يبدو أن تركيا دخلت عهد المصالحة وعودة العلاقات مع الدول العربية والإقليمية، فبعد التطبيع مع إسرائيل والتوقيع على اتفاق المصالحة التركي الصهيوني، الذي أنهى ست سنوات من القطيعة بينهما، دخلت تركيا مرحلة جديدة للتطبيع مع روسيا، فيما تشير بعض التقارير إلى الاتجاه التركي نحو إعادة العلاقات مع مصر أيضًا، فربما تنهي هذه المؤشرات عهد المكابرة والتحدي الذي مارسه الرئيس التركي خلال السنوات الأخيرة، وأدت إلى خسارة تركيا للعديد من علاقاتها العربية والإقليمية. خطوات نحو المصالحة مع روسيا في خطوة مفاجئة انتظرتها روسيا منذ إسقاط تركيا لطائرتها الحربية على الحدود السورية التركية، اعتذر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس الاثنين، لنظيره الروسي، فلاديمير بوتن، عن إسقاط الطيران التركي مقاتلة روسية من طراز "سو-24″، قرب الحدود السورية في نوفمبر الماضي ومقتل الطيار الروسي. وقال الناطق باسم الكرملين الروسي، ديمتري بيسكوف، إن الرئيس التركي عبر عن تعاطفه وتعازيه الحارة لعائلة الطيار الروسي الذي قتل، كما قدم اعتذاره، والتمس المعذرة من عائلة الطيار، خلال رسالة خطية وجهها للرئيس الروسي، مضيفًا أن أردوغان قال إنه سيبذل كل ما بوسعه لإصلاح العلاقات الودية بين تركياوروسيا، وجدد الرئيس التركي خلال رسالته إلى بوتين أنه لم تكن هناك رغبة أو نية تعمد لإسقاط الطائرة الروسية، داعيًا إلى إصلاح العلاقات بين تركياوروسيا، وأضاف المتحدث باسم الكرملين: أردوغان عبر عن أسفه وندمه، وقال "أنا آسف". بعد ساعات من تقديم الرئيس التركي اعتذاره إلى نظيره الروسي، أعربت تركيا، اليوم الثلاثاء، عن استعدادها لدفع تعويضات لروسيا على خلفية إسقاط أنقرة للطائرة الروسية، وقال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلديريم: عرضنا فكرة أننا مستعدون لدفع تعويضات إذا لزم الأمر، فيما أعلن مصدر في الدفاع الروسية أن لجنة روسية تركية ستضم عسكريين ودبلوماسيين ستحدد تعويضات تركيالروسيا، وقد تتجاوز هذه التعويضات حاجز ال30 مليون دولار. وأفادت صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" الروسية أن الجانب التركي قد يدفع مليوني روبل أي حوالي 30 ألف دولار لعائلة قائد الطائرة الحربية الروسية، أوليغ بيشكوف، وفقًا للقانون الروسي الذي ينص على ضرورة دفع هذا المبلغ لعائلة أي عسكري روسي في حال مصرعه، وفيما يتعلق بسعر القاذفة "سو-24" فإن أنقرة تنوي معرفة درجة استهلاك الطائرة لتقييمها بشكل موضوعي، ولا يستبعد بحسب الصحيفة، أن تصر موسكو على ضرورة دفع 30 مليون دولار، وهو سعر تصدير الطائرات من هذا النوع، كما يتوقع أن يتكفل الجانب التركي بتكاليف نقل جثمان "بيشكوف" وتشييعه، ويقدر ذلك بعشرات الآلاف من الدولارات بسبب النفقات الباهظة لاستعمال الطائرة العسكرية التي نقلت تابوت الضابط. وفي ذات السياق لفت مسئول تركي، أمس الاثنين، إلى محاكمة "ألب أرسلان جيليك"، الرجل الذي يشتبه في أنه قتل أحد طياري القوات الجوية الروسية، بعد أن أسقط الطيران التركي طائرته قرب الحدود السورية في نوفمبر الماضي، واعتُقل "جيليك" الذي كان يقاتل في ذلك الوقت ضمن لواء تركماني مدعوم من تركيا في شمال سوريا، في أواخر مارس الماضي في مدينة أزمير، في اتهامات لا علاقة لها بذلك، لكن المحكمة قررت في مايو أن الأدلة غير كافية لإدانته، إلا