في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية التمهيدية التي تجري في جميع الولايات، تبرز الأقليات ودورها في ترجيح كفة مرشح والمساهمة في صعوده إلى سدة الحكم، وكان المسلمون والعرب أبرز الأقليات المؤثرة في الانتخابات الرئاسية الماضية. تأثير المسلمين في الانتخابات الأمريكية عادة ما تمثل الانتخابات الرئاسية الأمريكية فرصة أمام المرشحين لاستمالة الأقليات والفوز بأصواتهم، حتى أن بعض الولايات تعد منعطفا مهما في الانتخابات الأمريكية بسبب تأثير الناخبين من الأقليات المختلفة، ففي عام 2012، أجمعت مراكز الأبحاث الأمريكية ومؤسسات استطلاعات الرأي علي تأثير المسلمين في نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية؛ حيث خلصت الدراسات المتخصصة في مجال توزيع أصوات الناخبين حينها إلي أن الصوت الإسلامي في الولاياتالمتحدة كان فاصلًا وحاسمًا لنتيجة الماراثون الرئاسي 2012 ومن ثم تحديد هوية الرجل الذي تطأ قدمه البيت الأبيض وترجيح كفة على أخرى. وشكل الناخبون المسلمون والعرب عاملًا مهمًا في ترجيح كفة بعض المرشحين، خاصة بولايات ميشيجان وأوهايو وفرجينيا وبنسلفانيا وفلوريدا، واستطاعوا إيصال أصواتهم من خلال أنشطتهم وحضورهم السياسي، بعد عداء الجمهوريين لهم، وهذا ما أكده تقرير صدر مؤخراً عن معهد "الدراسات الاجتماعية والتفاهم" الأمريكي، بأن الأقلية الإسلامية الأمريكية أصبحت تمثل لاعباً مهما في السياسة الانتخابية، وقد تلعب دوراً حاسماً في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في شهر نوفمبر 2016. كسب تعاطف الناخبين المسلمين من قبل الحزب الديمقراطي وفي سابقة أولى من نوعها، استخدم المرشح الديمقراطي، بيرني ساندرز، اللغة العربية في رسالته الانتخابية، وهو أمر لم يفعله أي مرشح آخر، ليظهر ساندرز بهذا التوجه أهمية أصوات العرب الأمريكيين بالأخص من الجيل الشاب الذي ينتمي له أغلبية مؤيديه. وتحاول المرشحة الأمريكية، هيلاري كلينتون، أيضا إثارة عاطفة المسلمين؛ من خلال حشدها للحصول على الأغلبية في الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكية؛ من خلال انتقادها لخطابات دونالد ترامب، مؤكده في ندوة سابقة لها أن اللغة التي يستخدمها المرشحون الجمهوريون تهين وتحط من قدر العديد من الناس، مضيفة أن المسلمين الأمريكيين أصبحوا اليوم مع أطفالهم هدفاً للإسلاموفوبيا والتهديدات، ولهذا لابد من قوانين تحمى المسلمين في أمريكا. وبحسب دراسة أجراها مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير) ومؤسسة ISPU، فإن 74% من المسلمين الأمريكيين سيصوتون في الانتخابات الرئاسية الأولية، و67% منهم سيصوتون للحزب الديمقراطي، وعقد اجتماع حضره 500 مسلم أمريكي لإعلان تجمع «أمريكيون مسلمون لأجل هيلاري» في إحدى الولاياتالأمريكية الكبرى. كما قرر فريق واسع من المسلمين دعم ساندرز؛ خاصة أنه صوت ضد قانون «الباترويت» وضد التنصت على المسلمين وضد غزو العراق وطالب بإنصاف الفلسطينيين ووقف الإنحياز لإسرائيل في الكونجرس. تحركات الحزب الجمهوري ودولاند ترامب للاستفادة من الإسلاموفوبيا ورغم تأثير الصوت الإسلامي في الانتخابات بولايات محددة، إلا أن مناهضتهم وتوجيه العنصرية ضدهم قد يكون مؤثرًا أيضًا في الانتخابات بولايات أخرى؛ بعد استغلال الحزب الجمهوري الإسلاموفوبيا، حيث ترتفغ وتيرة الكراهية والعداء للمسلمين والعرب في الانتخابات الرئاسية هذه السنة بشكل ملحوظ. وتظل الأصوات في الحزب الجمهوري والتصريحات المعادية للمسلمين والعرب مؤثرة بشكل سلبي، فدونالد ترامب بدلا من التوجه لكسب صوت الأقلية العربية المسلمة بخطابات إيجابية نحوهم، يتجه إلى طرق عكسية لكسب أصوات المناهضين للمسلمين والعرب من الأمريكيين. ترامب، الذي دعا إلي فرض حظر مؤقت علي دخول المسلمين إلي الولاياتالمتحدة لكسب أصوات المتطرفون الذين يدعمون الإسلاموفوبيا، لم يكن الأول من الجمهوريين الذين تبنوا خطابا انتخابيا عدائيا ضد الإسلام والمسلمين في محاولة لاستغلال تنامي الإسلاموفوبيا وتأجيج مشاعر الكراهية، ففي واقعة أخري ترجع إلي عام 1996، رفض مرشح مجلس الشيوخ الأمريكي وقتها عن ولاية نيوجرسي "ريتشارد زيمر" قبول دعم مسلمي الولاية له خلال انتخابات مجلس الشيوخ خوفاً من انتقادات اليهود، ومن ثم سحب المسلمون دعمهم له وأعلنوا عزمهم علي هزيمته بدعم خصمه "روبرت توريتشللي" الذي فاز بفارق بسيط. وطالما يرى الحزب الجمهوري أن تبني خطاب مناهض للمسلمين وانتقادهم خير طريقة لكسب الأصوات الانتخابية، لكن بالتجارب والدلائل في السنوات القليلة الماضية أثبتت هذه الاستراتيجية المعادية للإسلام التي كانت تنجح في الماضي فشلها، وتعد في الوقت الحالي مخاطرة؛ لأن أغلب الدراسات تشير إلي لعب المسلمين والعرب الأمريكيين دوراً مهماً في تحديد النتيجة النهائية، مثلما أثبتت انتخابات عام 2000 عندما جاءت ب«جورج بوش» إلي البيت الأبيض وهزمت المرشح الديمقراطي «آل جور» وكان العامل الأساسي لهذه النتيجة هم المسلمون.