على الرغم من تعدد الحوارات واللقاءات بين الفرقاء الليبين خارج ليبيا، في تونس والمغرب وصولًا للجزائر، بهدف تقريب وجهات النظر والتوافق حول مخرجات الأزمة الليبية المتفاقمة منذ سنوات، إلا أن أغلبها يخرج بدون أي جديد يذكر في ظل تمسك الكل بمواقفه وآرائه، في اختلاف حاد حول مستقبل الوضع في هذا البلد المنحدر إلى الفوضى منذ 5 أعوام بعد سقوط العقيد معمر القذافي الرئيس الراحل إثر ثورة فبراير عام 2011. استضافت القاهرة في اليومين الماضيين عدة لقاءات بين الفرقاء الليبين لتقريب وجهات النظر في إطار المساعي المصرية لدعم الحلول السياسية على الساحة الليبية، مؤكدة عبر وزارة الخارجية أن الاجتماعات ضمت عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، وفايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، وعددا من أعضاء المجلس الرئاسي، لتطرح هذه اللقاءات سؤالًا حول أزمة الموافقة على حكومة الوفاق من قبل البرلمان الليبي، وهل ستسفر عن حل؟. وبينما يرفض البرلمان الليبي المنعقد في أطراف البلاد، خاصة في شرق ليبيا، ورئيسه عقيلة صالح تمرير حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج التي تشكلت برعاية دولية في ديسمبر الماضي، وذلك من أجل عدة خلافات تتعلق بمستقبل الوضع العسكري في هذه الحكومة والقوات المنوط بها استلام المؤسسة العسكرية، تبعث الحكومة وداعموها من العاصمة، خاصة الإسلاميين، برسائل مفادها رفض استمرار "حفتر" قائدًا عامًا للجيش الليبي، مستدلين بالاتفاق السياسي الذي يقر في أحد نصوصه على تعيين وزير الدفاع الليبي من قبل المجلس الرئاسي، وهو ما يعني احتمالية الاستغناء عن حفتر في الفترة المقبلة، وهو الأمر الذي يرفضه البرلمان على خلفية النفوذ الواسع لدى القائد العام بداخله. وأوضح مصدر بالخارجية المصرية أن الاجتماعات عقدت ل"إفساح المجال نحو تقريب وجهات النظر عبر حوار ليبي لإيجاد الحلول المناسبة حفاظا على مصالح الشعب الليبي وإذكاءً لدور مؤسسات الدولة الليبية واضطلاع كل منها بكامل مسؤولياتها للحفاظ على مقدرات الشعب الليبي وتمتع كافة أطيافه بحقوقهم بشكل متساو، مشيرًا إلى أن "هذه السلسلة من الاجتماعات تعد بداية لاتصالات ولقاءات تهدف إلى دخول الليبيين في مرحلة جديدة من الوئام السياسي بين أبناء الوطن الواحد". وتوافد على القاهرة خلال اليومين الماضيين أعضاء من البرلمان الليبي، والمستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وأيضا القائد العام لقوات الجيش العربي الليبي الفريق خليفة حفتر، كما وصل إلى مطار القاهرة، الأربعاء، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، والوفد المرافق له. وبالتطرق إلى نتيجة الاجتماعات، فلم يستمر الاجتماع الأول الذي عقد الأربعاء لتسوية الأزمة طويلا بسبب حدة النقاش بين رئيس البرلمان وأعضاء المجلس الرئاسي المقاطعين لحكومة الوفاق على القطراني، وعمر الأسود، من جهة، ومن جهة أخرى رئيس حكومة الوفاق ونائبيه موسى الكوني، وفتحي المجبري، من جهة ثانية، ولم تفض إلى نتيجة هامة، بينما أشارت المصادر إلى ترتيب اجتماعات أخرى يجري من أجل لم شمل الفرقاء. وتقول مصادر ليبية إن الخلافات مازالت تتمحور حول وضع ليبيا العسكري، حيث يهيمن هذا الأمر على اللقاءات خاصة مع محاولات قوات البنيان المرصوص المرتبطة بالحكومة السيطرة على مناطق واسعة داخل ليبيا لفرض أمر واقع مع ضغط إسلاميي طرابلس على السر اج لإخراج حفتر من المشهد السياسي والعسكري في البلاد. وعلى الرغم من هذه التحديات التي تواجه الحوار الليبي في القاهرة إلا أن هناك أيضًا بعد المؤشرات الإيجابية بعد لقاءات المسؤولين المصريين التي تعددت في الشهور الماضية برئيس الحكومة فائز السراج، ورئيس مجلس النواب عقيله صالح، حيث مثلت دعوة السراج الأسبوع الماضي مجددا من تونس الفرقاء الليبيين جميعا للانضمام إلى الحكومة، وتصريحه الذي أكد فيه أنه "لن يكون هناك أي إقصاء أو تهميش لأي من الأطراف الليبية"، تمهيد للتوصل إلى صيغه توافقية جديدة ينطلق على أساسها الحوار الليبي. وبعيدًا عن اللقاءات والاجتماعات التفاوضية، والتي من المحتمل أن ترسخ التوافق السياسي، تواجه حكومة الوفاق صعوبات على الأرض في ترسيخ سلطتها وذلك بعد صعوبه السيطرة على مؤسسات الدولة عسكرية أو اقتصادية أو خدمية أيا كانت، كما تسيطر، في الوقت نفسه، جماعات إرهابية عدة على مواقع النفط الذي يعد من الموارد الرئيسية للاقتصاد اللليبي، بالإضافة إلى ذلك، تواجه الحكومة فوضى أمنية واسعة بسبب احتفاظ الجماعات المسلحة التي أسقطت النظام السابق بأسلحتها.