أن موسكو طالبت منذ فترة طويلة بمحاكمة "جيليك". لم تكن الخطوات العملية فقط الدليل على بدء عودة العلاقات الروسية التركية إلى طبيعتها، بل جاءت تصريحات بعض المسؤولين الأتراك والروس ليؤكدوا ذلك، حيث قال نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان كورتولموش، إن هناك مؤشرات إيجابية تدل على إمكانية تطبيع العلاقات بين تركياوروسيا قريبًا، وتحدث المسؤول التركي عن قرار روسي بتمديد تصاريح العمل في أراضيها لبعض المواطنين الأتراك وشركات تركية، مضيفًا أن أنقرة تلقت القرار برضى كبير. في ذات الإطار، قال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يمكن أن يجري اتصالًا هاتفيًّا مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الأربعاء أو الخميس المقبل، وكتب يلدريم على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أمس الاثنين، أن هذه الأزمة لا تعجب الشعبين التركي والروسي، وسيجري رئيس جمهوريتنا يوم الأربعاء أو الخميس اتصالًا هاتفيًّا مع السيد بوتين. هل انتهت الأزمة؟ الحديث عن المصالحة التركية الروسية لم يكن جديدًا، حيث سبق أن غازل الرئيس التركي وبعض المسؤولين في أنقرة السلطات الروسية وعلى رأسها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لكنهم لم يخرجوا حتى اليوم بنتيجة حقيقية وحل نهائي للأزمة بين الطرفين، ففي كل مرة كانت روسيا تخرج لتعلن شروطها لكي يتم تطبيع العلاقات بالكامل بينهما من جديد، وكانت الشروط الروسية ثلاثة، أولها الاعتذار التركي المباشر للجانب الروسي وإعرابه عن أسفه عما حدث، وثانيها تعهد الرئيس التركي بتعويض ذوي الطيار الروسي الذي قضى في الحادث، وتعويض موسكو عن قيمة الطائرة التي تحطمت، أما ثالث الشروط فكان يتضمن معاقبة المتورطين في استهداف الطيار والمقاتلة الروسية. الإجراءات التي أقدمت عليها تركيا مؤخرًا تشير إلى أن أردوغان استوعب الدرس جيدًا، وقرر التخلي عن طموحاته ومكابرته وتعنته مع الجانب الروسي، بعد أن أدرك أنه لن يجدي نفعًا، فنفذ الشروط الثلاثة التي فرضها الرئيس فلاديمير بوتين، الأمر الذي بعث على الأمل في أن تنتهي الأزمة في وقت قريب، من خلال زيارة رسمية من الرئيس التركي إلى موسكو، يسبقها اتصال هاتفي يلوح في الأفق خلال الأيام القليلة المقبلة. مصر على طريق المصالحة قالت العديد من وسائل إعلام الاحتلال الاسرائيلي إن اتفاق المصالحة بين تركيا وإسرائيل مقدمة لاتفاق مصالحة آخر بين مصر وتركيا، وذكرت القناة الثانية في التليفزيون الإسرائيلي أنه في ظل اتفاق المصالحة الذي أبرمته كل من أنقرة وتل أبيب، فإن السعودية تحاول قيادة عملية أكثر شمولًا، تبدأ باتفاق مصالحة مماثل بين مصر وتركيا، اللتين تشهد العلاقات بينهما توترًا كبيرًا، وتابعت القناة في تقريرها أن التقديرات تشير إلى أن مصالحة إسرائيلية – تركية، ومصالحة تركية – مصرية سوف تشكل كتلة من 4 دول قوية بالمنطقة يمكنها التعاون سويًّا حتى إن لم يكن بشكل رسمي، كحلف ضد إيران في محاولة لوقف نفوذها في المنطقة. تقرير القناة الثانية العبرية أكده رئيس الوزراء التركي، بن علي يلديريم، خلال تصريحات له اليوم الثلاثاء، قال فيها إن أنقرة تهدف إلى تطبيع علاقاتها مع روسيا ومصر وغيرهما من جيران تركيا في البحر المتوسط وكذلك البحر الأسود، وأكد يلدريم أن مرحلة التطبيع بدأت بين روسياوتركيا.