في الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن النمو في إفريقيا وصعودها نحو التقدم، نجدها تتعرض للصدمات من خارجها بشكل كبير ومُتوالٍ؛ حتى يصيبها الضعف، وتظل في طور الفقر والجوع والمعاناة كما هي. ومع ارتفاع الدولار أمام العملات الإفريقية ومشكلة الاقتصاد العالمية التي تتحكم بها الدول الكبرى انهارت أسعار السلع الأساسية الخاصة بالنمو بشكل حاد في العديد من البلدان، بالإضافة للمشكلات الداخلية، كزيادة حالات الجفاف والفيضانات المرتبطة بالتغير المناخي؛ مما يغذي انعدام الأمن الغذائي والتشرد والمرض. وقال موقع "بيزنس داي بي دي لايف" الجنوب إفريقي إن زيادة قدرة المنطقة على الصمود أمام الصدمات الخارجية يجب أن يكون لها الأولوية، وقد يتحقق ذلك من خلال التصنيع، والذي من شأنه خلق اقتصادات متنوعة وقوية، ويساعد هذا التقدم أيضًا في معالجة تحدي النمو، ومعالجة ارتفاع عدم المساواة وعدم وجود فرص عمل للشباب في القارة. وتحقيق هذا التحول يتطلب مراجعة جوهرية من الدول وسياساتها؛ لضمان تلبية الأولويات الصحيحة وتحقيق النتائج المرجوة، لكن الدقة والشمولية اللتين نفتقدهما يمكن أن تقوضا هذا التحول؛ بسبب نقص المهارات والقدرات. وتابع الموقع أن مؤسسة بناء القدرات الإفريقية تهدف إلى توفير هذه الخبرة، وعلى مدى السنوات ال 25 الماضية قامت المؤسسة بتدريب أكثر من 50 ألف شخص في تحليل سياسات الاقتصاد الكلي والإدارة المالية والإدارة العامة؛ وذلك بهدف تحسين مهارات صياغة السياسات وصنع القرار. والآن تقوم المؤسسة بتمديد عملها؛ لإغلاق فجوة المهارات في مجال العلوم والتكنولوجيا، وسد عجز قدره 4.3 مليون مهندس في جميع أنحاء القارة، والذي يعتبر بمثابة عقبة رئيسية أمام استمرار التقدم. وفقط من خلال الاستثمار في الرياضيات والعلوم والتكنولوجيا يمكن أن تخلق إفريقيا رأس المال البشري اللازم لبناء "إفريقيا النابضة بالحياة" والواردة في جدول أعمال الاتحاد الإفريقي 2063. والسؤال هنا: ما المطلوب لتخطي تلك التحديات أيضًا؟ أولًا يجب تركيز العزم على كيفية تسخير ثروة السلع في القارة بشكل أفضل؛ لكي تستجيب لتحديات تغير المناخ. وهذا يعني وضع قيود سياسية جادة لتسخير الموارد الطبيعية لخدمة القارة. أما القلق الفعلي فيتمثل بشكل خاص في"التركيز الضيق على الإنفاذ، وعدم القيام بعمل حيال القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والبيئية الأساسية، وغياب العمل الإقليمي والدولي السياسي القوي. ومنعت القيود التي فُرضت على القارة قدرة إفريقيا في كسب قيمة من ثرواتها الطبيعية، وساعدت في عدم اتزان الاقتصاد؛ لذا فالمطلوب هو مزيد من الاستثمارات على وجه السرعة؛ لبناء الخبرات اللازمة للتخفيف من تأثير تقلب أسعار السلع الأساسية على البلدان الإفريقية. كما أن تغير المناخ له تأثير مدمر على جميع أنحاء القارة، مما يجعل الاقتصادات الإفريقية بحاجة إلى زيادة وتيرة التصدي لهذا التحدي، خاصة وأن معظم الاقتصادات الإفريقية تعتمد على زراعة المحاصيل البعلية، التي هي عرضة للظروف الجوية القاسية للغاية. وحتى تعتمد القارة على نفسها دون انتظار الدعم الخارجي الذي في الغالب يكلف القارة نتيجة عكسية؛ سوف تقوم مؤسسة بناء القدرات الإفريقية على العمل بشكل وثيق مع الدول الإفريقية والمنظمات القارية؛ لتعزيز القدرات لجمع وتحليل البيانات بشأن تغير المناخ، ومعالجة هذه التحديات التي تحتاج إلى موارد إضافية. كما يجب منح الاهتمام لتطوير القدرة على تحسين تحصيل الضرائب وتعبئة المدخرات للاستثمار؛ لتشجيع مشاركة القطاع الخاص في التنمية ودعم ريادة الأعمال، وإعادة تقييم السياسة واعتماد أخرى فعالة، وهو ما لا يمكن بالطبع أن يتحقق بين عشية وضحاها؛ لأنها عملية طويلة الأجل تتطلب كثيرًا من التغيرات التي يتعين توافرها، بحيث يتم وضع السياسات التي تلبي طموحات القارة على مستوى الصعيدين الوطني والإقليمي.