استمرارا لإخفاقاتها المتعددة في الكثير من الملفات التي لم تستطع حلها بعدما أصبحت رهينة في أيدي الدول الكبرى ومنفذة لسياساتها ورغباتها، وتجلت الإخفاقات المتتالية، حتى الصعيد التفاوضي، في الأوضاع والمآسي التي تحدث في سورياوالعراق وليبيا واليمن. المغرب ومن الاعتداءات الجنسية التي تورطت فيها عناصر من قوات حفظ السلام الأممية في مناطق مختلفة، إلى فشل في إدارة ملفات دولية وإقليمية ساخنة، وصولا إلى الخروج عن مبدأ الحياد في الصراعات، يرحل بان كي مون في يناير المقبل تاركا حملا ثقيلا لخليفته المعين من الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤلفة من 193 عضوا، الشهر الماضي، أنطونيو غوتيريش، رئيس الوزراء البرتغالي السابق. وكان بان كي مون أثار غضب المغرب حين خرج عن حياده في ملف الصحراء، واصفا سيادة المملكة على صحرائها بأنها احتلال، في موقف داعم لجبهة البوليساريو الانفصالية، وأربك موقفه عمل الأممالمتحدة؛ حيث سعى في الوقت نفسه لتسويق خلافاته مع المغرب بشأن المنطقة الصحراوية على أنها خلافات مع المنظمة الأممية. فلسطين كما فشل بان كي مون خلال فترة رئاسته للأمم المتحدة في وضع حل للقضية الفلسطينية، ورغم أن المنظمة الأممية لم تفلح على مر تاريخها في وضع حد لأقدم مشكلات الشرق الأوسط وقضيته المحورية، بعد استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني الأعزل؛ قتلا وتصفية ومصادرة للحقوق، إلا أنه في فترة تولي بان كي مون الأمانة العامة، تزايدت الانتهاكات الصهيونية بصورة شبه يومية على المسجد الأقصى، ما يهدد باشتعال مواجهات ذات طابع ديني، ويستمر الحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال على قطاع غزة منذ أعوام، وتسبب إصرار حكومة نتنياهو على المضي في سياسات الاستيطان، في توقف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، التي استمرت عدة أعوام، دون أن تتمكن من تحقيق تقدم يذكر. سوريا بدت أكبر إخفاقات الأممالمتحدة، منذ إنشائها، في عجزها عن وضع حد للأزمة السورية، التي تتفاقم يومًا بعد الآخر، وراح ضحيتها حتى الآن الآلاف الأشخاص، قضى معظمهم بسبب زيادة رقعة التطرف وتمدد الإرهاب وعدم السيطرة على الحدود. ورغم كثرة الاجتماعات التي يدعو لها المبعوث الأمميلسوريا، ستيفن دي مستورا، إلا أنها لم تحقق أي نجاح يذكر على الأرض، وظلت في محتواها فارغة من أي مستقبل حقيقي للملف السوري. العراق لا يختلف الحال في العراق كثيرا عن سوريا؛ حيث تكتظ بلاد الرافدين بالجماعات المتطرفة والتكفيرية والطائفية، التي لا تتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم ضد المدنيين، لأسباب مذهبية، ورغم التدخل الإقليمي في شؤون بغداد الداخلية، واستفحال خطر الإرهاب الذي يمثله تنظيما داعش والقاعدة، إلا أن الأممالمتحدة لاذت بالصمت التام، واكتفت ببيانات باهتة، لا تحوي أكثر من الشجب والإدانة وإبداء الأسف والقلق العميقين.