يعرف بتسريحة شعره الغريبة وتصريحاته المثيرة للجدل، ويطلق عليه كثيرون لقب "ترامب لندن"؛ لما يبديه من مواقف معادية للمهاجرين والمسلمين في أورويا، أحد الشخصيات الأكثر تعقيدًا وتناقضًا في السياسة البريطانية، حيث تعددت وتناقضت وظائفه وأعماله بداية من انتخابه نائبًا في البرلمان، مرورًا بممارسته الصحافة بشكل يتعارض مع دوره كسياسي، وصولًا لرجوعه مرة أخرى للسياسة وانتخابه كعمدة لندن. مهندس استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بوريس جونسون، الذي عمل جاهدًا على إقناع البريطانيين أن المملكة المتحدة بدون الاتحاد الأوروبي أفضل بكثير لما يراه هو ومناصروه تقيدًا غير مبرر في قوانين واتفاقيات المنظومة الأوروبية. ولد جونسون في 19 يونيو 1964، في مدينة نيويوركالأمريكية، ولا يزال يحمل الجنسية الأمريكية، ويعد أحد أبرز السياسيين على الساحة البريطانية منذ انتخابه عمدة لندن في 2008، وينحدر جونسون من أصول تركية، فجده الأكبر، علي كمال، صحفي تركي، كان لفترة وجيزة وزيرًا للداخلية في حكومة أحمد توفيق باشا، الصدر الأعظم للإمبراطورية العثمانية. ويعد جونسون من الطبقة العليا الإنجليزية بالنظر إلى أن والده كان أيضًا سياسيًّا محافظًا، وانتقل بعائلته في مطلع سبعينيات القرن الماضي للعيش في بروكسل، بعد أن حصل على وظيفة في المفوضية الأوروبية، حيث كان مسؤولًا عن السيطرة على التلوث، وهو ما أعطى جونسون فرصه للتعلم في المدرسة الأوروبية بالعاصمة البلجيكية، وتعرف حينها على زوجته الثانية المستقبلية مارينا ويلر،التي أنجبت منه بعد ذلك صحفيًّا يعمل في هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، هو تشارلز ويلر. واختلف جونسون مع والديه فانتقل إلى إنجلترا ليكمل تعليمه، حيث درس بوريس جونسون في جامعة أوكسفورد، كما درس "الأدب الكلاسيكي"، وانتخب رئيسًا لاتحاد الطلاب بالجامعة في 1986. وفي عامه الأول في الجامعة التقى أليجرا موستين- أوين، التي كانت تدرس خلال وقت فراغها، وسرعان ما وقع في حبها حتى تزوجها في 1987عندما كانا في عمر 23 سنة، لكن زواجهما لم يستمر سوى أقل من ثلاث سنوات. ومع تخرجه عمل صحفيًّا في جريدة التايمز، لكنه فصل منها في وقت لاحق لخيانته الأمانة الصحفية، فيما بعد ذلك أصبح مراسل صحيفة التليجراف في بروكسل، حيث مقر الاتحاد الأوروبي، وبعد سنوات في عالم الصحافة تولى جونسون رئاسة تحرير مجلة «اسباكتاتور» في أواخر تسعينيات القرن الماضي، لكن حلم السياسة ظل يراوده؛ حتى انتخب عضوًا في مجلس العموم البريطاني في عام 2001. طول الفترة من 2001 حتى 2008 عندما أصبح عمدة لندن، عرف جونسون بزلات لسانه واعتذاراته أكثر مما أنجزه كعضو في البرلمان، وقبل الانتخابات التي فاز بها بمنصب عمدة لندن، حذّر بعض أطراف المجتمع الإسلامي من أن فوز جونسون بمنصب عمدة المدينة قد يشكل كارثة بالنسبة إلى لندن والمسلمين فيها، وذهب البعض أبعد من ذلك، فوصفوه بالمعادي للإسلام إثر المقال الذي كتبه في «سبيكتايتور» في 16 يوليو 2005، حيث قام في نهاية المقال بانتقاد المسلمين بطريقة مستفزة، علمًا بأن جد جونسون الأكبر كان تركيًّا مسلمًا. ومع حلول انتخابات عمدة لندن سعى حزب المحافظين إلى دعم أسماء تستطيع أن تنافس كين ليفينجستون مرشح حزب العمل، الذي كان قد مضى عليه في المنصب الرفيع ثماني سنوات، لم يكن هناك في الحزب من يستطيع إنجاز تلك المهمة سوى جونسون، الذي فاز بفارق كبير عن منافسه في ذلك الوقت، فنال ثقة المحافظين فيه؛ لما حققه من أول فوز كبير للمحافظين منذ عام 1997، أي قبل فوز توني بلير بمنصب رئيس الوزراء، وفي عام 2012 فاز جونسون بمنصب عمدة لندن متقدمًا على كين ليفينجستون مرة أخرى، وهو ما عزز صورته كمنتصر. ومع تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي، يحمل بعض المعلقين جونسون بعض المسؤولية عن العداء البريطاني الكامن للاتحاد؛ نظرًا لتقاريره الصحفية التي كان يرسلها من بروكسل إلى التليجراف. يقول الكاتب مارتن فليتشر، الذي عمل من قبل محررًا مشاركًا لصحيفة التايمز، إن "تقارير جونسون التي تهاجم وتشكك في قدرات الاتحاد الأوروبي حتى وصلت إلى حد الاستهزاء، واعتبار أن الاتحاد الأوروبي وسيلة لتقويض بريطانيا دفعت بقية الصحف البريطانية إلى التنافس والانقسام بصورة أضحت أشبه بالمزحة التي تحولت إلى حملة لقيادة فكر الخروج من الاتحاد". ويواصل الكاتب :«جونسون سياسي كبير ولديه شعبية واسعة لدى الرأي العام البريطاني وفي صفوف حزب المحافظين أيضًا، فبعد أن تزعم رسميًّا حملة دعاة الخروج من الاتحاد، منحها ثقلًا نوعيًّا، وهو ما أخفق فيه من قبله دعاة الخروج البارزين على غرار نايجل فراج وجورج غالوي». ووصف المعلق السياسي جيمس بلودورث عمدة لندن السابق قائلًا: "جونسون شخصية كاريزمية وله تأثير كبير.. وأعضاء حزب المحافظين يعرفون أن الفوز يكون دائمًا حليف بوريس، لكنه يلعب بشكل جيد للغاية على الوتر الإيديولوجي للحزب، وهو ما يعد مزيجًا نادرًا".