يبدو أن الخطة الروسية السورية المشتركة ب«عملية إنسانية» في حلب؛ من خلال إقامة ممر إنساني للخروج من المدينة المحاصرة وإيصال مساعدات إلى الأهالي، تهدد التنسيق بين موسكووواشنطن بمناقشة وبحث الوضع في سوريا وكيفية استئناف مفاوضات السلام والعملية السياسية، وبالتزامن مع إعلان دمشق عن عفو رئاسي للمسلحين الراغبين في إلقاء السلاح خلال ثلاثة أشهر. بمجرد الحديث عن الخطة الروسية السورية في حلب، بدأت الانتقادات الأمريكية تتوجه إلى موسكو، وأبدت واشنطن حينها تشكيكًا كبيرًا في العملية؛ حيث أعرب وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري عن قلقه إزائها، مهددًا بإنهاء التعاون الكامل مع روسيا بشأن سوريا في حال كانت العملية خدعة، قائلا: «إذا كانت خدعة، فهناك خطر بأن تنسف بالكامل مستوى التعاون القائم بين واشنطنوموسكو». التشكيك الأمريكي والاتهامات والتهديدات بنسف الاتفاق والتنسيق بين روسياوأمريكا، جاء بعد أيام من مشاورات اجتمع فيها وزيرالخارجية الأمريكي، جون كيري، ونظيره الروسي، سيرجي لافروف، ومبعوث الأممالمتحدة الخاص بسوريا، ستيفان دي ميستورا؛ بهدف مناقشة وبحث الوضع في سوريا وكيفية استئناف مفاوضات السلام والعملية السياسية، الأمر الذي يوحي بوجود تخبط أمريكي بشأن التنسيق مع روسيا في الميدان العكسري السوري، خاصة في معركة حلب. تشكيك أمريكي وترحيب أممي من جهته، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، اريك شولتز، إن الولاياتالمتحدة قلقة للغاية بشأن الوضع في حلب، مضيفا: «نبحث في ما أعلنته روسيا بشأن الممرات الإنسانية، لكن بالنظر إلى حصيلتها فنحن بالحد الأدنى متشككون»، موضحا أن فتح الطرقات في حلب يجب أن يتيح للمدنيين السوريين أن يحصلوا على مساعدة إنسانية، وأن يجروا تبادلات تجارية من دون أي عائق، فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جون كيربي: «لا ضرورة لإقامة ممرات إنسانية في حال تم الالتزام بنظام وقف إطلاق النار، فلا يوجد داع لدفع الناس نحو مغادرة أماكنهم، ولا يجب أن تكون هناك عملية إخلاء». التشكيك الأمريكي في المبادرة الروسية ردت عليه الأخيرة باستهجان؛ حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن عمليتها في حلب إنسانية بحتة، مبدية استهجانها لمواقف الذين يرون أهدافًا غير معلنة وراء العملية، وأوضح نائب وزير الدفاع الروسي، أناتولي أنطونوف، أن موسكو مستعدة لفعل كل ما بوسعها من أجل تقديم المساعدات إلى المواطنين المسالمين وحتى المسلحين الراغبين في إلقاء السلاح، فيما اعتبر المتحدث باسم الكرميلن، دميتري بيسكوف، أن تشكيك أمريكا في العملية الإنسانية يمثل محاولة جديدة لخوض لعبة سياسية بدلًا من الإسهام في المشاكل الإنسانية، نافيًا مزاعم واشنطن حول استعداد الجيشين الروسي والسوري لعملية عسكرية في حلب تحت غطاء العمل الإنساني. من جانبها، رحّبت الأممالمتحدة بفكرة الممرات الإنسانية من الأحياء الشرقية في مدينة حلب، وعرضت أن تشرف لجنة أممية عليها، وقال المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا: «نقترح أن تترك لنا روسيا الممرات التي فتحت بمبادرتها، الأممالمتحدة وشركاؤها الإنسانيون يعرفون ما ينبغي القيام به، لديهم الخبرة»، مجددا الدعوة إلى هدنات إنسانية لمدة 48 ساعة لإتاحة العمليات عبر الحدود وعبر خطوط الجبهة في حلب. محاولات عرقلة أم تخبط؟ يبدو أن أمريكا كانت تريد مساومة روسيا خلال اجتماع وزراء خارجية البلدين، فواشنطن لا تريد لمعركة حلب أن تنجح، لكن بعد أن سيطر الجيش السوري على طريق الكاستلو، وقطع جميع طرق الإمداد عن المعارضة المسلحة والتنظيمات الإرهابية في أحياء حلب الشرقية، واستهدف دوار الليرمون وسيطر على نقطة الكراجات، بات الأمر محرج بالنسبة لأمريكا، ما دفعها إلى ابتداع موضوع التنسيق لعرقلة العملية أو مساومة روسيا بين دعم الأسد في معركة حلب والتنسيق معها، ويبدو أيضًا أن الأخيرة لم توافق على العرض الأمريكي، الأمر الذي دفع واشنطن إلى تصعيد لهجتها في وجه الإجراءات الروسية في المدينة. تبع هذه المشاورات تصريحات من وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أعلن فيها أنه سيتم فتح 3 ممرات إنسانية في المدينة لخروج المدنيين والمسلحين الراغبين في إلقاء السلاح، بالإضافة إلى ممر آمن رابع نحو طريق الكاستيلو لمسلحي الجيش الحر الذين مازلوا يحملون السلاح، ودعا شويغو كافة المنظمات الدولية للمشاركة في العملية الإنسانية التي يقوم بها الجانبان الروسي والسوري في حلب السورية وضواحيها.