تحولت ميادين المنيا العامة والتاريخية إلى ساحات مغلقة رغم مواقعها المحورية ومساحاتها الكبيرة، ما يعد إهدارًا للمال العام، وصورة تعكس غياب الرؤية التنموية والبيئية داخل المحافظة، كما باتت تلك الميادين بؤرا لتجميع قمامة ومخلفات المنازل والمطاعم والمحال التجارية المتاخمة لتلك الميادين، في حين تم استغلال بعضها كمواقف عشوائية، كما الحال بميادين الشهيد أحمد حمدي، والساعة، والصهاريج. وتضم المنيا وحدها قرابة 21 ميدانًا أبرزها ميادين الفولي، والشهيد أحمد حمدي، والصهاريج، والساعة، وصيدناوي، وشلبي، والحميات، والأورام، ونفرتيتي، وعدنان المالكي، وميداني النصر وبالاس، خصصت في الأصل لتكون بمثابة ساحات مفتوحة لاستقبال المواطنين، غير أن جميعها باتت مغلقة عدا ميدان بالاس. سلاسل حديدية على الأبواب، أسوار مدببة تمنع المواطنين من التسلل إلى داخلها، حفر أرضية وأثاث مهشم ومتهالك، كانت هي صورة ميادين المنيا من الخارج. فميدان أحمد حمدي، المطل على مقر عمر افندي والغرفة التجارية ومكتب بريد المنيا الرئيسي وشارعي التجارة والحسيني، لا يزال مغلقًا رغم اتساع مساحته، كما تحول إلى موقف لعربات الحنطور والدراجات البخارية وسيارات شرق النيل، كما زحفت تلال القمامة وفوارغ الكراتين إليه بشكل مفزع. «البديل» رصدت إغلاق ميدان الساعة التاريخي، وإحاطته بأكوام القمامة، كما اتخذه الأهالي جراجا للسيارات التي تحيطه من كل ناحية رغم محورية موقعه حيث يطل على بنك مصر ومستشفى التأمين الصحي ومديرية الأمن، ويعتبر مدخلًا إلى وسط المدينة وكورنيش النيل. نائب رئيس مجلس مدينة المنيا مجدي نصر، قال ل«البديل» إن السلوك الشعبي غير المنضبط دفع المحافظة لإغلاق معظم الميادين بعدما تم تطويرها وتجميلها أكثر من مرة لتكون جاهزة للتنزه، فمعظم أصحاب العربات الكارو والحنطور يدخلون الحمير والبغال إلى داخل الميادين لتأكل طبقة الحشائش التي تزين أرضيتها، إلى جانب عبث المواطن العادي من خلال إفساد الأثاث وإلقاء القمامة. وأضاف أن الحكومة لا تتأخر في تجميل الميادين والشوارع عامة، وتفترض دائمًا حسن السلوك حتى إن الوحدة المحلية لمركز ومدينة المنيا عندما كانت تغطي أي ترعة داخل قرية كانت تحول مساحاتها لحدائق وتحيطها بالأسوار، وهو ما قابله الأهالي بتحطيم الأسوار والأثاث وإحضار الماشية والطيور لتغذيتها على العشب النامي بها، بخلاف سرقة بعض الأسوار الحديدية. وعن إمكانية استغلال تلك الميادين ومساحاتها قال إن محافظ المنيا اللواء طارق نصر، اجتمع مع بعض رجال الأعمال بهدف صيانة وتجميل الميادين مرة أخرى، فيما أعلن بعضهم استعداده بالتبرع بتكلفة إعادة صيانتها. واقترح المدير العام بإدارة السياحة بالمنيا السابق محمود النبروي، استغلال تلك الميادين ومساحاتها الكبرى في عمل بازارات ومعارض مفتوحة تحكي تاريخ المحافظة، وتكون منافذ بيع للوحات والقطع الفنية المنحوتة وبالتالي تدر دخلًا للمحافظة، وأيضا استغلال بعضها بتحويلها إلى ملتقيات لأصحاب الفكر والثقافة والمواهب المختلفة. فيما اقترح حمادة زيدان، أحد رواد ومؤسسي مركز "مجراية" للثقافة والفنون بالمنيا تحويل بعض الميادين إلى أماكن مخصصة لمسرح "شارع" أو حفلات "أوبن مايك"، أو مرسم مفتوح لأصحاب موهبة الرسم وسط الناس، كما يمكن أن يتم تجهيزها كمعارض للكتب وأماكن مخصصة للقراءة، على أن تكون تحت رعاية وإشراف ثقافة المنيا. وأضاف أن المنيا تفتقر لثقافة الميدان برغم نجاح التجربة التي بدأتها المراكز الثقافية المستقلة، وحققت رواجًا وقبولًا جماهيريًا كبيرًا، رغم وجود مراكز حكومية في مواقع وأماكن مميزة.